توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مع الميليشيات.. لا يوجد مستقبل!

  مصر اليوم -

مع الميليشيات لا يوجد مستقبل

بقلم - عماد الدين حسين

قولا واحدا لا يمكن الحديث عن استقرار أية دولة بالعالم وتقدمها أو توقع وتمنى وجود ديمقراطية وتعددية فيها، إذا لم يكن بها جيش وطنى موحد تحت قيادة واحدة خاضعة للقانون والدستور والقيادة السياسية والمدنية للدولة.

ما يحدث فى المنطقة العربية خصوصا منذ ثورات الربيع العربى عام ٢٠١١، يؤكد بوضوح أن كل التجارب لاستنساخ جيوش خاصة مصغرة تنتهى إلى كارثة محققة.

البدايات تكون دائما براقة وعاطفية، ونعرف أن المبرر السهل دائما لاستنساخ هذه الجيوش المنافسة هو التصدى لإسرائيل، ورأينا العديد من النماذج التى قالت إنها تأسست فقط لمواجهة العدو الحقيقى ثم نكتشف فى النهاية تحول هذا السلاح وتلك الميليشيات إلى التدخل فى الشئون الداخلية للدولة. ومحاولة التأثير على سياساتها لمصلحة هذه الميليشيا أو من يمولها.

وقد رأينا مثلا فى مصر جماعة إرهابية تطلق على نفسها «أنصار بيت المقدس»، والغريب أنها لم تطلق رصاصة واحدة لتخليص بيت المقدس من الاحتلال الصهيونى فى حين وجهت كل رصاصاتها وأسلحتها الغادرة باتجاه صدور جنود وضباط الشرطة والجيش والعديد من المواطنين المصريين الأبرياء.

الخطأ الأكبر يكون دائما بالسماح بنشأة هذه الميليشيات حتى لو كانت المبررات منطقية وموضوعية وقتها.

ونتذكر أن «الحشد الشعبى» فى العراق لعب دورا مهما فى مساعدة الجيش العراقى فى التصدى لإرهاب تنظيم داعش حينما استولى على حوالى نصف البلاد تقريبا منتصف عام ٢٠١٤، لكن وبعد دحر داعش وبقية التنظيمات الإرهابية، لم يتفكك هذا التنظيم وصار يحاول فرض وصايته على الدولة والمجتمع.

وفى ليبيا رأينا الميليشيات فى بدايات الصراع ضد نظام معمر القذافى، لكن وبعد سقوط هذا النظام نهاية عام ٢٠١١، لم تتفكك هذه الميليشيات وتندمج فى الجيش، بل رأيناها تتحول لشوكة فى ظهر ليبيا، وتؤثر فى مجريات السياسة الليبية، والأخطر أن مصالحها الفئوية العنيفة صارت تتقاطع مع المصالح العليا للشعب الليبى، وبعضها يتآمر على ليبيا مع قوى وأجهزة ودول أجنبية.

وبالطبع غنى عن القول التجربة الصومالية، وقبلها التجربة اللبنانية، وبينهما المأساة الأفغانية.
كل هذه التجارب السابقة واللاحقة، تقول إنه فى اللحظة التى تتكون فيها الميليشيات، وتزيد أدوارها وصلاحياتها ونفوذها وسلطتها يكون ذلك خصما بالضرورة من الدولة، وليس دعما لها.

نتذكر أن أول ما فعله الاحتلال الأمريكى للعراق عام ٢٠٠٣ هو حل الجيش العراقى، وكان ذلك أحد الأسباب الأساسية لظهور تنظيمات متطرفة كان عمادها الأساسى هو بعض أفراد هذا الجيش مما قوى شوكتها، وجعلها تسيطر على مناطق واسعة قادت تلاحقا لنشأة الحشد الشعبى كى يتصدى لها!!.

وبطبيعة الحال فإن الصدام يكون آتيا لا محالة بين الطرفين، وكل طرف سيزعم أنه البرىء وأنه لم يطلق الرصاصة الأولى. المشكلة الحقيقية تتركز فى أن الميليشيات وقادتها لا يريدون أن يعودوا مجرد أفراد فى الجيش الأكبر، بل استمرار السيطرة على المناصب والمكاسب والمميزات والفوائد والسلطة التى حصلوا عليها، وبالتالى لا يمانعون أن يدمروا بلدهم بالكامل إذا كان ذلك ضروريا لاستمرار هيمنتهم.

وحينما يحدث الصدام فإن الدولة تتحول إلى نموذج للدولة الفاشلة الهشة، وتصبح عرضة لتدخل كل القوى الإقليمية والدولية، التى غالبا ما تزيد الصراع اشتعالا بسبب مطامعها المتناقضة داخل هذا البلد أو ذاك.

ونتذكر أيضا أن جماعة الإخوان أعلنت أنها وعلى لسان أحد قادتها وهو صلاح سلطان عن النية لتأسيس «جيش القدس» لمواجهة إسرائيل خلال عام حكم الإخوان، «يونية ٢٠١٢ يونية ٢٠١٣»، ولولا ثورة ٣٠ يونية لربما دخلت مصر مثل هذه المصيدة الجهنمية. كما نتذكر أن أحد قادة «الجماعة الإسلامية» أعلن فى نفس الفترة أنه ينبغى تأسيس شرطة موازية.

حينما يحدث كل ذلك وتأتى لحظة الصدام المحتومة فإنه لا يكون هناك طرف منتصر وآخر مهزوم. الكل خاسرون والكاسب الوحيد هو أعداء هذا البلد وأولهم إسرائيل.

والشعب يجد نفسه مقسما بين هذا وذاك. والرؤى تكون غائمة وغير واضحة، خصوصا حينما يزعم كل طرف أنه فى جانب الحق والخير ولا يريد الاعتراف بأن أصل الصراع يدور حول مكاسب ومناصب ومطامع شخصية وفئوية وطائفية وعرقية وليست وطنية أو قومية.

حفظ الله الأمة العربية من كل سوء، وحفظ الله السودان وشعبه وأرضه وجيشه وكل مكوناته. وقاتل الله كل الميليشيات وقادتها، فهم أحد أسباب نكبة هذه الأمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الميليشيات لا يوجد مستقبل مع الميليشيات لا يوجد مستقبل



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon