توقيت القاهرة المحلي 10:41:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخالفات البناء.. من أوصلنا لهذه الحالة؟

  مصر اليوم -

مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة

بقلم - عماد الدين حسين

الكاتب والمفكر السياسى القدير د. عبدالمنعم سعيد كان الوحيد تقريبا الذى تحدث علنًا فى مجلس الشيوخ، ظهر يوم الإثنين الماضى، رافضا الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة، ومن اثنين من أعضاء مجلس النواب هما إيهاب منصور وعمرو درويش بشأن التصالح فى مخالفات البناء، وهو القانون الذى أقره المجلس فى اليوم التالى مباشرة.
الدكتور سعيد قال كلاما منطقيا خلاصته أن «بناء الجمهورية الجديدة لا يستقيم مع التصالح مع أولئك الذين ارتكبوا المخالفات وخالفوا القانون، لأنها إشارة خاطئة تشير إلى أننا لا نزال نفكر بنفس منطق الجمهورية القديمة». هو أشار أيضا إلى «المفارقة المنطقية بين التقنين والمخالفات، والتى لا يمكن عبورها بالمصالحة التى لا تعنى إلا التسليم بالأمر الواقع، وتشبه أن تؤخذ الدية بعدما مات القتيل!!!. فى حين أن الدولة كانت حاسمة فى ملفات مشابهة مثل قراراتها فى منطقة ماسبيرو».
سعيد قال أيضا: «إن القوانين تبتعد عن الحداثة حينما تكون محمَّلة بأثقال اجتماعية أو أمنية، وكلاهما غير صحيح بجلاء الأمور وحكم التجربة وحكمة السياسة».
نظريا اتفق تماما مع رأى الدكتور عبدالمنعم سعيد، وكنت أتمنى أن تكون الدولة حاسمة وقادرة ومتمكنة فى فرض القانون وعدم مكافأة المخالفين، حتى لا ترسل إشارة خاطئة بأن المخالف لن يدفع الثمن فى النهاية، بل الذى سيدفعه فعليا هو الإنسان والمواطن الملتزم دائما.
لكن هناك وجهة نظر أخرى يقول أصحابها إن الواقع أصعب كثيرا مما نعتقد، وأنه لا يمكن أن نلوم المخالفين بمفردهم، بل نلوم سياسات الحكومات المتعاقبة، التى سمحت بأن يصل الوضع إلى ما وصل إليه الآن، للدرجة التى لم تتمكن فيه الحكومة من تطبيق قانونين متتاليين أصدرهما البرلمان هما ١٧ لسنة ٢٠١٩ و١ لسنة ٢٠٢٠ بشأن التصالح فى مخالفات البناء.
ليتنا نتمكن من تطبيق وجهة نظر الدكتور عبدالمنعم سعيد، ليس فقط فى قضية مخالفات البناء، ولكن فى معظم، إن لم يكن كل، القضايا الأساسية التى تواجه مجتمعنا منذ عقود طويلة.
لكن مرة أخرى فإن أصحاب المنطق الآخر يقولون إن فساد المحليات والتفكير العشوائى جلعنا «نلبس فى الحيط» فى العديد من المشاكل، ومنها مثلا «الدروس الخصوصية، التى تحاربها الحكومة منذ سنوات طويلة، لكنها أخفقت إخفاقا تاما، وتبحث الآن تقنين «السناتر» حتى تتمكن على الأقل من الحصول على الرسوم والضرائب من حيتان هذه الإمبراطورية مترامية الأطراف.
لا يمكن أن نلوم عهدا واحدا أو حكومة بعينها على فساد المحليات الذى أوصلنا إلى هذه الدرجةا وإن كنت شخصيا أرى أن المسئول الأكبر هو نظام الرئيس الأسبق حسنى مباركا وحينما تحكم لمدة ٣٠ عاما، ولا تتمكن من مواجهة فساد المحليات، فهناك مليون علامة استفهام، وحينما تترك العشوائيات تنتشر لتمثل حوالى ٥٠٪ تقريبا من الثروة العقارية فى مصر، فالمؤكد أن العهد بأكمله تبنى هذا المنهج العشوائى أو على الأقل سمح به وجعله ينمو ويترعرع ويزدهر حتى صار هو الأصل فى العديد من المناطق.
عشوائية العقود الكثيرة الماضية، والتى ربما بدأت منذ عهد الانفتاح عبر المخطط عام ١٩٧٤ أنتجت واقعا مأساويا يصعب مواجهته بالقانون فقط، أو المواجهة الأمنية فقط، أو القرارات فقط، بل يتطلب الأمر مزيجا من كل ذلك طبقا لكل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية المحيطة.
ونتذكر أن الحكومة كانت جادة جدا حينما قررت مواجهة مخالفات البناء، وبدأت حملات كثيرة لإزالة المخالفات وتقنينها وأصدرت القانون الأول رقم ١٧ لسنة ٢٠١٩، ظنا أن ذلك سوف ينهى المشكلة، لكنها اكتشفت لاحقا أن الواقع أصعب مما فكرت وتخيلت، وأن ثمنا اجتماعيا وأمنيا، ربما تدفعة الحكومة إذا سارت فى تطبيق القانون فقط.
النقطة الثانية أنه كان ينبغى دراسة القضية من كل جوانبها قبل إصدار أى قانون أو قرار، خصوصا أن التراجع فى القرارات والقوانين قد يرسل برسالة سلبية عن الأداء العام.
ثالثا ينبغى وقبل أن نلوم المخالفين أن نلوم كل من سهَّل لهم ذلك بحسن أو سوء نية.
لو أن السياسات الحكومية خلال العقود الماضية كانت سليمة، ولو تم تطبيق القانون على الجميع، ولو لم يفسد جهاز المحليات، ما كانت المخالفات قد وجدت أصلا، وتلك هى القضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon