بقلم - عماد الدين حسين
فى الأيام العادية ننتهى من الصفحة الأولى من جريدة «الشروق» الورقية فى الخامسة مساء تقريبا.
مساء الأحد الماضى بدأت المباراة النهائية فى بطولة كأس العالم بين فرنسا والأرجنتين فى العاصمة القطرية الدوحة فى الخامسة، ولذلك اتخذنا قرارا بتأخير الطبعة، حتى تنتهى المباراة، لأنه يصعب صدور الجريدة من دون هذا الخبر، ثم إنه يندر أن نجد حدثا مهما ومثيرا مثل هذا، إلا كل أربع سنوات.
طوال فترة كأس العالم التى استمرت 28 يوما تعودت أن أتابع المباريات النهارية مع القسم الرياضى بالشروق، كلما سمحت ظروف العمل، أما المباريات الليلية فكنت أشاهدها فى بيتى أو مع بعض الأصدقاء.
مباراة الأحد النهائية شاهدتها مع زملائى فى «الشروق» وبالطبع كنا منقسمين بين فريقين الأول يشجع الأرجنتين، إكراما للنجم الأسطورة ليونيل ميسى، والثانى يشجع فرنسا، التى قدمت مستوى ثابتا من الأداء المتميز طوال البطولة.
بعد 23 دقيقة من بداية المباراة تقدمت الأرجنتين بهدف لنجمها الأول ميسى من ضربة جزاء، وفى الدقيقة 35 سجل نجمها أنخيل دى ماريا الهدف الثانى.
معظمنا ــ شأن معظم المشاهدين ــ اعتقد أن المباراة حسمت لمصلحة الأرجنتين، خصوصا أن الفريق الفرنسى بدا تائها وباهتا، وكأنه لم يحضر للمباراة، ولم يقاتل كما عودنا دائما.
زميلى خالد الإتربى رئيس القسم الرياضى بدأ فى كتابة المباراة مبدئيا بافتراض أنها ستنتهى لصالح الأرجنتين، وبدأنا جميعا نبحث عن العناوين المقترحة للصفحة الأولى والصفحة الداخلية، فى حين كان زميلنا محمد عبدالمحسن دائم المتابعة لبوابة «الشروق» الإلكترونية.
انتهى الشوط الأول وظل الحال كما هو عليه حتى منتصف الشوط الثانى حينما سجل نجم نجوم فرنسا كيليان مبابى الهدف الأول من ضربة جزاء، وبعدها بدقيقتين سجل هدف التعادل بصورة رائعة ويستحق أن يكون الهدف الأجمل فى البطولة.
هنا تلخبط كل ما افترضناه، أما الشخص الأكثر حزنا للتعادل فكان زميلنا محمد سعد عبدالحفيظ مدير التحرير والمسئول فى هذا اليوم عن متابعة الصفحة الأولى، لأنه كان يريد حسم المباراة لأى فريق حتى يتمكن من المغادرة لمنزله فور نهاية الوقت الأصلى الطبيعى.
وحينما حدث التعادل تم إلغاء كل ما كتبناه عن احتمال فوز الأرجنتين. لكن ميسى سجل الهدف الثالث فى الشوط الإضافى الأول، وبالتالى عدنا مرة أخرى إلى تعديل ما كتبناه، لكن بعناوين جديدة مختلفة، لكن النجم الصاروخ مبابى أبى إلا أن يزيد الإثارة لنا وللجميع حينما سجل هدف التعادل بضربة جزاء فى الشوط الإضافى الرابع.
وهكذا عدنا مرة أخرى للمربع الأول، وقبل النهاية بدقيقة كاد المهاجم الفرنسى كولو موانى ينهى آمال الأرجنتين نهائيا بعد أن انفرد بالحارس الأرجنتينى ايميليانو مارتينيز، لكنه أهدر التسجيل حينما سدد الكرة بصورة شديدة التقليدية، وكان يمكن أن يركنها أو يضعها من فوق رأس الحارس، الذى استحق الحصول ليس فقط على «أفضل تصدٍّ»، ولكن أحسن حارس فى البطولة..
لا ألوم المهاجم الفرنسى، لأنه إذا كانت الجماهير العادية عاشت على أعصابها طوال المباراة، فكيف حال اللاعبين داخل الملعب؟!
وصلنا لضربات الترجيح، حيث استمرت الإثارة بإهدار فرنسا لأول ضربتين وتألق لافت للحارس الأرجنتينى.
فازت الأرجنتين وسعدت إلى حد ما بهذه النتيجة لأننى أحب ميسى كثيرا حينما كان يلعب لبرشلونة الذى أشجعه، ورغم ذلك أحب طريقة أداء الفريق الفرنسى، وأتعاطف كثيرا مع كيليان مبابى الذى أشعر أنه يشبهنا كثيرا فالدماء العربية والأفريقية تجرى فى عروقه، فأمه السيدة فايزة عربية من الجزائر ووالده كاميرونى.
مبابى حصل على لقب هداف البطولة بثمانية أهداف، وأظن أن المستقبل أمامه مفتوح بالكامل فعمره لم يتجاوز الـ23 سنة.
المباراة استمرت 90 دقيقة رسميا وحوالى ربع ساعة وقتا إضافيا ثم 30 دقيقة فى الشوطين الثالث والرابع، وعشر دقائق تقريبا وقتا إضافيا، وحوالى عشر دقائق لتسديد ضربات الجزاء، والإجمالى حوالى 155 دقيقة من الإثارة والشغف والكرة الجميلة المجنونة، وأظن أنه واحد من أفضل نهائيات كأس العالم على الإطلاق، إن لم يكن أفضلها بالفعل.
انتهت المباراة ورفع ميسى الكأس مرتديا الزى الخليجى، واستحقت قطر الإشادة لحسن التنظيم ودقته، وانفجرت وسائل التواصل الاجتماعى بالتعليقات والصور المتنوعة، وكان أهم ما لفت نظرى تساؤل العديد من المواطنين فى بعض الدول العربية التى لم تصل للنهائيات: متى تدخل هذه اللعبة التى شاهدناها فى ستاد لوسيل إلى بلادنا؟!
عماد الدين حسينعماد الدين حسين كاتب صحفي
خدمة الشروق للرسائل القصيرة SMS.. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة