توقيت القاهرة المحلي 15:30:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علامة تعجب صداقات وعداوات الدول.. ليست أبدية

  مصر اليوم -

علامة تعجب صداقات وعداوات الدول ليست أبدية

بقلم - عماد الدين حسين

هل حالة العداء أو الصداقة بين الدول ثابتة وأبدية أم متغيرة ونسبية؟!
أطرح هذا السؤال بمناسبة استغراب البعض من المصافحة الشهيرة التى جمعت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره التركى رجب طيب أردوغان، على هامش حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم فى العاصمة القطرية الدوحة الأحد الماضى برعاية من أمين قطر تميم بن حمد.
تحدثت فى الأيام السابقة عن أن المصالح العليا هى التى تحكم علاقات الدول وليست العواطف، وفى مقال آخر تحدثت عن المستفيدين والمتضررين من التقارب المصرى التركى إذا تم بالصورة الصحيحة.
واليوم أتحدث عن تفكير بعض الفئات بصورة عاطفية.
هذه الفئات غارقة فى المثالية وتعتقد أن الصداقات أو العداوات بين الدول أبدية، ولا حل لحالة العداء إلا بأن يقضى طرف على آخر ويهزمه هزيمة ساحقة. وهذا أمر مستحيل فى علاقات الدول. وهناك دول بكل جبروتها العسكرى وترسانتها النووية، لم تستطع أن تقضى على شعب أعزل يؤمن بعدالة قضيته.
حينما اختلفت مصر مع تركيا وقطر فقد كان ذلك بسبب انحياز حكومتى البلدين لجماعة الإخوان بعد ثورة المصريين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣. لكن إذا قررت الدولتان فعليا تغيير هذه السياسة والإقرار بثورة ٣٠ يونيو وشرعيتها، فما المانع من تحسين العلاقات لمصلحة البلدين؟
أقول فى هذا المكان دائما إن علاقات الدول والأنظمة تحكمها المصالح، وليس العواطف الجامدة، كما يظن البعض معتقدا أن الخصومة أو الصداقة بين الدول هى حالة ثابتة.
لكن المثال الأبرز على خطأ هذا التفكير هو العلاقات المصرية والعربية مع إسرائيل.
يدرك معظمنا ــ وأنا منهم ــ أن إسرائيل كيان استيطانى غاصب زرعته القوى الاستعمارية عنوة فى المنطقة العربية من أجل ضمان استمرار تفرقها وانقسامها. وصراعنا كعرب معهم صراع وجود وليس صراع حدود كما قال جمال عبدالناصر.
وخضنا معهم ٤ حروب كانت سببا أساسيا فى سلبيات كثيرة نعانى منها حتى اليوم. ورغم ذلك وقّعت حكومتا البلدين اتفاق سلام فى ٢٦ مارس ١٩٧٩. وصارت هناك علاقات دبلوماسية واقتصادية. الأمر نفسه حدث بين إسرائيل وكل من الأردن والمغرب والإمارات والبحرين والسودان، بل وتوقيع اتفاقيات مع الجانب الفلسطينى عام ١٩٩٣ لكن إسرائيل لم تحترمها.
شخصيا لا أقبل أى سلام مع هذا العدو حتى تعود كل حقوقنا العربية كاملة، لكن صرت أتفهم أحيانا قبول البعض لـ«ضرورات الحكومات»، فإذا كان الأمر كذلك مع هذا العدو الوجودى، فيمكن لكل منا أن يتقبل ويتفهم التقارب مع أى دولة أخرى سواء كانت قطر وتركيا الآن، وربما إيران فى المستقبل، طالما أن هذا التقارب سيصب فى صالح مصالحنا الوطنية والقومية.
«عامل المصلحة» ينبغى أن يكون واضحا طوال الوقت فى أذهان «المندهشين» من مثل هذا النوع من التقارب.
وبالتالى فإن تطبيق قاعدة «لا عداوات أو صداقات دائمة فى السياسة» سوف يمنع إصابة كثير من الناس بصدمات متنوعة.
هذه الفئة من الناس تجد نفسها فى حالة من الصدمة حينما تتفاجأ بتقارب مع هذه الدولة أو تلك، خصوصا إذا عاش عشر سنوات كاملة وهو لا يتلقى إلا كل الأخبار السلبية عنها.
وفى هذا الصدد فإن على هذا المواطن سواء كان مواطنا عاديا أو إعلاميا أو ناشطا سياسيا ألا يتعامل مع أى قضية باعتبارها أمرا ثابتا جامدا، بل يمكن أن تتغير الأمور مع تغير الظروف المحيطة بهذه القضية.
مرة أخرى أنا هنا لا أعظ أو أعطى دروسا فى السياسة، لكن أحاول أن أتحدث عن الواقع السياسى الموجود عالميا.
فى الدول الغربية فإن النظرة البراجماتية هى السائدة، لكن لدينا فى المنطقة العربية فإن العواطف هى التى تسود سواء لدى الجماهير أو الإعلاميين والناشطين.
وإذا طبقنا نظرية المصلحة، فالسؤال البسيط هو: هل هناك ما يمنع أن نتقارب مع تركيا أو قطر إذا بادرتا إلى تحقيق الأهداف والمطالب المصرية العادلة، خصوصا إبعاد الأصوات المتطرفة والإرهابية، والتوقف عن دعم الميليشيات المسلحة الليبية واحترام المصالح المصرية؟!!
لا أنكر على أى شخص أن يحتفظ بمشاعره الودية أو السلبية تجاه هذه الدولة أو تلك أو هذا الرئيس أو ذاك الأمير ــ وأنا شخصيا لدى مثل هذا الشعور تجاه حكومات وقيادات فى المنطقة والعالم ــ لكن علينا جميعا أن نقيس الأمور بمقياس أساسى هو مصالحنا الوطنية أولا وأخيرا حتى لو صُدمت مشاعرنا وعواطفنا أحيانا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علامة تعجب صداقات وعداوات الدول ليست أبدية علامة تعجب صداقات وعداوات الدول ليست أبدية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon