توقيت القاهرة المحلي 12:48:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نتعامل مع أوروبا؟

  مصر اليوم -

كيف نتعامل مع أوروبا

بقلم - عماد الدين حسين

واحدة من أسوأ طرق التفكير فى مصر والعديد من الدول العربية فى التعامل مع الدول والقوى والمنظمات العالمية هى منطق الأبيض أو الأسود من دون التفكير أن كل القضايا والرؤى قد تحتمل وجود ألوان متدرجة كثيرة ورمادية.
هذا الحكم أو المعيار الغريب هو الذى يدمغ نظرة عدد كبير من المصريين تجاه الاتحاد الأوروبى، الأمر الذى يجعلنا نقع فى أحكام غير صائبة وبالتالى نخسر الكثير من الأوراق والفرص.
فى الأسبوع قبل الماضى قضيت خمسة أيام فى بروكسل عاصمة بلجيكا والمقر الرئيسى للاتحاد الأوروبى لحضور اجتماع لجنة الشراكة المصرية الأوروبية، واللقاء مع الكثيرين من المسئولين فى إدارات الاتحاد خصوصا ذات الصلة بمصر وفلسطين.
معظمنا يفترض أن الاتحاد الأوروبى سيتخذ موقفا موحدا وسريعا ضد إسرائيل ويتضامن مع الفلسطينيين فى غزة والضفة.
معظمنا يتوقع أن الاتحاد الأوروبى ينبغى أن يقدم لمصر كل المساعدات الاقتصادية المطلوبة والعاجلة حتى يتعافى اقتصادها.
لكن الحقيقة أن معظمنا لا يدرك وربما لا يعرف من الأساس أن الأمور ليست بهذه السهولة، وأن هناك تعقيدات كثيرة ينبغى أن نفهمها حتى لا نغرق دائما فى بحور من الأوهام.
أولى هذه الحقائق هى أنه لا توجد أوروبا واحدة وموحدة فى معظم القضايا. هناك ٢٧ دولة عضوة فى الاتحاد الأوروبى وبالتالى هناك احتمال لوجود ٢٧ وجهة نظر أو أقل قليلا فى معظم القضايا.
مثلا إذا كانت هناك وجهات نظر مختلفة داخل الاتحاد بشأن التعامل مع الأزمة الأوكرانية وكذلك داخل حلف الأطلنطى ــ وهى أزمة وجودية ــ أليس من الطبيعى أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة بشأن العلاقة مع مصر والموقف من الصراع العربى الإسرائيلى؟!
ثانيا: اتخاذ القرارات الأساسية داخل الاتحاد الأوروبى يتميز بالبطء، وهو راجع بالأساس إلى وجود آراء مختلفة للدول الأعضاء، وبالتالى فإن ذلك يقود إلى عدم اتخاذ قرار سريع أولا، وغير كاف ومقنع للآخرين.
ثالثا: وإذا فهمنا هذا العامل جيدا سندرك فورا لماذا تتأخر اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد وبعض الدول، ولماذا لا يقدم الاتحاد ما تطلبه هذه الدول، ولماذا يحدث التردد والبطء فى مواجهة قضايا نظن نحن المصريين والعرب أنه ينبغى أن يكون هناك قرار سريع بشأنها.
من المهم أيضا أن يكون لدينا إدراك كافٍ لكيفية التعامل مع الاتحاد الأوروبى، وآليات عمله، وآليات اتخاذ القرار، ومن هى القوى والدول المؤثرة داخله.
معرفة ذلك توفر الوقت والجهد والمال، وبالتالى فإن الاعتقاد بأن الاتحاد سوف يقف بجانبك سواء فى قضية سياسية أو اقتصادية لمجرد أنك تعتقد أنك على حق فذلك وهم كبير ستدفع ثمنه باهظا.
من المهم أيضا أن يكون الطرف الذى يتعامل مع الاتحاد الأوروبى يتميز بالكفاءة، والقدرة على اقناع الأوروبيين بأن هذا الاتفاق أو ذاك يصب أيضا فى مصلحة الأوروبين، وليس لأسباب عاطفية كما هو موجود فى العقلية العربية والشرقية. الغرب يحسب الأمور طبقا لمصالحه، وما الذى سوف تحصل عليه أو تخسره أو تربحه من وراء هذا الاتفاق أو الشراكة أو أى علاقة عموما.
وخلال الزيارة الأخيرة أدركت مدى كفاءة سفيرنا فى بروكسل الدكتور بدر عبدالعاطى فى التواصل والتفاهم مع الأوروبيين بحكم أنه ليس فقط سفيرنا فى بروكسل، بل لدى الاتحاد الأوروبى ولوكسمبرج وحلف شمال الأطلنطى.
الاتحاد الأوروبى ليس جمعية خيرية لتوزيع المساعدات الإنسانية ولكنه يريد أن يحقق ويعظم مصالحه حينما يتعاون مع هذه الدولة أو تلك.
هناك مثلا برامج تعاون كثيرة قد لا يدركها كثير من الدول داخل الاتحاد ويمكن من خلالها الحصول على منح ومساعدات وحتى قروض بشروط ميسرة جدا ليس فقط للحكومة ولكن أيضا للقطاع الخاص، وكلما كان هناك إدراك وفهم لوجود هذه البرامج ومرونة الدخول إليها والتعامل معها حصلت العديد من الدول على ميزات كثيرة. وأظن أن المغرب نموذج ممتاز فى هذه الآلية حيث تمكن اقتصادها من الحصول على منافع كثيرة من خلال فهمه العميق لآليات التعاون مع أوروبا. وأظن أن مصر فى طريقها لتحقيق ذلك فى الفترة المقبلة.
قضية كيفية التعامل مع أوروبا مهمة جدا وليست سهلة، وتحتاج للكثير من الجهود والفهم والإدراك والتسلح بمهارات معينة خصوصا فى التفاوض والتواصل حتى نستطيع أن نستفيد من العلاقة معهم خصوصا أنهم يحققون العديد من المنافع الاستراتيجية من التعامل معنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نتعامل مع أوروبا كيف نتعامل مع أوروبا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو

GMT 20:12 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

أجييري يؤكد أن علاقته مع محمد صلاح "استثنائية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon