توقيت القاهرة المحلي 13:23:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضمير الإنسانى.. مات فى غزة

  مصر اليوم -

الضمير الإنسانى مات فى غزة

بقلم - عماد الدين حسين

هل هناك بالفعل ما يسمى بالضمير الإنسانى؟ وإذا كان هذا الضمير موجودا، فما الذى حدث له، بحيث إنه يرى هذه المجازر المتتالية فى قطاع غزة، ولا يجرؤ على اتخاذ خطوات فعالة وعملية لوقف جريمة الإبادة الجماعية التى تتم تحت مسمع ومرأى الجميع، وبدعم كامل من الإدارة الأمريكية؟.
أوجه هذا السؤال بعد أن بدأ عدد كبير منا، بما فينا نحن العرب نتابع عملية تدمير غزة وقتل وتشريد سكانها باعتبارها مجرد عدد من الضحايا يتزايد كل يوم، وكأننا نتابع نتيجة مسابقة رياضية، وليس عملية إبادة شعب بالكامل.
معظمنا كان يعتقد أن هناك ما يسمى بالمجتمع الدولى أو القانون الدولى، مضافا إليه صفة الإنسانى، وأن قوانين ومدونات حقوق الإنسان تمنع أى دولة كائنة من كانت من التمادى فى العدوان، وأن هناك حدودا لا ينبغى لأى دولة تجاوزها مهما كانت قوتها وعنفوانها وبطشها.
لكن العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة منذ ظهر السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن، يقول لنا إن كل ما كنا نعتقد أنه بديهيات لم يعد كذلك، وأن البطش الإسرائيلى مفتوح على مصراعيه وبلا حدود، وقد لا يمكن استبعاد استخدام إسرائيل للقنبلة النووية إذا شعرت فعلا بأنها قد تهزم أو لا تحقق الأهداف المستحيلة التى ترفعها منذ اليوم الأول للعدوان وهو ما ألمح إليه بالفعل وزير التراث الإسرائيلى اميحاى الياهو.
من بين الدروس المستفادة الكثيرة من هذا العدوان أنه أقنع الجميع بما لا يدع مجالا لشك أنه لا يوجد ما يسمى بالقانون الدولى، هو أمر تستخدمه الدول القوية حينما يناسبها فقط، وترميه فى سلال المهملات حينما يتعارض مع مصالحها وأهدافها وانحيازاتها. فإذا قتلت إسرائيل ٢٢ ألف فلسطينى وأصابت ٥٥ ألفا معظمهم من الأطفال والنساء وهدمت نصف مساكن غزة وحولت أكثر من نصف سكانها إلى نازحين، وتهددهم بالتهجير من بلدهم، فهذا فى عرف الدول الكبرى دفاع إسرائيلى عن النفس، رغم أنها الدول القائمة بالاحتلال للضفة والحصار لغزة.
لكن إذا قامت أى قوة عربية بمساندة الشعب الفلسطينى، حتى لو كان ذلك بصورة شكلية، فهو انتهاك للقانون الدولى ينبغى تكوين تحالفات دولية للتصدى له.
من بين الدروس الأساسية التى ستصل للجميع، أن قانون القوة أو الغابة هو السائد والبقاء للأقوى، وبالتالى فإن ذلك سيرسل رسالة واضحة للجميع بأنه من دون القوة فلن تحصل على حقوقها، أما الأخطر فإنه سيعطى حججا للتنظيمات العنيفة والمتطرفة العالمية للاحتكام للسلاح والعنف لتحقيق أهدافها.
من الذى سيلوم أى فلسطينى من الانتقام من إسرائيل أو أى دولة ساندتها فى العدوان خصوصا المواطن الذى رأى أسرته تقتل أمام عينه تحت حطام بيته، أو داخل مسجد أو مستشفى أو كنيسة أو مؤسسة دولية احتموا بها فى غزة هربا من القصف الإسرائيلى المستمر.
سيكون من نتائج العدوان الإسرائيلى زيادة العمليات العنيفة والمتطرفة فى كل مكان ليس فقط فى إسرائيل ولكن فى عموم المنطقة، بل ومدن عالمية كبرى انتقاما من «الهولوكست الإسرائيلى» بحق أبناء غزة.
لا أحد بطبيعة الحال يقبل العنف والإرهاب أو يقره، لكن لا أحد عاقلا يقبل أيضا هذه المجازر الصهيونية المتتالية والتى لن تؤدى إلا لمزيد من التطرف للانتقام والحصول على حق الشعب الفلسطينى فى حريته وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
مات الضمير الإنسانى إلا ما ندر حينما بررت الدول الكبرى لإسرائيل أن تقتل الشعب الفلسطينى بلا هوادة أو رحمة أو منطق أو تناسب.
مات هذا الضمير حينما استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ثلاث مرات فى مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النار، وبالتالى فهى شريك كامل ومتضامن فى هذا العدوان الأكثر وحشية فى التاريخ الإنسانى المكتوب.
مات الضمير الإنسانى وسقطت الحضارة الغربية، حينما ثبت كذب كل ما تقوله عن الحريات وحقوق الإنسان والقوانين الدولية، وحينما منعت وعاقبت كل من حاول أن يعبر عن رأيه رفضا لجريمة إبادة سكان غزة وقمع سكان الضفة.
العدوان الإسرائيلى، أسقط كل الأقنعة الذائفة التى رفعتها أوروبا وأمريكا عن العدل والحريات وحقوق الإنسان، وكشف خرافة إسرائيل باعتبارها واحة الديمقراطية والحرية فى المنطقة، وأنها مجرد مسخ عنصرى فاشٍ ينظر إلى كل «الأغيار» باعتبارهم عبيدا وخدما له.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضمير الإنسانى مات فى غزة الضمير الإنسانى مات فى غزة



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو

GMT 20:12 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

أجييري يؤكد أن علاقته مع محمد صلاح "استثنائية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon