توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العالم على صفيح ساخن

  مصر اليوم -

العالم على صفيح ساخن

بقلم - عماد الدين حسين

ما حدث فى الأردن قبل أسبوعين من مظاهرات واحتجاجات ضد غلاء المعيشة، ومصرع نائب مدير شرطة محافظة معان، ينبغى أن يلفت نظر كثيرين إلى خطورة الفترة المقبلة فى العديد من بلدان العالم.
كل شخص يعتقد أن المشكلات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية هى قاصرة فقط على بلده، فى حين أن الأزمة أعمق من ذلك كثيرا.
طبقا لمشروع بيانات الأحداث ومواقع النزاع المسلح «ACIED» والذى رصدته شبكة الـ«بى بى سى» خلال الفترة من أول يناير حتى نهاية سبتمبر الماضى، والذى يرصد ويحلل البيانات المتعلقة بالاحتجاجات فى جميع أنحاء العالم، فقد تظاهر مواطنون فى ٩٠ دولة ونزلوا إلى الشوارع احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود، التى تقود إلى رفع أسعار غالبية السلع والخدمات.
هذا الرصد مهم لأنه يقدم لنا صورة واضحة لا لبس فيها لخطورة الأوضاع الاقتصادية فى العديد من بلدان العالم، والملفت فى هذه الخريطة التى رسمتها شبكة الـ«بى بى سى» ووضعتها على موقعها فى ١٩ أكتوبر الماضى أنها تشمل العديد من البلدان الأوروبية التى لم تكن تعرف مظاهرات الخبز وارتفاع أسعار غالبية السلع.
فى هذه الخريطة نرصد مثلا مقتل ٢٥ شخصا بينهم ٥ من ضباط الشرطة خلال الاشتباكات العنيفة التى اندلعت بسبب ارتفاع أسعار الوقود بصورة قياسية شرق فريتاون عاصمة سيراليون، حيث تضاعفت أسعار الوقود من أقل من دولار للتر إلى ١٫٦ دولار فى يوليو الماضى، واضطرت الحكومة لشطب ثلاثة أصفار من عملة البلاد وتدعى «الليون» لمقاومة التضخم، ولم تجد الحكومة بدا من حظر التجول واتهم رئيسها المعارضين بمحاولة الانقلاب على حكمه!!
ومن سيراليون إلى إسبانيا التى لم تشهد أى احتجاجات عام ٢٠٢١، فقد شهدت ٣٣٥ مظاهرة خلال شهر مارس الماضى فقط.
فى حين شهدت إندونيسيا أكثر من ٦٠٠ مظاهرة احتجاجا على رفع أسعار الوقود، مقارنة بـ ١٩ مظاهرة فى عام ٢٠٢١.
إيطاليا وهى عضو فى مجموعة السبعة الأكثر غنى عالميا، شهدت ٢٠٠ مظاهرة فى الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، مقارنة بمظاهرتين فقط فى ٢٠٢١. أما الأكوادور فقد شهدت ألف مظاهرة احتجاجية فى شهر يونية الماضى فقط.
بالطبع فإن لبنان وإيران وسوريا والعراق شهدت أيضا العديد من الاحتجاجات الشعبية طوال هذا العام، وأظن أن الاحتجاجات ما تزال مستمرة فى إيران حتى الآن، ورغم أنها بدأت حقوقية احتجاجا على مقتل الناشطة الكردية مهسا أمينى على يد «شرطة الأخلاق» داخل أحد السجون الإيرانية فقد تضمنت شعارات اجتماعية واقتصادية وسياسية.
فى تقدير مسئولى الأمن بشركة دراجون فلاى المتخصصة فى متابعة الاحتجاجات السياسية والاجتماعية، فإن الملف للنظر أن الاحتجاجات الاجتماعية لم تسلم منها قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية!
والتفسير لهذا الانتشار الواسع للاحتجاجات هو العديد من العوامل أحدها الحرب فى أوكرانيا، فأسعار الوقود كانت رخيصة جدا فى أثناء وباء كورونا بسبب تراجع الطلب على الطاقة وإغلاق الانشطة الاقتصادية أو تقييدها، لكن ومع عودة النشاط ثم مع نشوب الحرب فى أوكرانيا، وصلت أسعار الوقود لمستويات قياسية وتعطلت سلاسل الإمدادات والأخطر أن الدولار الأمريكى سجل أعلى مستوياته مقابل العملات الكبرى، فى حين تعرضت العديد من العملات المحلية لانهيارات متتالية بعد أن بدأت أمريكا فى رفع أسعار الفائدة، وارتفعت معدلات التضخم والديون، وهكذا فإن أسعار الوقود والعديد من أسعار السلع الأساسية الأخرى المستوردة ارتفعت لمستويات غير مسبوقة، وبالتالى ارتفعت أسعار السلع المختلفة، وكأن النموذج الأبرز فى هذا الأمر ما شهدته سريلانكا فى العام الماضى حينما ثار الناس على الحكومة وأجبروا رئيسها على التنحى. ورأينا قبل أيام المظاهرات والإضرابات فى بريطانيا وفرنسا.
فى المظاهرات التى وقعت خلال الشهور التسعة الأخيرة سقط ٨٠ شخصا قتيلا فى الأرجنتين والأكوادور وغينيا وهاييتى وكازاخستان وبنما وبيرو وجنوب أفريقيا وسيراليون، وهذه الأرقام لا تشمل بالطبع ضحايا الاحتجاجات الحديثة فى الأردن أو إيران على سبيل المثال.
من سوء الحظ أن الأزمة الاقتصادية مرشحة للتفاقم فى العديد من بلدان العالم.
وظنى أن أسباب هذه الأزمة لم تكن فقط بسبب عوامل خارجية مثل تداعيات كورونا أو أوكرانيا والتضخم والركود، ولكن كانت هناك أسباب داخلية تختلف من دولة لأخرى.
والمطلوب أن تسعى كل حكومة لشرح حقيقة الأزمة لشعوبها بأمانة، وأن تضع السياسات الملائمة للتعامل معها، وأن تتجنب كل السياسات والثغرات والقوانين والإجراءات التى تؤدى إلى استمرار الأزمة وتفاقمها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم على صفيح ساخن العالم على صفيح ساخن



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon