بقلم - عماد الدين حسين
ما هى حكاية صندوق هيئة قناة السويس الذى أثار جدلا كبيرا منذ موافقة مجلس النواب عليه فى مجموع مواده عصر أمس الأول الإثنين، وما هى وجهة نظر كل من الحكومة والمعارضة؟
مجلس النواب وافق على مجموع مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥ المتعلق بنظام هيئة قناة السويس.
هدف المشروع كما تقول الحكومة هو إنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس لزيادة قدرتها على المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة للمرفق.
الجدل بأكمله يكمن فى نص المادة «١٥ مكرر ب» وهى أن «تمكين هيئة القناة من الاستغلال الأمثل لأموالها من خلال شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها بما فى ذلك مساهمة الصندوق بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو فى زيادة رءوس أموالها والاستثمار فى الأوراق المالية».
رئيس هيئة القناة الفريق أسامة ربيع قال إن فلسفة إنشاء الصندوق تهدف لمجابهة الأزمات والحالات الطارئة نتيجة أى ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء فى الأحوال الاقتصادية.
والنائب أشرف رشاد رئيس الأغلبية البرلمانية أيد القانون بعيدا عن الحلول الروتينية.
أما وزير شئون المجالس النيابية علاء الدين فؤاد فنفى تماما أن يكون الهدف من مشروع القناة هو بيع القناة، بل تحقيق التنمية الحقيقية للهيئة والاستثمار الأفضل للإيرادات.
فى الجهة المقابلة وخلال نفس الجلسة رفض بعض النواب مشروع القانون مثل النائبة مها عبدالناصر التى قالت إنه يؤثر سلبا على القناة. والنائب محمد عبدالعليم داود اعتبر أنه يفرغ مصر من أموالها، وخطر داهم على مصر وأن «دى قناة السويس مش شركة من الشركات». أما النائب عاطف مغاورى من حزب التجمع فقال: «أربأ بهيئة القناة أن تلحق بمغارة على بابا المسماة بالصناديق الخاصة».
وبعد نشر الموافقة المبدئية لمجلس النواب على القانون فى مجموع مواده بدأت وسائل التواصل الاجتماعى تشتعل ليلا ومعظمها ينتقد ويتخوف.
حزب المحافظين المعارض قال إن القانون يعد خطرا داهما ويبتلع هيئة القناة ويمس السيادة على أهم مرفق تديره مصر. والسياسى الناصرى حمدين صباحى غرد على تويتر قائلا: «قناة السويس خط أحمر بأرواح الشعب حفرناها وبإرادة الشعب أممناها وبدماء جيش الشعب حررناها، هى ملك الشعب ولن يسمح لأحد بالتفريط فيها». وكان ملفتا أن وزير الإعلام السابق أسامة هيكل كتب منتقدا مشروع القانون واعتبره خطيرا، لكنه حذف ما كتبه بعد قليل.
ونفس المعنى أكده رئيس هيئة القناة السابق مهاب مميش منتقدا المشروع فى تصريحات للمصرى اليوم قبل أن يتم حذفها.
ولأن التفاعل استمر طويلا فقد حرص المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب على الحديث فى الموضوع فى بداية انعقاد المجلس صباح الثلاثاء، وقال إن قناة السويس مال عام لا يمكن التفريط فيه، وأن التعديلات لا تتضمن أى أحكام تمس القناة، ولن يتم إصدار قوانين تعارض الدستور.
جبالى قال: إنه إزاء التخوفات المشروعة لبعض المواطنين تجاه هذا الأمر، والمقدرة من جانبنا بشدة، والتى تؤججها الادعاءات والمغالطات التى صدرت عن أناس لهم مكانتهم العلمية والأدبية والثقافية بل والقانونية فى المجتمع، وجدت لزاما علىَّ ضرورة توضيح الأمر، فمشروع القانون الذى وافق عليه المجلس لا يتضمن أية أحكام تمس قناة السويس لكونها من أموال الدولة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها. وأضاف جبالى أن الدولة ملزمة، وفق المادة (٤٣) من الدستور، بحمايتها وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا مملوكا لها، كما تلتزم بتنمية قطاع القناة.
وبعد ذلك بقليل نفى المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، اعتزام الحكومة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس كباب خلفى لبيع القناة، لافتا إلى أنه تواصل مع هيئة قناة السويس، والتى نفت تلك الأنباء. وفى اليوم التالى فندت صحيفة الوطن أهم ٧ شائعات مرتبطة بالموضوع ومنها مثلا خلط كثيرين بين القناة كمرفق مجرى مائى مملوك للدولة لا يجوز التصرف فيه وبين هيئة القناة باعتبارها هيئة اقتصادية.
كما شددت الهيئة على أن القناة وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين.
ما سبق رأى الحكومة والمعارضة، المؤيدون والمعارضون. والسؤال هل أخطأت الحكومة، أم أن الأمر برمته سوء فهم من المعارضين، وتربص من المتربصين التقليديين؟!
السؤال يحتاج نقاشا مستفيضا، أرجو أن أعود إليه لاحقا.