توقيت القاهرة المحلي 00:47:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة العرب.. وقاعهم

  مصر اليوم -

قمة العرب وقاعهم

بقلم - عماد الدين حسين

«لم الشمل» هذا هو شعار القمة العربية العادية رقم ٣١ فى العاصمة الجزائرية.
الشعار جميل وجيد وجذاب وموحى، لكن الأهم من كل ذلك هل يمكن تحقيقه وتنفيذه على أرض الواقع أم يظل مجرد شعار يرفع، وينتهى مفعوله مع انتهاء جلسات القمة؟!!!.
هذا هو السؤال الذى ينبغى أن يناقشه كل عربى غيور على أحوال أمته التى وصلت إلى قاع سحيق من التدنى والتدهور والتراجع.
أكتب هذه الكلمات مساء الثلاثاء بعد نهاية جلسة اليوم الأول من القمة التى عقدت على مدى يومين، ولم يكن غالبية القادة قد تحدثوا، ولم يكن البيان الختامى الرسمى قد صدر.
بطبيعة الحال أتمنى شأن كل عربى محب لأمته أن يتحقق شعار «لم الشمل»، لكن فى عالم السياسة فإن التمنيات وحدها لا تكفى، بل تتحول إلى نوع من التخدير يضر الجميع.
حال العرب البائس لا يخفى على أحد، وليس المسئول عن ذلك بأى حال من الأحوال جامعة الدول العربية، لأنها باختصار لا حول لها ولا قوة، فالأوضاع العربية هى محصلة أوضاع الحكومات والدول. والجامعة ليس لها جيش خاص أو ميزانيات مفتوحة، وصلاحيات نافذة لكى تفرض كلمتها على الجميع، وبالتالى فقراراتها هى حصيلة التوافق بين الحكومات العربية.
من يتأمل الخريطة العربية من المحيط إلى الخليج سوف يكتشف من دون عناء القاع الذى وصلنا إليه.
المغرب والجزائر هذان البلدان العربيان الكبيران فى خصام وشقاق منذ عشرات السنوات، وفى العام الماضى تم قطع العلاقات وإغلاق الحدود، وحتى فى القمة الأخيرة حصلت مناوشات وملاسنات إعلامية بين البلدين، فكيف يمكن الحديث عن «لم الشمل» والدولتان الجارتان علاقتهما سيئة منذ عام 1972؟!!.
تونس الخضراء تعانى سياسيا واقتصاديا بعد تعثر التجربة الديمقراطية الوليدة عقب إقصاء زين العابدين بن على فى ديسمبر ٢٠١٠، ومحاولة جماعة النهضة الإخوانية «التكويش» على كل شىء.
وفى ليبيا فإن الوضع أكثر سوءا، فبعد إسقاط حكم معمر القذافى أواخر عام ٢٠١١ تمكنت جماعة الإخوان والجماعات السلفية من تكوين ميليشيات مسلحة تعيق إعادة بناء الدولة والجيش الوطنى، وتعيش البلاد حالة حرب مناطقية، وتقسيم فعلى بين الشرق والغرب.
ومصر التى نجت من كل الفتن والمطبات تقريبا تواجه وضعا اقتصاديا صعبا بسبب تداعيات أوكرانيا وكورونا وبعض السياسات الاقتصادية، ومثلها الأردن كذلك.
السودان وضعه أصعب والصراع بين المكونين العسكرى والمدنى لا يخفى على أحد، واقتصاده شبه منهار، والانقسامات تهدد وحدته الجغرافية رغم كل الثروات الطبيعية التى يتمتع بها.
أما الصومال ومنذ عام 1991 فلم يشهد استقرارا ونسمع كل أسبوع تقريبا عن تفجير هنا وآخر هناك من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة.
لبنان يعيش وضعا مأساويا حيث انتهت مدة الرئيس ميشال عون ولم يتمكن هذا البلد من تعيين رئيس جديد، والحكومة ظلت «تصرف الأعمال» لشهور طويلة، والوضع الاقتصادى هو الأسوأ عالميا تقريبا، والطبقة السياسية غير قادرة على توافق الحد الأدنى الذى يجعل البلد يقف على قدميه.
سوريا تعيش حربا أهلية منذ مارس ٢٠١١ وقوى التطرف والإرهاب تسيطر على مناطق كثيرة شمالا بدعم مباشر من تركيا، فى حين تسيطر جماعات كردية على مساحات أخرى شمال شرق البلاد بدعم من أمريكا والغرب.
العراق ظل بلا حكومة أو رئيس لشهور بسبب الانقسامات السياسية ويعيش وضعا شبيها بلبنان، بعد أن صارت الكلمة الإيرانية هى العليا، ولا تريد طهران لهذا البلد العربى الكبير أن يعيش مستقلا بوجهه العروبى.
أما اليمن فحالها يعلمه الجميع، وتعانى أيضا من انقسام مذهبى غير مسبوق وحرب أهلية طاحنة مع نفس الدور الإيرانى الداعم لجماعة الحوثيين.
وحدها بلدان الخليج لا تعانى من مشاكل اقتصادية بفعل الوفرة النفطية، لكنها تواجه تحديات خطيرة بفعل انكشافها الديموجرافى أمام إيران.
التغيرات المناخية تهدد العالم العربى بأكمله وتداعيات كورونا وأوكرانيا كشفت حقيقة وخطورة الاعتماد العربى شبه الكامل على استيراد السلع الأساسية خصوصا الحبوب والتكنولوجيا وسائر مستلزمات الإنتاج.
أما الطامة الكبرى فهى غياب الحريات والتعددية والديمقراطية عن معظم البلدان العربية مع تزايد حدة المشكلات الاقتصادية وانهيار التعليم والصحة ومعظم الخدمات، والنتيجة أن عددا كبيرا من الشباب يحلم بفرصة للهجرة الدائمة ويعرض نفسه للغرق فى البحار والمحيطات من أجل الهروب من وطنه العربى الكبير!!.
هذه هى الصورة السريعة للأوضاع العربية القاتمة إلا فيما ندر. والسؤال هل تتمكن مؤسسة القمة والجامعة العربية من معالجة هذه الأمراض الخطيرة و«لم الشمل»؟!
الجواب متروك لكم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة العرب وقاعهم قمة العرب وقاعهم



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon