توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهدف الإسرائيلى القادم.. تقسيم سوريا

  مصر اليوم -

الهدف الإسرائيلى القادم تقسيم سوريا

بقلم : عماد الدين حسين

«التفكير فى دولة سوريا واحدة مع سيطرة فعالة وسيادة على كل مساحتها أمر غير واقعى، والمنطق هو السعى لحكم ذاتى للأقليات فى سوريا وربما حكم فيدرالى».

‎الكلمات السابقة قالها جدعون ساعر، وزير خارجية إسرائيل، يوم الإثنين الماضى بعد ساعات من سقوط حكم الرئيس السورى بشار الأسد وهروبه إلى روسيا، بعد سيطرة الفصائل والميليشيات المعارضة والمتطرفة على معظم المدن الكبرى وبدء دخولها دمشق.

‎كلمات ساعر هى أخطر تصريحات لمسئول إسرائيلى وتكشف بوضوح ومن دون مواربة عن جوهر التفكير الإسرائيلى ليس فقط بشأن سوريا، ولكن لعموم المنطقة.

‎السؤال: ما معنى وما مدى خطورة التصريحات الإسرائيلية؟

‎المعنى واضح والخطورة ماثلة أن إسرائيل بكل ما تملكه من قوة، وبكل ما لديها من دعم أمريكى سافر سوف تسعى بكل الطرق إلى تطبيق ما تؤمن به على أرض الواقع.

‎المعنى أيضا أن هذا التفكير ليس وليد اللحظة، كما يظن بعض السذج، بل هو خطط موضوعة فى الأدراج الصهيونية منذ عقود وربما حتى ما هو أبعد من زرع إسرائيل فى المنطة عنوة عام 1948.

‎الأمر نفسه يشبه ما فعلته وتفعله إسرائيل فى الضفة وغزة، الخطة موضوعة وجاهزة، وحينما نفذت المقاومة الفلسطينية عملية «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر 2023، فإن نتنياهو وقادة جيشه أخرجوا الخطة المركونة فى الأدراج، وبدأوا فورا فى تنفيذها، ولم ينتبه معظمنا إلى ما قاله نتنياهو فى هذا اليوم وهو: «سوف تشاهدون غزة مختلفة تماما عما تعرفونها، ولن تعرفوا غزة السابقة أبدا» وللأسف الشديد فإن هذا ما حدث تقريبا، وما تزال إسرائيل حتى هذه اللحظة تنفذ إبادة جماعية شاملة فى غزة، ليس فقط بحق سكانها، ولكن بحق المبانى والمؤسسات والأشجار والشوارع، بهدف خلق واقع جغرافى جديد لا يجعل المنطقة خصوصا شمال القطاع صالحة للحياة، لسكانها الأصليين بل كمنطقة عازلة.

‎حتى جنوب لبنان الذى كان معظمنا لا يعتقد أن هناك أطماعا إسرائيلية توراتية فيها، سمعنا وقرأنا لمؤرخين إسرائيليين يزعمون أن هناك حقوقا توراتية فى بعض مناطق جنوب لبنان مثل صور.

‎ أعود إلى النظرة الإسرائيلية إلى سوريا وما الذى سيحاولون فعله هناك.

‎النقطة الجوهرية أنه حينما قامت إسرائيل بتدمير معظم قدرات الجيش السورى بعد سقوط بشار مباشرة، خصوصا المقاتلات والمروحيات والسفن والصواريخ، بل وحتى الأبحاث العلمية، فإنها كانت تمهد الطريق والمسرح لخلق واقع يقود إلى التقسيم الفعلى وليس المجازى. فهى حينما تتعمد تدمير هذه القدرات فإنها لم تكن تفعل ذلك فقط خوفا من وقوع هذه الأسلحة فى أيدى قوى وجماعات متطرفة كما زعمت، لأن هذه الأسلحة حتى وهى فى أيدى جيش الأسد لم يتم استخدامها ضد إسرائيل منذ فض الاشتباك عام 1974. إسرائيل كانت أساسا تريد إضعاف الدولة السورية سواء كانت تحت سيطرة الأسد أو هيئة تحرير الشام أو حتى داعش، هى تريد إضعاف الدولة السورية على المدى لسنوات وعقود طويلة، وبالتالى لا تتمكن أى سلطة من توحيد البلاد.

‎ثم تكون الخطوة التالية وهى تغذية الصراعات الطائفية والدينية والعرقية والمناطقية لتبدأ الخلافات ثم الصراعات ثم الحروب، كما حدث فى العراق ولبنان والصومال وليبيا والسودان واليمن.

‎علينا أن نربط هذا التفكير بما قاله نتنياهو على خط الهدنة فى الجولان بعد سقوط الأسد بأن بلاده ستسعى إلى حماية الأقليات فى سوريا، خصوصا المسيحيين والدروز والأكراد. إسرائيل ليس جمعية لحماية الأقليات، فهى تظلم بعض اليهود الفلاشا، وتضطهد العرب والبدو، لكنها فى الأساس تريد تشجيع أى انقسامات، لتضمن غرق سوريا فى مستنقع الصراعات والحروب إلى أطول وقت ممكن.

‎من كان يظن منا أن إسرائيل تسعى لتقسيم سوريا؟! معظمنا لم يفكر فى ذلك، بل انشغل بمشروعات تقسيم سابقة فى لبنان والعراق والآن فى السودان وليبيا. لكن تقسيم سوريا إذا تم لا قدر الله سيكون ضربة فى قلب الوطن العربى.

‎السؤال إلى الذين صدعوا رءوسنا بأن أمريكا والغرب وإسرائيل لا يريدون تقسيم المنطقة خوفا من الفوضى وهجرات أبناءها إلى أوروبا والغرب: هل اكتشفتم خطأ تحليلكم، وهل آمنتم أن فكرة وجود إسرائيل نفسها ككيان غاصب لا يمكن أن تستمر وتقوى من دون إضعاف كل المنطقة سواء كانت معتدلة أو متشددة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهدف الإسرائيلى القادم تقسيم سوريا الهدف الإسرائيلى القادم تقسيم سوريا



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon