من يريد أن يرى بعض الجوانب المضيئة فى مصر وما أكثرها، فليقرأ الكتاب المصور «وسط البلد.. ما وراء الحكايات».
الكتاب وصلنى بالبريد من شركة الإسماعيلية، وبمجرد أن استلمته بدأت فى قراءته فورا، وحينما هممت بالاتصال بالمهندس إبراهيم المعلم لأخبره عن الكتاب، ومستواه الرائع، ونظرت فى الغلاف الداخلى لأعرف من هى دار النشر، فوجئت أن الكتاب من إصدار دار الشروق التى يترأس مجلس إدارتها المهندس إبراهيم المعلم!
الكتاب تحفة فنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، هو من القطع الكبير ويقع فى حوالى ١٨٠ صفحة، وتقف وراءه دار الشروق وشركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى المشغولة والمهمومة بالحفاظ على تراث وسط البلد.
ومساء السبت قبل الماضى، ذهبت إلى صالة كاتساروس للمزادات لحضور إصدار الكتاب وحفل توقيعه فى الصالة التى تقع فى شارع جواد حسنى. ومن بعيد شاهدت حشدا من الناس، فتصورت أن هناك خطبا ما، ولم أكن اتصور أن كل هؤلاء يتجمعون للدخول إلى مقر الصالة لشراء الكتاب والحصول على توقيع مؤلفيه.
حينما دخلت الصالة وجدت الصديق أحمد بدير مدير عام الشروق، وسألته هل كل هؤلاء جاءوا فعلا من أجل هذا الكتاب، أم للفرجة على المقتنيات الكثيرة الموجودة فى الصالة؟! فكانت إجابته أنهم جاءوا فعلا من أجل هذا الكتاب.
الحضور الذين شاهدتهم فى هذه اللليلة ومعظمهم من الشباب هم أحد أهم مصادر قوة مصر الناعمة. شباب متعلم وراق ومثقف. هؤلاء من ينبغى البحث عنهم ودعمهم وتشجيعهم فى كل مكان، وهم الذين يمكن أن نراهن عليهم فى المستقبل.
وجوه الموجودين فى ليلة التوقيع تقول بوضوح إنهم من الصفوة، الذين تلقوا تعليما جيدا جدا، وبعضهم يشتغل فى الفنون والفكر والأدب، ومهتمون بالتراث والعمارة والفن التشكيلى. وبالطبع الحفاظ على طابع وسط البلد بكل ما تمثله من قيم فنية وتراثية ومعمارية وحضارية.
أحد هؤلاء وهو المهندس الدكتور وليد عرفة متخصص فى العمارة الإسلامية، ويتحدث بحب وشغف عما أضافته مصر لهذه العمارة، حيث ترك المصريون بصمة يصعب أن نجدها فى غالبية البلدان الإسلامية، كما هو الحال مثلا فى مسجد السلطان حسن المتفرد معماريا.
عرفة أستاذ فى التخطيط العمرانى وهو الذى صمم مسجد أسرة الشيخ أسامة الأزهرى فى سوهاج بطريقة مبتكرة، إضافة إلى تصميمات كثيرة أخرى وحصل على ١٨ جائزة بعضها عالمية فى التخطيط المعمارى.
الملفت للنظر أكثر أن تكلفة هذا الكتاب الفعلية تزيد على ١٤٠٠ جنيه للنسخة، لكن تم طرحه بـ ٨٠٠ جنيه فقط، وتم بيعه فى ليلة التوقيع بـ ٧٠٠ جنيه.
بالطبع هذا سعر مرتفع جدا بالنسبة لعدد كبير من القراء المصريين فى ظل الأزمة الاقتصادية التى نعيشها جميعا، لكن حركة البيع كانت نشطة جدا فى هذه الليلة.
وقد يسأل سائل ولماذا هذه التكلفة المرتفعة؟
والإجابة ببساطة أن أسعار الورق قفزت وتضاعفت بصورة غير مسبوقة وطن الورق قفز من 11 ألف جنيه لأكثر من 50 ألف جنيه بسبب تعويم الجنيه أمام الدولار، كما أن أكثر من ٨٥٪ تقريبا من الكتاب عبارة عن صور فنية ملونة شديدة الإتقان ونوعية الورق فاخرة.
والآن ما الذى يتضمنه هذا الكتاب المهم.
هناك مقدمة قصيرة جدا لشركة الإسماعيلية، ثم كلمة مختصرة لكريم شافعى شريك ومؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الإسماعيلية. وبعد ذلك تأتى أبواب وفصول الكتاب وتبدأ بأنشودة لافينواز أو أحدث جواهر وسط البلد المعمارية لشركة الإسماعيلية، وهى من تصوير يحيى الحفصى.
وباب بعنوان حراس وسط البلد من تصوير كريم الحيوان وكتابة شيقة لسيد محمود. وتحت عنوان الحراس نلمح أسماء أمجد نجيب وهدى لطفى وصالة مزادات كاتساروس وجليلة القاضى وماريليز دوس. ثم باب آخر بعنوان «برودواى وسط البلد» والمقصود بها سينما ومسرح قصر النيل وسينما راديو وزارية من تصوير بيلو حسين. وفصل بعنوان «مذاق وسط البلد» وتلمح تحته أسماء ألفى بك والحاتى وفندق وندسور وبار كارول وفندق كارلتون وبار كاب دور والتصوير ليحيى العلايلى والكتابة لهبة حبيب.
وفى النهاية كلمة محررة الكتاب زينيا نيكولسكايا، ثم مقال مهم بعنوان «التصوير الفوتوغرافى وتاريخ وسط البلد»، لمايكل ميتشل.
السؤال لماذا تدفق الكثيرون لشراء الكتاب والحصول على توقيع مؤلفيه؟! الإجابة لأنه كتاب مهم جدا بل ربما ليس مجرد كتاب، هو حنين لفكرة وقيمة الكتاب نفسه وصوره، وهذا موضوع مقال لاحق إن شاء الله عن مضمون الكتاب نفسه.