توقيت القاهرة المحلي 11:24:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضمير الإنسانى.. مات فى غزة

  مصر اليوم -

الضمير الإنسانى مات فى غزة

بقلم - عماد الدين حسين

هل هناك بالفعل ما يسمى بالضمير الإنسانى؟ وإذا كان هذا الضمير موجودا، فما الذى حدث له، بحيث إنه يرى هذه المجازر المتتالية فى قطاع غزة، ولا يجرؤ على اتخاذ خطوات فعالة وعملية لوقف جريمة الإبادة الجماعية التى تتم تحت مسمع ومرأى الجميع، وبدعم كامل من الإدارة الأمريكية؟.
أوجه هذا السؤال بعد أن بدأ عدد كبير منا، بما فينا نحن العرب نتابع عملية تدمير غزة وقتل وتشريد سكانها باعتبارها مجرد عدد من الضحايا يتزايد كل يوم، وكأننا نتابع نتيجة مسابقة رياضية، وليس عملية إبادة شعب بالكامل.
معظمنا كان يعتقد أن هناك ما يسمى بالمجتمع الدولى أو القانون الدولى، مضافا إليه صفة الإنسانى، وأن قوانين ومدونات حقوق الإنسان تمنع أى دولة كائنة من كانت من التمادى فى العدوان، وأن هناك حدودا لا ينبغى لأى دولة تجاوزها مهما كانت قوتها وعنفوانها وبطشها.
لكن العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة منذ ظهر السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن، يقول لنا إن كل ما كنا نعتقد أنه بديهيات لم يعد كذلك، وأن البطش الإسرائيلى مفتوح على مصراعيه وبلا حدود، وقد لا يمكن استبعاد استخدام إسرائيل للقنبلة النووية إذا شعرت فعلا بأنها قد تهزم أو لا تحقق الأهداف المستحيلة التى ترفعها منذ اليوم الأول للعدوان وهو ما ألمح إليه بالفعل وزير التراث الإسرائيلى اميحاى الياهو.
من بين الدروس المستفادة الكثيرة من هذا العدوان أنه أقنع الجميع بما لا يدع مجالا لشك أنه لا يوجد ما يسمى بالقانون الدولى، هو أمر تستخدمه الدول القوية حينما يناسبها فقط، وترميه فى سلال المهملات حينما يتعارض مع مصالحها وأهدافها وانحيازاتها. فإذا قتلت إسرائيل ٢٢ ألف فلسطينى وأصابت ٥٥ ألفا معظمهم من الأطفال والنساء وهدمت نصف مساكن غزة وحولت أكثر من نصف سكانها إلى نازحين، وتهددهم بالتهجير من بلدهم، فهذا فى عرف الدول الكبرى دفاع إسرائيلى عن النفس، رغم أنها الدول القائمة بالاحتلال للضفة والحصار لغزة.
لكن إذا قامت أى قوة عربية بمساندة الشعب الفلسطينى، حتى لو كان ذلك بصورة شكلية، فهو انتهاك للقانون الدولى ينبغى تكوين تحالفات دولية للتصدى له.
من بين الدروس الأساسية التى ستصل للجميع، أن قانون القوة أو الغابة هو السائد والبقاء للأقوى، وبالتالى فإن ذلك سيرسل رسالة واضحة للجميع بأنه من دون القوة فلن تحصل على حقوقها، أما الأخطر فإنه سيعطى حججا للتنظيمات العنيفة والمتطرفة العالمية للاحتكام للسلاح والعنف لتحقيق أهدافها.
من الذى سيلوم أى فلسطينى من الانتقام من إسرائيل أو أى دولة ساندتها فى العدوان خصوصا المواطن الذى رأى أسرته تقتل أمام عينه تحت حطام بيته، أو داخل مسجد أو مستشفى أو كنيسة أو مؤسسة دولية احتموا بها فى غزة هربا من القصف الإسرائيلى المستمر.
سيكون من نتائج العدوان الإسرائيلى زيادة العمليات العنيفة والمتطرفة فى كل مكان ليس فقط فى إسرائيل ولكن فى عموم المنطقة، بل ومدن عالمية كبرى انتقاما من «الهولوكست الإسرائيلى» بحق أبناء غزة.
لا أحد بطبيعة الحال يقبل العنف والإرهاب أو يقره، لكن لا أحد عاقلا يقبل أيضا هذه المجازر الصهيونية المتتالية والتى لن تؤدى إلا لمزيد من التطرف للانتقام والحصول على حق الشعب الفلسطينى فى حريته وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
مات الضمير الإنسانى إلا ما ندر حينما بررت الدول الكبرى لإسرائيل أن تقتل الشعب الفلسطينى بلا هوادة أو رحمة أو منطق أو تناسب.
مات هذا الضمير حينما استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ثلاث مرات فى مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النار، وبالتالى فهى شريك كامل ومتضامن فى هذا العدوان الأكثر وحشية فى التاريخ الإنسانى المكتوب.
مات الضمير الإنسانى وسقطت الحضارة الغربية، حينما ثبت كذب كل ما تقوله عن الحريات وحقوق الإنسان والقوانين الدولية، وحينما منعت وعاقبت كل من حاول أن يعبر عن رأيه رفضا لجريمة إبادة سكان غزة وقمع سكان الضفة.
العدوان الإسرائيلى، أسقط كل الأقنعة الذائفة التى رفعتها أوروبا وأمريكا عن العدل والحريات وحقوق الإنسان، وكشف خرافة إسرائيل باعتبارها واحة الديمقراطية والحرية فى المنطقة، وأنها مجرد مسخ عنصرى فاشٍ ينظر إلى كل «الأغيار» باعتبارهم عبيدا وخدما له.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضمير الإنسانى مات فى غزة الضمير الإنسانى مات فى غزة



GMT 08:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 07:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 07:01 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 07:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 06:59 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 06:58 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 06:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 06:55 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 10:52 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان
  مصر اليوم - محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا

GMT 21:55 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نشوب حريق هائل داخل محل تجاري في العمرانية

GMT 00:40 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد إمام يفتخر بحضارة مصر الفرعونية في باريس

GMT 23:15 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الزمالك يحيي ذكرى رحيل «زامورا» «سنظل نتذكرك دائما»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon