بقلم - عماد الدين حسين
هل من مصلحة النظام السياسى المصرى الذى نأمله ونرجوه أن يستمر الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية وسائر الاستفتاءات، أم يئول الأمر إلى اللجنة الوطنية للانتخابات تطبيقا لما جاء فى دستور ٢٠١٤؟!
هذا السؤال صار يشغل المهتمين والمتابعين بعد جلسة مجلس أمناء الحوار الوطنى يوم الأحد قبل الماضى، حيث تقدم المجلس برئاسة ضياء رشوان المنسق العام بمقترح للرئيس عبدالفتاح السيسى بمد الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات لما بعد ١٧ يناير المقبل. لأنه بعد هذا التاريخ يفترض أن تجرى الانتخابات بالكامل تحت إشراف الهيئة الوطنية للانتخابات فقط، بعيدا عن الإشراف القضائى الكامل تفعيلا وتطبيقا لما جاء فى دستور ٢٠١٤ الذى أعطى مهلة زمنية مدتها عشر سنوات لنهاية الإشراف القضائى وتنتهى فى ١٧ يناير المقبل.
الذى أعطى للموضوع أهمية أكثر أن الرئيس السيسى تفاعل بسرعة ملحوظة مع اقتراح مجلس أمناء الحوار الوطنى، وكتب على صفحته أنه تابع المقترح ووجه الحكومة والجهات المعنية فى الدولة بدراسة هذا المقترح وآلياته التنفيذية.
نعود إلى ما بدأنا به ونسأل أيهما أفضل الإشراف القضائى أم الهيئة الوطنية للانتخابات؟
ظنى أن السؤال بهذه الطريقة قد لا يكون دقيقا كاملا، لأنه يصور الأمر وكأن هناك جهة جيدة وأخرى غير سيئة، وهو أمر غير صحيح. وأتصور أن الأصح أن تكون الصيغة أيهما أفضل الآن، لكى نحصل على انتخابات نزيهة.
وبطبيعة الحال فقد أثير جدل كبير عقب إثارة الموضوع تضمن العديد من الرؤى والأفكار والمقترحات لكن هناك رأيين أساسيين؛ الأول مؤيد ومرحب باستمرار الإشراف القضائى، والآخر معارض ولكل وجهة نظره الموضوعية.
وبجانب هذين الرأيين كانت هناك قلة ضالة تبث سمومها على بعض المنصات الإرهابية العدمية، التى لا ترى خيرا فى أى خطوة، وتهاجم أى مقترح، حتى قبل أن تفكر فيه.
والآن نستعرض وجهة نظر الفريق الأول المؤيد لاستمرار الإشراف القضائى ــ وأنا أجد نفسى أحدهم ــ حيث يرى هذا الفريق إن غالبية المصريين تقريبا يطمئنون إلى الإشراف القضائى مقارنة بأى نظم أخرى، وهذا الفريق لا يطعن فى الهيئة الوطنية للانتخابات، لكنه يسأل: هل هى جاهزة تماما للمهمة؟
الثقافة السياسية المصرية ارتاحت واطمأنت للإشراف القضائى لأسباب كثيرة، أهمها أن القاضى ليس خاضعا للسلطة التنفيذية ولديه درجة كبيرة من الاستقلالية، ولا يوجد سلطان عليه إلا ضميره.
إذا غاب القاضى عن اللجنة فإن البديل أغلب الظن سيكون مجموعة من الموظفين، لا نعرف مدى قدرتهم على السيطرة على الصناديق وفض مشاجرات المرشحين المتنافسين والعائلات والقبائل وردع بلطجة بعض فتوات الانتخابات ومنع الدعايات داخل اللجان.
لكن النقطة الجوهرية هى أن المشرع أعطى الهيئة الوطنية عشر سنوات لكى تستكمل تشكيلاتها وعناصرها، والسؤال: هل تحقق ذلك أم لا؟!
على ذمة المستشار محمود فوزى رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطنى وخلال حديثه لقناة القاهرة الإخبارية مساء الجمعة الماضى فإن المزاج العام المصرى لا يزال يثق ويفضل الإشراف القضائى الكامل. ثم إن النص الدستورى فى ٢٠١٤ صدر ولم يمنع إمكانية مد الإشراف القضائى لسنوات أخرى بعد يناير ٢٠٢٤، خاصة إذا كانت الهيئة الوطنية لم تستكمل الجاهزية الكاملة لإدارة الانتخابات عن طريق العاملين التابعين لها.
هذه تقريبا وجهة نظر الفريق المؤيد لاستمرار الإشراف القضائى معتقدا أنه الطريق إلى ضمان انتخابات نزيهة ومعبرة عن رأى المصريين.
لكن هناك وجهة نظر أخرى معارضة ينبغى احترامها وسأعرضها لاحقا إن شاء الله؟