بقلم - عماد الدين حسين
الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء اتخذ واحدا من أهم القرارات يوم الإثنين الماضى بشأن ضبط الأسعار المنفلتة للعديد من السلع، وننتظر من الأجهزة التنفيذية تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع حتى يشعر بها المواطنون.
الدكتور مدبولى عقد اجتماعا موسعا أمس الأول حضره الدكتور على مصيلحى وزير التموين والدكتور أيمن حسام رئيس جهاز حماية المستهلك واللواء عصام العزب نائب مساعد وزير الداخلية للقطاع الاقتصادى، وبقية مسئولى الجهات المعنية.
نعلم جميعا أن هناك أزمة اقتصادية خانقة تضرب العديد من بلدان العالم، ومنها مصر، ونعلم أن مصر اضطرت إلى إجراء تعويم على مرحلتين للجنيه فى مارس وأكتوبر الماضيين، ووصل سعره الرسمى إلى ٢٤٫٥ جنيه مقابل الدولار، وربما تجاوز الثلاثين فى السوق الموازية، الأمر الذى أدى إلى زيادات فلكية فى أسعار العديد من السلع. ونعلم أيضا أن العديد من التجار استغلوا هذه الظروف لرفع الأسعار إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
من أهم القرارات التى اتخذها الاجتماع الموسع برئاسة مدبولى ضرورة وجود أسعار معلنة لجميع السلع، والمرور الدورى على منافذ البيع والمحال التجارية وتجار التجزئة. واتخاذ الإجراءات الفورية للتعامل مع من لا يلتزم بالأسعار المعلنة، أو يغالى فى أسعارها أو يخزن ويكنز السلع أو يخفيها.
من بين القرارات أيضا التى أعلنها مدبولى إغلاق أى منفذ بيع لا يلتزم بالأسعار ومصادرة السلع وإعادة بيعها لصالح المواطنين، مع إعطاء مهلة محددة لتوفيق الأوضاع، تتحرك بعدها الأجهزة الرقابية لتنفيذ هذه التكليفات.
رئيس الوزراء تحدث أيضا عن أزمة اختفاء وارتفاع أسعار الأرز، وأن الدولة ستتعامل بحسم مع هذه الأزمة، خصوصا أن البيانات الإحصائية تقول إن الإنتاج المحلى من الأرز يكفى ويزيد عن حاجة الاستهلاك. وطلب رئيس الوزراء من وزارة التموين واتحاد الغرف التجارية التنسيق بشأن التسعير العادل للسلع ومراقبة جميع منافذ البيع.
وبدوره أكد وزير التموين على المصيلحى أنه سوف يجتمع مع كل مديرى المديريات على مستوى المحافظات للتنسيق معهم بشأن تطبيق هذه القرارات.
لاشك أن هذه القرارات مهمة للغاية، وتبعث برسالة للمواطنين مفادها أن الحكومة تشعر بمعاناتهم وأنها عازمة على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة هذه المشكلة الصعبة.
لكن نعلم أن أهم عنصر فى تنظيم الأسواق وتحديد الأسعار هو العرض والطلب، وأن الحكومة تلعب دور المنظم للسوق منذ سنوات طويلة، بعد أن صار القطاع الخاص يساهم بأكثر من ٧٥٪ تقريبا من إنتاج السلع الاستهلاكية المختلفة. وفى بعض السلع تمكنت الحكومة من ضبط الأسواق حينما ساهمت بدور المنتج كما حدث مثلا فى قطاع اللحوم على سبيل المثال، أو حينما هيأت السبل لزيادة أسعار الخضراوات والفاكهة فى الأراضى المستصلحة الجديدة.
لا أحد ينكر دور الحكومة ورغبتها فى ضبط الأسواق لكن هناك لوبيات راسخة فى الأسواق صارت تفرض كلمتها فى أسعار العديد من السلع.
المواطنون كانوا يطالبون منذ بداية الأزمة الاقتصادية بمثل هذا النوع من القرارات الحكومية، وأن جشع بعض التجار لا حل له إلا بالتدخل العنيف ضدهم، خصوصا أنهم يمصون دماء الفقراء ولا يبالون بما يتعرض له غالبية الناس. وأظن أن المواطنين يرحبون على الفور بالتحرك الحكومى الأخير وينتظرون أن يتم ترجمته على أرض الواقع.
وبالتالى فالسؤال المهم هو: كيف ستنفذ الحكومة هذه القرارات المهمة؟!
الدكتور مدبولى والدكتور المصيلحى وبقية كبار المسئولين اتخذوا القرار المهم، لكن نحتاج أن تكون هذه الرغبة فى التنفيذ موجودة عند من يقومون بالتنفيذ على الأرض من مسئولى المحليات، ومن المفتشين ومسئولى وزارة التموين ووزارة الداخلية، وبالتالى فالسؤال المهم هو: هل لدينا الكوادر والعناصر المؤهلة بهذا الهدف والقادرة عليه فى ظل حالة التغول لدى غالبية التجار؟!