توقيت القاهرة المحلي 21:39:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل تتوسط فى السودان.. ما هذا العبث؟

  مصر اليوم -

إسرائيل تتوسط فى السودان ما هذا العبث

بقلم - عماد الدين حسين

«عندما يقع الإنسان فى مستنقع أفكاره، فينتهى به الأمر إلى المهزلة» العبارة السابقة عنوان لأطول اسم فيلم مصرى، تم عرضه فى ٥ أبريل ٢٠١٧ بطولة بيومى فؤاد ومحمد ثروت وأحمد فتحى. ولا أعرف لماذا تذكرت عنوان هذا الفيلم حينما قرأت أن إسرائيل عرضت التوسط لوقف إطلاق النار فى السودان.
وحينما قرأت الخبر وتفاصيله، فلم أعرف هل من الموضوعية أن أتهم إسرائيل وقادتها بالعبث، أم أننا كعرب وصلنا إلى أقصى درجات الحضيض والعبث، بحيث إن إسرائيل تتبجح وتعلن أنها تتوسط لإيقاف الحرب السودانية؟!!.
تفاصيل هذا الخبر الصادم أن وزير الخارجية الإسرائيلى إيلى كوهين أعلن حسب وكالة رويترز أن إسرائيل عرضت على قائد الجيش السودانى عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتى» استضافة محادثات بينهما لوقف إطلاق النار، وأن التقدم الذى تم إحرازه بشأن هذه الوساطة مع الجانبين واعد جدا».
موقع أكسيوس الأمريكى نقل أيضا عن ثلاثة مسئولين إسرائيلين أنهم قدموا الاقتراح إلى البرهان وحميدتى عبر مكالمات منفصلة معهما، وأن الجنرالين لم يستبعدا الاقتراح وأعطيا الانطباع بأن كليهما يفكر فيه بإيجابية، وأن إسرائيل نسقت هذه الجهود مع الإدارة الأمريكية وبعض دول المنطقة.
وحينما يتأمل أى عربى عاقل ما الذى تغير فى المنطقة منذ يونية ١٩٦٧ وحتى اندلاع الحرب السودانية الأخيرة سيدرك إلى أى هاوية انحدرت هذه الأمة العربية!
بعد هزيمة ٥ يونية ١٩٦٧ استضافت العاصمة السودانية الخرطوم فى 29 أغسطس من الشهر نفسه «قمة اللاءات الثلاثة» الشهيرة أى «لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف».
«مع إسرائيل»، ونعرف أن السودان من الذين ساندوا مصر فى حروبها، وظل من الدول الرافضة للتطبيع مع إسرائيل، لكنه فعل ذلك فى ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠، واتفقا على إقامة علاقات اقتصادية وتجارية وزراعية، وفى نفس اليوم وقع الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب على إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب. وسبق ذلك فى فبراير ٢٠٢٠ لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مع رئيس مجلس السيادة السودانى عبدالفتاح البرهان فى العاصمة الأوغندية كمبالا، واتفقا على بدء تطبيع العلاقات، وسمحت السودان للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فى أجوائها.
والمعتقد أن السودان تواصل سرا مع إسرائيل قبل هذا التاريخ، عبر أيوب قرا وزير التعاون الإقليمى الإسرائيلى. ونتذكر أن وزير خارجية عمر البشير إبراهيم الغندور طرح فى يناير ٢٠١٦ تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية على بلاده، وهو ما يسقط كل ادعاءات الإخوان وأنصار نظام البشير بأنه كان رافضا للتطبيع، لكن الخلاف كان فقط على الثمن وكيفية دفعه!
وبعد إقامة العلاقات لم يعد مفاجئا أن يصل كبار قادة الموساد الإسرائيلى إلى الخرطوم، لكن المفاجئ أنهم كانوا يصلون من دون علم بعض كبار قادة الدولة بمن فيهم البرهان نفسه!
وبالتالى كان طبيعيا أن نصل إلى هذه المرحلة شديدة البؤس التى تعرض فيها إسرائيل التوسط لوقف الحرب الدائرة فى السودان حاليا.
هل نلوم إسرائيل أم نلوم السودان أم نلوم من فى هذه القضية؟!
بالطبع لا يمكن لوم إسرائيل لأنها تسعى لتعظيم مصالحها ومكاسبها والظهور أمام العرب والعالم بأنها الدولة التى تسعى للسلام بل والتوسط بين المقاتلين العرب، ولا يمكن لوم الشعب السودانى بالمرة، لأنه مغلوب على أمره ومنكوب بقيادات تتواصل مع العدو التاريخى للأمة، وتعجز عن التواصل فيما بينها للجلوس والتفاوض لحل المشاكل العالقة !.
وللموضوعية أيضا فلا يمكن لوم الحكومات السودانية كثيرا حينما لجأت للتطبيع، لأنها رأت غالبية البلدان العربية المؤثرة تندفع لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. واكتشفت أنها لا يمكن أن تخرج من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب إلا عبر المرور بتل أبيب، وهو ما حدث مع المغرب أيضا فى نفس التوقيت بمقايضة تقوم بموجبها المغرب بإقامة علاقات مع إسرائيل، مقابل أن تنحاز أمريكا إلى المغرب فى قضية الصحراء.
المحزن أن غالبية الحكومات العربية لا تريد أن تفيق على الواقع المأساوى، وهو أن إسرائيل لا تخفى أهدافها، ومن مصلحتها ألا يتوقف القتال فى السودان أو فى أى منطقة بالعالم العربى، وستكون الأكثر سعادة إذا استمر الصراع فى السودان، وتواصل ليؤدى إلى تقسيم السودان وتفتيته إلى مليون قطعة.
الاستبداد الموجود فى العديد من أنظمة الحكم العربية والسياسات التى تقود إلى الفقر والتخلف والجهل هى أفضل ثغرة تنفذ منها إسرائيل، ليس فقط للتطبيع مع العرب، بل والرقص على جثثهم فى حروبهم العبثية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل تتوسط فى السودان ما هذا العبث إسرائيل تتوسط فى السودان ما هذا العبث



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon