بقلم - عماد الدين حسين
أحر التعازى للشعب الإيرانى فى الحادث المروع الذى أدى إلى مصرع الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وعدد آخر من المسئولين بتحطم الطائرة الهليكوبتر فى منطقة غابات جبلية قرب الحدود الإيرانية الأذربيجانية عصر أمس الأول الأحد.
فى السطور التالية بعض الانطباعات الأولية عن هذا الحادث الذى خيم على كل وسائل الإعلام فى المنطقة العربية والشرق الأوسط ووسط آسيا، والعديد من العواصم العالمية الكبرى بحكم ما لإيران من أهمية سياسية وبحكم تفاعلها الإيجابى والسلبى مع قضايا المنطقة.
الانطباع الأول: هو الفوضى والارتباك والتخبط فى المؤسسات الرسمية الإيرانية لساعات طويلة منذ أن تم الإعلان عن فقدان الاتصال بالطائرة وحتى التأكد من تحطمها ومصرع كل من عليها. كانت هناك أخبار كثيرة متناقضة بداية من هبوط اضطرارى للطائرة وأن الرئيس ومرافقيه بخير، مرورا بتوجيه الناس للصلاة والدعاء من أجل سلامة الرئيس ومن معه، وصولا إلى إعلان خبر التحطم والنهاية الأليمة.
كان يفترض أن تكون هناك جهة رسمية واحدة تتولى التعامل الإعلامى بشأن الحادث، ولا تعلن إلا ما هو حقائق، لا تزيف الواقع ولا تثير القلق، فالعالم ظل على أعصابه لساعات طويلة حتى تكشفت الحقائق.
الانطباع الثانى: هو التأخر النسبى فى وصول فرق وطواقم الإنقاذ إلى مكان الحادث.
قد يكون مفهوما ومقدرا أن الحادث وقع فى منطقة غابات جبلية وعرة، وفى ظل طقس مضطرب وعاصف وممطر، لكن ذلك يكشف عن انعدام كفاءة فى التعامل مع أزمات مشابهة.
الانطباع الثالث: أن الطائرة التى كان يستقلها الرئيس الإيرانى قديمة جدا وتعود لعام ١٩٦٨، ويرتبط بذلك عدم امتلاك دولة إقليمية كبرى مثل إيران لطائرة هليكوبتر تعمل ليلا، مما دعاها إلى الطلب من تركيا أن ترسل لها طائرة مجهزة، وهو ما حدث فعلا، ويبدو أن الطائرة التركية هى أول من حدد مكان الحادث، والوصول إلى الضحايا، طبقا للتقارير الإخبارية المتواترة والتسريبات التركية.
قد يرد البعض ويقول إن الحصار الأمريكى الشديد ضد إيران منذ ثورتها عام ١٩٧٩ قد أدى إلى صعوبات كثيرة فى صيانة ما لديها من طائرات ومعدات أو شراء طائرات جديدة، لكن الرد على هذا التبرير أن إيران تسرب أنها قريبة من إنتاج القنبلة النووية، فهل يستوى ذلك مع عدم امتلاك مروحيات بحث تعمل ليلا؟!.
الانطباع الرابع: وهو يرتبط بما سبقه، وهو ما مدى القدرة الإيرانية على مواجهة الأسلحة الإسرائيلية الحديثة فى حالة اندلاع مواجهة بينهما يراها البعض قريبة أو على الأقل محتملة، خصوصا أن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تدعم إسرائيل بكل ما تحتاجه من أسلحة ثقيلة.
الانطباع الخامس: هو حالة التعاطف الإنسانى الواسع من دول المنطقة وعدد كبير من دول العالم مع الشعب الإيرانى بمجرد إعلان خبر اختفاء الطائرة، وكان تصرفا حضاريا وإنسانيا جدا أن غالبية الدول العربية أعلنت تعاطفها مع الشعب الإيرانى وتمنت السلامة لركاب الطائرة، وحينما ظهرت الحقيقة فإن الجميع سارع إلى التعزية والمواساة والبعض أعلن الحداد، رغم الخلافات السياسية واسعة النطاق بين إيران وبعض هذه الدول.
الانطباع السادس: هو سريان العديد من التكهنات بشأن الكيفية التى تحطمت بها الطائرة، وهل ذلك بفعل الطقس السيئ أم تفجير وإسقاط متعمد، وحتى هذه اللحظة وإلى أن يكون هناك إعلان دليل دامغ على حقيقة ما حدث، فإنه يصعب تماما الجزم بالسبب الذى أدى إلى الحادث. وبالتالى تظل كل النظريات الخاصة بالحادث مجرد تكهنات وافتراضات أولية.
الانطباع السابع: هو أن منصب رئيس الجمهورية فى إيران يظل مهما جدا، لكنه ليس العامل الوحيد المؤثر فى السياسة الإيرانية، التى يتحكم فيها المرشد الأعلى للثورة. ورغم ذلك فإن الحادث قد يخلط العديد من الأوراق، فالرئيس الراحل كان أبرز المرشحين لخلافة المرشد على خامئنى ووزير الخارجية، أمير عبداللهيان كان مرشحا ليصبح الرئيس، والحادث يأتى فى وقت عصيب جدا، حيث تواجه إيران تهديدا إسرائيليا كبيرا مدعوما من الولايات المتحدة والغرب.
الطريقة التى ستتصرف بها طهران فى الفترة المقبلة واسم الرئيس المقبل ستلعب دورا مهما فى منطقة تتعرض لعواصف طبيعية وسياسية عاتية أحدها تسبب فى مقتل رئيسى وعبد اللهيان.