توقيت القاهرة المحلي 05:36:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغشاشون الفشلة

  مصر اليوم -

الغشاشون الفشلة

بقلم - عماد الدين حسين

من أسوأ الأخبار التى قرأتها فى الفترة الأخيرة هى أن نسبة الرسوب فى امتحان السنة الأولى بكلية طب قنا التابعة لجامعة جنوب الوادى وصلت إلى ٧٠٪ و٦٠٪ فى أولى طب أسيوط.
الخبر سيئ ليس لأن نسبة الرسوب تقترب من الثلثين فهذه النسب صارت موجودة فى مدارس ومعاهد كثيرة على أرض الواقع، ولكن مصدر السوء الأساسى هو ما قاله بعض مسئولى كليات الطب بأن ٩٠٪ من الراسبين جاءوا من مدارس معينة، فى تلميح واضح إلى ما كان يتردد عن وجود مدارس تسمح بغش جماعى.
نتذكر أنه فى السنوات الأخيرة سمعنا وقرأنا عن تحويل بعض الطلاب أولاد بعض المسئولين المحليين فى محافظات مختلفة خصوصا بالصعيد إلى مدارس معينة معروفة قبل امتحانات الثانوية العامة بأسابيع قليلة، فقط لأداء الامتحانات فيها، وذلك لأن هذه اللجان تسمح بالغش وبالتالى فإن من سيؤدون الامتحان فيها سوف يضمنون الحصول على مجاميع مرتفعة تخول لهم الالتحاق بأى كلية يتمنونها.
أولا ومبدئيا ينبغى توجيه كل آيات الشكر والتقدير لكل مسئول فى طب أسيوط وقنا أصر على التصحيح العادل وإخراج النتيجة بصورتها الحالية وعدم «التطنيش والطرمخة».
نعلم أن بعض المسئولين فى العملية التعليمية بحسن نية فى غالب الأحيان يقولون إنهم لو قاموا بعملية التصحيح كما ينبغى فى كل مراحل التعليم، فإن نسبة الرسوب ستكون مرتفعة جدا، وبالتالى فإن الدولة لن تجد مدارس وفصولا وتجهيزات ومعلمين لهؤلاء الراسبين، بل هى لا تجد العدد الكافى للطلاب الناجحين العاديين.
ثانيا: الظلم مكرره بكل صوره وأشكاله، لكن أظن أن الظلم فى هذه الواقعة أو فى التعليم عموما يعتبر الأكثر مرارة، لأنه فى اللحظة التى نسمح فيها لهؤلاء الطلاب الفشلة الغشاشين بالنجاح بتفوق لا يستحقونه، فإننا نحرم طلابا بسطاء متفوقين، لكنهم لا يملكون النفوذ الذى يجعلهم ينتقلون إلى «لجان خاصة جدا» تتيح لهم الغش وبالتالى المجموع الأكبر.
ثالثا: هل فكرنا فى هذه الفئة الغشاشة عندما تتخرج من الكليات المختلفة؟. من سيدخل الطب بالغش، وقد يتمكن من النجاح بصعوبة سيكون طبيبا فاشلا، وقد يكون سببا فى وفيات عديدة، ولا نستبعد أن يتاجر فى الأعضاء البشرية!!. والمهندس الغشاش قد يتسبب فى سقوط العديد من العمارات. والصحفى الغشاش قد يكون لسانا للزور والكذب والبهتان والإشاعات. والمدرس الغشاش سيكون سببا فى تنشئة أجيال أكثر جهلا وتخلفا. ومن سيلتحق بكلية الشرطة سيكون ضابطا معقدا وظالما ومتجبرا. ومن سيلتحق بالنيابة أو القضاء لن يحكم بالعدل بين الناس. فالأساس أن من يقبل على نفسه أن ينجح بهذا الغش الفج، لا يمكن أن نستبعد لجوءه أى غش آخر فى أى مجال.
رابعا: لا ألوم بعض المسئولين فى وزارة التعليم فقط فى هذه الظاهرة.. بل نلوم أى ولى أمر يضغط على الوزارة من أجل إنشاء هذه اللجان الخاصة. المجتمع شريك أساسى فى هذه الجريمة، ولا يعقل أن يقوم البعض بإلحاق ابنه بهذه اللجان الغشاشة، ثم يأتى ليحدثنا عن انهيار القيم والأخلاق، فى حين أن فعلته هى أخطر سلاح دمار شامل ضد القيم والأخلاق.
خامسا: من المهم أن نحقق فى الوقائع التى قادت إلى مثل هذه النتيجة، ونعود بالذاكرة سنوات قليلة لنعرف من الذى نجح بهذه الطريقة، وما هى الكليات التى التحقوا بها، حتى لا نتفاجأ بكوارث فى المستقبل.
سادسا: والأكثر أهمية أن نتأكد أن هذه الظاهرة قد انتهت تماما، ولا نسمح بها تحت أى ظرف من الظروف.
سابعا: لابد أن يدرك الجميع أن انتشار واستشراء مثل هذه الظواهر هو الوصفة الأخطر لتدمير أى مجتمع.
ثامنا: لابد أن يدرك الجميع أن انتشار واستشراء مثل هذه الظواهر هى الوصفة الأخطر لتدمير أى مجتمع، هذا الجيل الغشاش الذى يحصل على مجاميع عالية، ويدخل كليات قمة، وأغلب الظن أنه سيلتحق بوظائف مرموقة لا يقل خطرا عن أخطر الجواسيس. بل ربما يكون أكثر خطرا منهم، لأنها تتعامل معهم باعتبارهم أبناء البلد، فى حين أنهم ببساطة أخطر من أبناء الشياطين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغشاشون الفشلة الغشاشون الفشلة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon