بقلم - عماد الدين حسين
هل محاولات تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية حقيقة أم مجرد أوهام وتخيلات ومخاوف فى عقول المصريين كما يدعى البعض بما فيهم مصريون للأسف؟!
قبل العدوان الإسرائيلى البربرى على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الحالى عقب عملية «طوفان الأقصى»، كان الكثير منا يتعامل مع فكرة الوطن البديل للفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم وتصفية قضيتهم للأبد، على أساس أنها مجرد شكوك وهواجس، موجودة فقط فى عقول أصحاب نظرية المؤامرة العرب، وبعض غلاة المتطرفين الصهاينة فى إسرائيل.
لكن وفى اليوم التالى للعدوان الإسرائيلى سمعنا وشاهدنا أكثر من مسئول إسرائيلى وأحدهم كان الناطق باسم جيش الاحتلال يقول لأهالى غزة خصوصا قطاع الشمال: «فروا إلى الجنوب إلى مصر حتى تنقذوا أرواحكم».
وسمعنا أيضا أكثر من مسئول إسرائيلى حالى وسابق يستعجبون لماذا لا تقبل مصر استقبال الفلسطينيين رغم أن إجمالى عددهم فى غزة يساوى تقريبا عدد المواليد الجدد المصريين سنويا؟!
وبعض هؤلاء تبجح قائلا: إذا قبلت مصر استقبال المهجرين فسوف نساعدها على إسقاط كل ديونها الدولارية! وكأن مصر تبيع سيادتها وكرامتها وأمنها واستقرارها مقابل هذه الديون؟!
لكن التقرير الإسرائيلى الأول فى هذا المجال هو التقرير الذى بثته القناة السابعة للتليفزيون الإسرائيلى وأعده مراسلها تساحى ليفى يوم ٢٠ أكتوبر الحالى.
وسأحاول أن أعرض فقرات كاملة من هذا التقرير المسىء حتى يعرف المصريون والعرب كيف تنظر لنا إسرائيل!
يقول ليفى فى التقرير، إن هناك معركة دبلوماسية حامية الوطيس بين إسرائيل ومصر وستقرر مستقبل غزة والحرب فى المنطقة. وجوهرها هل ستنجح إسرائيل فى رمى سكان غزة فى سيناء مقابل سلسلة من المزايا الاقتصادية أم تنجح مصر فى منع ذلك؟!!
هو يقول: «المصريون يرفضون فتح المعبر حتى أمام سكان غزة من مواطنى الدول الأجنبية، ويطالبون فى المقابل بإدخال مساعدات مدنية لمنع حدوث أزمة إنسانية وموجة من اللاجئين التى تخشاها مصر».
وتابع: «أمامنا (معركة دجاج) دبلوماسية، يمكن للفائز فيها أن يقرر الحرب بأكملها».
وأضاف: «فى ضوء هذا الاستنتاج فإن إعادة توطين سكان قطاع غزة فى مصر يجب أن يصبح هدفا سياسيا لإسرائيل.
ويزعم هذا المراسل كاذبا: «إن هذا هو الحل الأكثر إنسانية بالنسبة لإسرائيل أو بالنسبة لسكان غزة، الذين يريد معظمهم الهجرة من القطاع هربا من سجن حماس.
ويسال ليفى متغابيا: «لماذا تقاوم مصر هذا الاقتراح؟»، مجيبا: «بالنسبة للمصريين، خسارة القطاع هى مشكلة استراتيجية. بالنسبة لمصر، لأن مصر من وجهة نظره تعتبر غزة موقعا متقدما يشتبك مع قوات الجيش الإسرائيلى فى الجنوب، ويزعج إسرائيل ويمنعها من تعزيز قوتها.
يضيف ليفى أن مصر تواصل تعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية وتشيد البنية التحتية والأنفاق فى سيناء. وهو ما يعنى أنها تعتبر إسرائيل التهديد الرئيسى، لمصر رغم اتفاق السلام.
وحول كيفية نقل سكان غزة لمصر، قال ليفى: «يجب على إسرائيل استغلال الأزمة الاقتصادية الحادة فى مصر لصالح تقديم المساعدات الدولية لها مقابل استيعاب سكان غزة. ويفصل فى الأمر بقوله: «فى المرحلة الأولى، تحتاج إسرائيل إلى زيادة الضغط الإنسانى على قطاع غزة حتى يتمكن فى نهاية المطاف مئات الآلاف من الجياع والعطشى من سكانه من عبور معبر رفح».
وتابع: «فى المرحلة الثانية، عندما تواجه مصر الحقيقة النهائية المتمثلة فى تدفق اللاجئين إلى أراضيها، يوصى بأن تقوم إسرائيل والولايات المتحدة بتنظيم المجتمع الدولى، والأونروا، وصندوق النقد الدولى، لتدفق المساعدات الاقتصادية إلى مصر، وتمكين استيعاب بعض الغزيين فى مصر».
ويزعم كاذبا: «إن النجاح فى التهجير سيختصر الحرب وبالتالى يقلل من خطر فتح المزيد من الجبهات».
واختتم تقريره قائلا: «فى الشرق الأوسط، لا تتم الأعمال إلا مع الأقوياء، ويتعين على إسرائيل أن تغتنم الفرصة لاستعراض القوة، فى حين تعمل على تغيير الشرق الأوسط لأجيال عديدة».
انتهى كلام المراسل الإسرائيلى ومن المهم الإشارة إلى أن ما يقوله هذا الكذاب ليس فرديا بل يعبر عن مزاج إسرائيلى عام، بل عن خطط موجودة فى الأدراج منذ عقود وتنتظر فقط الظروف المناسبة للتنفيذ، وقد رأينا مراكز أبحاث إسرائيلية وغربية تدرس الموضوع وتروج له.
والسؤال: كيف نتعامل مع هذه المخططات بالطريقة المناسبة؟. هذا سؤال يحتاج إلى نقاش معمق على جميع المستويات.