بقلم - عماد الدين حسين
فى معظم جلسات وقضايا الحوار الوطنى كان هناك الرأى والرأى الآخر، بل والرأى الثالث والرابع والخامس، لكن فى جلسة «العنف الأسرى.. الأسباب وسبل المواجهة والمخاطر الإلكترنية على التماسك المجتمعى»، ظهر الخميس الماضى لم يكن هناك خلاف ذو شأن فى سبل العلاج بل ربما فقط فى التشخيص وأغلب الظن أنه لن تكون هناك صعوبة فى التوصل لتوصيات توافقية.
فى هذه الجلسة التى أدارتها الدكتورة نسرين البغدادى وريهام الشواربى بحضور مقرر عام المحور المجتمعى الدكتور خالد عبدالعزيز والمقررة المساعدة الدكتورة نيفين مسعد فإن الملاحظة المبدئية أن القاعة كانت ممتلئة عن آخرها، والغالبية من النساء من جميع الاتجاهات والاعمار.
الجميع اتفقوا على رفض وإدانة العنف الأسرى واعتبروه سببا فى تفكك الأسرة مما يؤثر على تماسك المجتمع.
من أهم الكلمات رسالة بالفيديو أرسلها أستاذ علم النفس المتميز الدكتور محمد طه، وهو بالمناسبة كان أحد كتاب الشروق حتى شهور مضت.
الدكتور طه طالب بضرورة معرفة وتفكيك البناء العقلى والمعرفى للرجل والمرأة.
هو شرح فكرته بالقول إن المجتمع حينما يربى الطفلة الصغيرة على تحضير الأكل لشقيقها الصغير، وحينما يفرق فى المعاملة بين الولد والبنت وحينما يتم تعريف القوامة باعتبارها تسلطا من الرجل على المرأة، وحينما يبرر البعض أن من حق الرجل ضرب المرأة، وحينما نقول إن الله يغضب على الزوجة التى ترفض إقامة العلاقة الحميمة مع الزوج فإن الله سيكون غاضبا منها، أو أنه ليس من حقها أن تقول للرجل لا.
وحينما يرجع البعض سبب التحرش إلى ملابس المرأة، فهو يعطى رخصة للمتحرشين. حينما يفعل المجتمع كل ذلك ويبرره فهو عمليا يربى أفراده على عدم احترام الرجل للمرأة والتقليل منها ويضع الأساس الأولى للعنف.
الدكتور طه يقول إنه علينا أن نفهم وندرس اختزال الأغانى للمرأة فى جسدها، وأن نفهم لماذا تركز الدراما على البطل الشعبى الذى يتزوج أكثر من سيدة ويعاملهن بطريقة مهينة. فكل ما سبق يقود إلى علاقة غير سوية من أول القول «أنا الرجل» نهاية بالضرب الذى يصل إلى حد القتل.
الدكتور طه طالب بضرورة وجود توعية نفسية شاملة تصل لكل أطراف المجتمع وتفكك هذه المنظومة حتى نبدأ العلاج الحقيقى للمشكلة. فى جلسة الخميس كانت هناك أفكار كثيرة مهمة ومنها ما قالته الدكتورة نيفين مسعد من أن ضرب الرجل للمرأة ليس قاصرا على غير المتعلمين أو الفقراء، فهناك متعلمون وأغنياء كثيرون يضربون زوجاتهم فى حين أن أميين وفقراء كثيرين أيضا لا يفعلون ذلك.
أسماء محفوظ لفتت النظر إلى المقولة الخاطئة التى تقول: «كلنا اتضربنا ونحن صغار بالخرطوم ولم يكن عندنا أمراض نفسية».
أما على شوشان فقال إن أسوأ عنف هو عنف الإرهاب، مشيرا إلى أن الرأسمالى الغنى يعنف العامل لديه وهو يعنف زوجته وهى تعنف ابنها والأخير يعنف الفأر.
دعاء زهران قالت إن ٣٥٪ من النساء يتعرضن للعنف الأسرى، أما هبة هجرس فقالت إن ذوى الإعاقة يتعرضن للعنف أكثر، والفتاة المعاقة تتعرض للعنف أكثر من الولد المعاق سبع مرات.
متحدثة أخرى قالت إن ٢٢٪ من السيدات يقبلن العنف من أزواجهن، والدكتورة نيفين عبيد قالت إن هناك تزايدا لتبرير العنف مصحوبا بتزايد خطاب الكراهية.
الشيخ أحمد ترك قال إنه إذا كان لابد للشخص الذى يقود سيارة أن يحصل على رخصة قيادة فمن باب أولى أن يحصل من يقود أسرة على رخصة تؤهله لفتح بيت جديد.
أحمد ناجى قمحة رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية طالب باستمرار النقاش، بشأن هذا الموضوع حتى بعد صدور القوانين لأنه أمن قومى بامتياز، لافتا النظر إلى قضايا أخرى مهمة مثل عقوق الوالدين، وتنمية الوازع الدينى، والعنف من الزوجات ضد الأزواج مطالبا بمنظومة شاملة بها كل المقومات والمكونات التى تحمى الأسرة المصرية.
المتحدثون اتفقوا على ضرورة سرعة إصدار قانون الأسرة وقانون لمواجهة العنف الأسرى ومقترحات فرعية كثيرة مثل تأهيل المرأة اقتصاديا ودورات توعية وتأهيل إجبارية للمقبلين على الزواج وتضمين المناهج الدراسية برامج لتوعية وتثقيف الأطفال بخطورة العنف الأسرى، وأن تناقش الدراما المسكوت عنه فى هذا الموضوع وإلغاء المادة ٦٠ من قانون العقوبات التى تعطى الجانى سبيلا للهروب من العقاب، وكذلك حق المرأة فى طلب الحماية من العنف الأسرى والتوسع فى إنشاء وحدات حماية المرأة والطفل من العنف الأسرى.
كل ما سبق مهم لكن فى ظنى أنه من دون وجود ثقافة عامة بين الناس بخطورة العنف الأسرى فإن العنف الأسرى سيظل متفشيا حتى لو صدرت عشرات القوانين.