توقيت القاهرة المحلي 10:38:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نفهم القرارات الاقتصادية الأخيرة؟

  مصر اليوم -

كيف نفهم القرارات الاقتصادية الأخيرة

بقلم - عماد الدين حسين

صباح يوم الأربعاء الماضى اتخذت الحكومة المصرية سلسلة من الإجراءات الاقتصادية المهمة وربما غير المسبوقة.
هى قررت تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية. وقررت فى اليوم نفسه رفع أسعار الفائدة بنسبة ٦٪.
وفى اليوم نفسه أعلنت الحكومة أنها وقعت اتفاقا مبدئيا مع خبراء صندوق النقد الدولى ما يمكنها زيادة حجم القرض إلى ٨ مليارات دولار يضاف إليها ١٫٢ مليار من صندوق الاستدامة وأكثر من عشرة مليارات دولار ستأتى تمويلات بشروط ميسرة من البنك الدولى والاتحاد الأوروبى وبعض البنوك والصناديق الكبرى.
ويضاف إلى ما سبق الصفقة التاريخية وغير المسبوقة التى وقعتها مصر أخيرا مع الإمارات فى رأس الحكمة بالساحل الشمالى وأتاحت لمصر الحصول على ٣٥ مليار دولارا منها ١١ مليارا يتم خصمها من الديون الخارجية المصرية كانت عبارة عن وديعة للإمارات فى البنك المركزى المصرى.
الخبراء يتوقعون أن يصل إجمالى هذه التدفقات الدولارية إلى أكثر من ٥٠ مليار دولار.
الحكومة المصرية لم تتخذ قرار تحرير صرف ورفع سعر الفائدة إلا بعد أن تأكدت من وجود أكبر قدر ممكن من الدولارات فى يدها، وبالتالى كان منطقيا من وجهة نظرها أن تترك سعر صرف الجنيه يخضع للعرض والطلب، حتى لو كان مدارا وليس كاملا ــ وهكذا فإنه فى اللحظة الأولى للتحرير فإن سعر الدولار قفز من ٣١ جنيها فى البنوك الرسمية إلى ٥٠ جنيها، قبل أن يبدأ فى الانخفاض التدريجى ليهبط تحت حاجة الخمسين جنيها.
لم يكن ممكنا أن تتخذ الحكومة المصرية هذا الإجراء الذى تطالب به مؤسسات التمويل الدولية خصوصا صندوق النقد الدولى وكذلك كبار رجال الأعمال والمستثمرين إلا حينما تتوافر لها هذه الحصيلة الدولارية، حتى تستطيع الدفاع عن الجنيه المصرى ودعمه فى سوق شديدة الصعوبة، ولا تتركه وحيدا يواجه مطالب وضغوطا وهجمات من أطراف كثيرة بعضها شرعى وبعضها مريب.
الطبيعى أنه حينما يذهب أى مستورد إلى البنوك المصرية ليحصل على الدولارات من أجل تمويل وارداته، يجد الدولار متوافرا بالسعر الرسمى المعلن. لكن السؤال هل البنوك ستوفر الدولار حتى لمستوردى السلع غير الضرورية؟
وإذا لم توفرها فمن أين سيحصل أصحابها على الدولار، وهل يتوجهون للسوق الموازية مرة أخرى؟
هذا سؤال سنحاول الإجابة عنه لاحقا، لكن المهم أن رئيس الوزراء وبتعليمات من رئيس الجمهورية بدأ يشرف بنفسه على الإفراج عن السلع الأساسية المحجوزة فى الموانئ بسبب عدم توافر العملات الصعبة. وقال مدبولى إن الدولة أفرجت عن سلع بنحو ٦٤٥ مليون دولار خلال ستة أيام فقط من مارس الحالى وهو أمر لم يكن متاحا بهذه الصورة من قبل.
إذا تمكنت الحكومة والبنك المركزى من تدبير ما يحتاجه كبار المستوردين للسلع ومستلزمات الإنتاج الرئيسية، فسوف تقضى على معظم السوق السوداء فى وقت لن يكون طويلا. وفى هذه الحال فإن التاجر الذى يستورد سلعة على أساس أن سعر الدولار أقل من خمسين جنيها فسوف يبيع هذه السلع بسعر معقول، وليس على أساس أن الدولار سعره ستون أو سبعون جنيها.
انتظام هذه الآلية سيجعل كل أو معظم من يخزن الدولار معه تحت البلاطة أو تحت أى شىء سوف يسعى للتخلص منه فورا وبالتالى يعود الدولار مجرد عملة تداول وليس سلعة أو بضاعة يتاجر فيها كل من هب ودب.
وإذا اكتملت هذه العملية وانتظمت واستمرت لأسابيع معدودة فإن غالبية المصريين الذين يعملون فى الخارج سيعودون لإرسال تحويلاتهم عبر البنوك الرسمية المصرية وليس عبر الطرق الالتفافية التى كثرت فى الشهور الماضية منذ أن كان سعر الدولار غير الرسمى يفوق سعره الرسمى بأكثر من الضعف.
استعادة الثقة مسألة فى منتهى الأهمية. وأظن أن الخطوة الأساسية قد تمت وهى توافر حصيلة غير مسبوقة من النقد الأجنبى فى أيدى البنك المركزى.
صحيح أن الاحتياجات كثيرة خصوصا لاستيراد السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج والافراج عن السلع الموجودة فى الموانئ وسداد مستحقات الشركاء الأجانب فى شركات البترول والغاز، وسداد ما هو مستحق من أقساط وفوائد الديون، ولكن رغم كل ذلك، فإن هذه الفرصة الاستثنائية لابد من استغلالها بأفضل صورة ممكنة حتى نقضى على جذور ومسببات الأزمة الاقتصادية وليس أعراضها فقط.
والسؤال: متى تنخفض الأسعار بحيث يلمسها المواطن العادى؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نفهم القرارات الاقتصادية الأخيرة كيف نفهم القرارات الاقتصادية الأخيرة



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon