توقيت القاهرة المحلي 03:58:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطريقة المثلى لإدارة الخلافات العربية

  مصر اليوم -

الطريقة المثلى لإدارة الخلافات العربية

بقلم - عماد الدين حسين

حان الوقت لكى نبذل جميعا نحن العرب جهدا مكثفا للبحث عن صيغة حضارية لإدارة الخلافات العربية العربية إذا وجدت، بدلا من تركها للاجتهادات الشخصية ووسائل التواصل الاجتماعى والمتربصين والأعداء، بما يجعل الخلافات البسيطة تكبر وتتفاقم لتتحول إلى معارك بين الشعوب بدلا من حصرها فى خلافات محددة بين الحكومات.
لا أتحدث عن واقعة محددة، لكن أظن أن المتابعين للعلاقات العربية العربية يدركون أنها تعرضت لكثير من الضربات بفعل التعامل العاطفى والشخصى والانفعالى بعيدا عن القواعد الواضحة والمهنية والهادئة التى تركز على مبدأ المصالح المشتركة.
وللموضوعية فإن هذا الداء فى العلاقات العربية ليس وليد اليوم أو حتى الأمس القريب، لكنه يكاد يكون مرضا مزمنا منذ أكثر من ٧٠ عاما، أى إنه لصيق بالصراعات البينية بين الحكومات والأنظمة العربية فى مرحلة ما بعد الاستقلال عن الاستعمار الأجنبى والتى بدأت مع أوائل الخمسينيات من القرن الماضى وحتى هذه اللحظة.
نقطة البدء فى الإصلاح وعلاج هذا المرض تتلخص فى الإقرار بأنه لا يوجد مصطلح فى علم السياسة فى أى بلد أو منطقة أو قارة اسمه «التطابق الكامل فى وجهات النظر» هذا مصطلح مضلل لأنه إذا كان لا يحدث تطابق بين الزوج وزوجته والابن وأبنائه فى البيت الواحد، فهل نتوقع أن يحدث بين دولتين؟!
قد يكون هناك تفاهم وتطابق فى نقطة معينة أو بشأن قضية زمنية محددة، لكن التطابق الكامل والدائم أمر لا تعرفه السياسة على أرض الواقع بل ربما لا تعرفه الحياة فى شتى مجالاتها!
وإذا اتفقنا على ذلك، فليس عيبا إطلاقا أن تكون هناك خلافات فى وجهات النظر بين بلدين عربيين بشأن أى قضية. هذا أمر طبيعى جدا، بل ويحدث داخل الحكومة أو النظام الواحد. المهم فى الأمر أن نبحث نحن العرب عن طريقة مهنية ومتحضرة للتعامل مع هذه الخلافات وإدارتها بشكل محترم، بعيدا عن التجاوزات والشتائم والسب والردح بأى صورة من الصور، لأن الطريق الأخير يزيد من تفاقم المشكلة ويعقدها وينقلها إلى مستوى أخطر بحيث تتحول إلى مشكلة بين الشعوب، بدلا من انحصارها فى مجرد خلاف بين الحكومات يفترض حلها إن آجلا أو عاجلا.
قرأنا فى كتب التاريخ والسير والتراجم عن التنابذ بين الشعراء فى الجاهلية أو حتى العصور الأولى بعد ظهور الإسلام، وكل شاعر يفخر بأصله أو قبيلته، ويهجو الآخر بكل الصفات القبيحة، وقرأنا أيضا عن حروب القبائل العربية فى الجاهلية، والهجاء فيما بينها، لكن لا يعقل أن يستمر ذلك حتى الآن سواء بحسن أو سوء نية.
السؤال: هل من حق أى عربى أن يتناول شئون أى بلد عربى آخر بالنقد والتحليل؟
أظن أن الإجابة هى نعم، فإذا كنا، جميعا نقول إننا أمة واحدة من المحيط إلى الخليج، وتجمعنا العادات والتقاليد والدين واللغة والمصالح المشتركة، فالمفترض أن يكون من حق كل مواطن عربى أن يتناول بالبحث والدراسة والتحليل الأوضاع فى أى بلد عربى آخر، طالما أن ذلك يتم بصوة مهنية وموضوعية وتهدف لإعلاء ما هو مشترك وليس بهدف الهدم والإساءة والتجريح. وأن يكون ذلك واضحا للجميع، بحيث لا نبيحه لأنفسنا حينما ننتقد، ونحرمه على الآخرين حينما ينتقدوننا.
خلاصة الموضوع هو ضرورة البحث فى طرق محددة وواضحة لتحصين الأمة العربية ضد محاولات العبث والتشكيك والهدم.
نريد أن يتفق كل أصحاب الشأن على ما يشبه ميثاق الشرف الذى ينظم تناول العلاقات المشتركة.
طبعا ستظل هناك ثغرات كثيرة تتمثل فى وسائل التواصل الاجتماعى التى يسعى بعضها للتخريب والإساءة والتشكيك، لكن نحن نتحدث عن الجسم الرئيسى لهذه العلاقات.
نحتاج أن ندعم جميعا، خصوصا المسئولين والإعلاميين والنخب وقادة الرأى العرب كل ما هو إيجابى ومهم ويصب فى زاوية تعظيم العلاقات العربية ويجنب كل ما يسىء لها.
حينما تنشب أى مشكلة بين بلدين عربيين فالحكمة تقتضى أن ندرك القواسم المشتركة الكثيرة بينهما ونحصر الخلاف فى القضية أو القضايا الصغيرة، لأنه لا يعقل أن تتسبب هذه المشكلة الصغيرة فى إشعال معارك دون كيشوتية عبثية تؤثر على مجمل العلاقات، وهذا الأمر يحتاج إلى تغيير فى الذهنية العربية وأن نتعلم من الأوروبيين أنهم يختلفون فى الكثير من الأمور، لكن يجمعهم اتحاد يعظم من مصالحهم المشتركة ويدير بهدوء وعقلانية كل خلافاتهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريقة المثلى لإدارة الخلافات العربية الطريقة المثلى لإدارة الخلافات العربية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon