بقلم - عماد الدين حسين
يحسب للحوار الوطنى والقائمين عليه والمشاركين فيه وللدولة المصرية عموما هذه الحيوية التى بدأت تدب فى أوصاله وتخلق بالفعل «مساحات مشتركة» بين القوى السياسية وهو الشعار الذى يرفعه الحوار.
المقدمة السابقة خطرت فى ذهنى وأنا أتابع جلسة «الدين العام.. الإشكاليات والحلول» ظهر يوم الثلاثاء الماضى. وأظن أن هذه الجلسة التى شاركت فيها كل القوى السياسية المصرية، وتم نقل بعض وقائعها على الهواء ولم تكن بها أى خطوط حمراء.
ومن المهم أن يكون الرأى العام على بينة من حقيقة هذه المشكلة.
عبدالفتاح الجبالى المقرر العام المساعد للمحور الاقتصادى والكاتب المتخصص فى الشئون الاقتصادية قال إن إجمالى الدين العام الداخلى والخارجى بلغ ١١٣٪ من الناتج المحلى فى آخر يونيو.
وسمعت أيضا فى هذه الجلسة من مقرر الجلسة النائب طلعت خليل ومن العديد من المتحدثين الأرقام والبيانات الآتية:
الدين المحلى الآن وصل إلى ٦٫٨٦ تريليون جنيه مقابل ٦٫٣٥ تريليون فى الربع الأخير من عام ٢٠٢٢ حسب أحدث بيانات وزارات التخطيط. والدين الخارجى وصل إلى ١٦٥٫٣ مليار دولار بزيادة قدرها ٥٫١٪.
الدين المحلى الداخلى قفز بنسبة ١٠٩٪ بزيادة ٢٫٤٩٧ تريليون فى الفترة من ٢٠١٦ إلى ٢٠٢٢ أما الدين الخارجى فقفز بنسبة ٦١٤٪ ليصل إلى ٢٫٥٢٦ تريليون جنيه خلال نفس الفترة. حسب كلام خليل فإن هناك متأخرات للحكومة تبلع ٥٠٩ مليارات جنيه غير متنازع عليها، منها ٣٠٠ مليار جنيه للضرائب والنيابة والقضاء لهما ٩٢ مليار جنيه والضرائب العقارية ٢٧ مليار جنيه، لكن فى هذه النقطة فإن كثيرين أوضحوا أن هذا الرقم ربما يكون خادعا لأن هذه المتأخرات متنازع عليها وليس محسوما أحقيتها للحكومة، ومتنازع مع معظمها بين جهات حكومية وأندية، وديون مشكوك فى سدادها من جهات حكومية وبالتالى فالرقم غير واقعى طبقا لياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.
النائب محمد على عبدالحميد قال إن فوائد الديون تبلغ حوالى ١٤٪ من إجمالى الناتج المحلى، وهناك تقديرات بأن الديون غير المستغلة قد تصل إلى ٣٧ مليار دولار، والنائب أكمل نجاتى طالب بفتح ملف هذا الرقم للتأكد من حقيقته. أما مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة فقال إن إجمالى الديون الداخلية والخارجية بلغت حوالى ٩٫٤ تريليون جنيه بنسبة ٩٥٫٩٪ فى نهاية مارس الماضى من إجمالى الناتج القومى الذى يبلغ ٩٫٨ تريليون جنيه وبالطبع هذا أمر شديد الخطورة لأنه يعنى أن حجم ديوننا يساوى تقريبا حجم كل ما ننتجه.
أما د. رائد سلامة، الباحث الاقتصادى والمقرر المساعد للجنة التضخم وغلاء الأسعار، فقد تحدث عن الكليات والاستراتيجيات، وقال إن الديون العالمية بلغت ٣٠٥ تريليونات دولار منها ١٫١ تريليون على القارة الأفريقية و٧٧ تريليونا على الدول الكبرى.
النائب محمد فريد بمجلس الشيوخ قال إن نسبة الدين الخارجى إلى الصادرات السلعية بلغ ٢١٣٫٥٪ فى الربع الثانى من ٢٢ ــ ٢٣ حسب بيانات البنك المركزى فى نشرته فى مايو الماضى.
نسبة أعباء الدين المقرر سدادها إلى الإيرادات المتاحة «ضرائب ومنح وإيرادات أخرى» تبلغ ١١٣٪ وهى تبلغ ١٥٫٦٪ من حصيلة الضرائب والمصدر هو تقرير لجنة الخطة والموازنة للعام المالى ٢٣ ــ ٢٤ بمجلس النواب.
الدكتور مدحت نافع قال إن الدين الداخلى صعب لكنه أقل خطرا من الخارجى، وفى اليابان فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلى قفزت إلى ٢٤٠٪ وأمريكا أكبر دولة مدينة، لكنها فى النهاية دولة الاحتياط للدولار، وبالتالى فمن المهم قراءة الأرقام بصورة صحيحة.
ومن النقاط المهمة أيضا ما قاله عبدالفتاح الجبالى عن وجود خلط فى المفاهيم، موضحا أن مشكلة الدين الداخلى تختلف عن الخارجى، والدين المحلى منقسم إلى دين حكومى ودين للهيئات الاقتصادية، أما الدين الخارجى فهو مستحق على الحكومة وعلى البنك المركزى وعلى القطاع المصرفى المرتبط بالحكومة.
والنقطة المهمة أيضا أنه عند قياس حجم الدين بالناتج المحلى الإجمالى، فقد يكون الدين فى وضع غير سيئ لكن مؤشرات خدمة الدين فى وضع حرج، وبالتالى فالأهم قياسه للصادرات والاحتياطات العامة التى تحدد قدرة الدولة على خدمة الدين، مضيفا أن نسبة الدين المستخدم لتمويل العجز يبلغ ٩٠٪ وليس دينا لتمويل استثمارات تضيف طاقة إنتاجية للمجتمع.
ما سبق هى أرقام وبيانات ومعلومات مهمة جدا، لكن البعض قد لا يستطيع تفسيرها بصورة صحيحة، وبالتالى يصبح السؤال: إذا كان هذا الواقع فكيف يمكن الخروج منه أو على الأقل تقليل آثاره السلبية؟