توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مغزى إجلاء الرعايا الأجانب من السودان

  مصر اليوم -

مغزى إجلاء الرعايا الأجانب من السودان

بقلم - عماد الدين حسين

ما الذى يعنيه اندفاع غالبية بلدان العالم خصوصا الكبرى إقليميا ودوليا إلى التسريع بإجلاء رعاياها ودبلوماسييها من السودان بعد انطلاق الصراع المسلح بين الجيش السودانى وميليشيات قوات الدعم السريع منذ يوم السبت قبل الماضى؟
المعانى كثيرة، لكن فى مقدمتها أن هناك قناعة دولية بأن الحرب لن تنتهى قريبا، بل هى قابلة للتوسع والاشتعال بل وربما تستعر إقليميا.
قبل أن نسترسل فى الشرح والنقاش نشير إلى أن عددا كبيرا من الدول الكبرى بدأت منذ يوم الجمعة الماضى فى إجلاء رعاياها خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا ومصر والسعودية والأردن وإيطاليا واليونان.
قبل هذا الاندفاع تعرضت بعض البعثات الدبلوماسية فى الخرطوم لاعتداءات كانت تنذر بما هو أسوأ، فهناك دبلوماسى مصرى أصيب بعيار نارى، وهجوم على مقر البعثة الأمريكية، والسفير الماليزى تعرض لاعتداء غريب حينما أجبره مسلحون على الترجل من سيارته وسرقتها، وتعرضت البعثة الدبلوماسية القطرية وخلال عملية إجلائها لاعتداء ملفت وتم سرقة كل سياراتها وكل ما يملكه أفرادها خصوصا الأموال والهواتف ولم تسلم البعثة الفرنسية من إطلاق نيران، أثناء عملية اجلائها، بل إنها أجلت العملية لحين توافر ظروف أمنية أفضل.
وإذا كانت عمليات السلب والنهب قد طالت مقرات جمعية الهلال الأحمر السودانى، وجمعيات إغاثية مختلفة، فإن ذلك كان إشارة إلى أنه لن يكون هناك أحد معصوم من الاعتداء حتى لو كانوا دبلوماسيين يتمتعون بالحصانة التى توفرها لهم الاتفاقيات الدولية.
بعد كل هذه الأجواء الصعبة كان طبيعيا أن تفكر العديد من البعثات الدبلوماسية فى الخروج هى ورعاياها بعد أن دبت الفوضى فى كل الأنحاء. وحوصر المواطنون فى منازلهم وانقطعت عنهم المياه والكهرباء معظم الوقت، ولم يكونوا قادرين حتى على الخروج لشراء احتياجاتهم الأساسية من الطعام والشراب.
وهكذا جرت اتصالات بين هذه الدول الكبرى وطرفى النزاع الأساسيين، الجيش السودانى وميليشيا الدعم السريع، من أجل ضمان خروج البعثات الدبلوماسية لأقرب مطار يمكن السفر منه جوا، أو برا عبر دول مجاورة مثل مصر وإثيوبيا أو بحرا عبر ميناء بورسودان.
بالطبع فإن عمليات الإجلاء قد تكون صعبة ومعقدة وتحتاج لإجراءات كثيرة ومتشعبة خصوصا إذا كان عدد الرعايا كبيرا كما هو الحال فى الجالية المصرية حيث تمكنت الدولة المصرية من إجلاء ٤٣٦ شخصا من رعاياها برا عبر الحدود، فى حين أجلت السعودية رعاياها برا إلى بورسودان ومنها بحرا إلى جدة، أما الولايات المتحدة فقد أجلت رعاياها جوا من أحد المطارات السودانية.
نعود إلى السؤال الذى بدأنا به وهو: ماذا تعنى المسارعة بعمليات الإجلاء؟
مرة أخرى، الإجابة الأولى هى أن هناك تقديرات دولية بأن الصراع مهدد بالاتساع والتردى، لكن فى هذا الصدد فإن هناك عدة معانٍ وتفسيرات وسيناريوهات:
الأول: أن يكون السبب الأول والوحيد هو مجرد الخوف على الرعايا والدبلوماسيين، وهو سبب مشروع لا يمكن أن نلوم عليه أى دولة مادام يهدف لحماية رعاياها ودبلوماسييها.
الثانى، وإضافة للسبب الأول: أن يكون التقدير هو أنه لا يوجد أى أمل فى توقف قريب للحرب أو حتى هدنة إنسانية حقيقية تتيح التقاط الأنفاس.
الثالث: هو أن هذه الدول الأجنبية وصلت إلى يقين بأن الأمور خرجت عن السيطرة وأن الأمن صار مفقودا وبالتالى فإن مجرد الحفاظ على الحياة صار هو الأولوية.
الرابع: أن تكون بعض هذه الدول تريد أن تخرج رعاياها تمهيدا لانخراطها فى الحرب بصورة مباشرة أو غير مباشرة لمساعدة أحد الطرفين، وبالتالى لن يكون هناك خوف من تحول رعاياها إلى رهائن فى يد هذا الطرف أو ذاك. وهذا السيناريو ليس مستبعدا فى ظل أن هناك حدودا كثيرة مفتوحة وغير مؤمنة بين السودان والعديد من جيرانها. ثم أن بعض هؤلاء الجيران خصوصا إثيوبيا تريد أن يتفتت السودان وتتشابه أوضاعه مع الحالة الإثيوبية التى شهدت قبل عامين حربا إثنية بين عرقية التيجراى والجيش الحكومى المشكل أساسا من عرقيتى الأورمو والأمهرا وانخرطت فيها إرتيريا لدعم نظام آبى أحمد.
السيناريو الأخير: أن تكون المسارعة بإخراج الرعايا هو لتشكيل قوة تدخل عسكرى سريع من دول مختلفة لإجبار طرفى النزاع على وقف إطلاق النار والعودة لطاولة المفاوضات.
هذه تصورات مبدئية وكل ما نرجوه أن يتوقف القتال فورا لينعم الشعب السودانى بالاستقرار فى ظل دولة ديقراطية مدنية حديثة وجيش وطنى موحد ووحيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغزى إجلاء الرعايا الأجانب من السودان مغزى إجلاء الرعايا الأجانب من السودان



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon