توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان.. ومرحلة إملاء الشروط

  مصر اليوم -

السودان ومرحلة إملاء الشروط

بقلم - عماد الدين حسين

وجهات النظر فيما يحدث فى السودان الشقيق متعددة ومتنوعة حسب المواقف والانتماءات والرؤى المختلفة لأصحابها سواء داخل السودان أو خارجه إقليميا ودوليا.

من بين هذه الرؤى ما كتبه الكاتب السودانى المرموق الأستاذ عمر العمر على جروب واتساب خاص يضم بعض الأصدقاء المشتركين.

أعرف عمر العمر منذ عام ١٩٩٨ حينما عملت فى صحيفة البيان الإماراتية وكان وقتها رئيسا للقسم العربى والدولى. وكان له عمود صحفى متميز فى الشئون العربية والدولية، ثم أصبح لاحقا مديرا للتحرير فى الصحيفة نفسها. وبعدها صار يكتب فى وسائل إعلام سودانية مختلفة.

اليوم أترك مساحتى هذه لما كتبه الأستاذ عمر العمر وبعدها سأعود للتعليق عليه ومناقشته. علما بأن توقيت الكتابة كان بعد الإنفاق على هدنة إنسانية لمدة ٢٤ ساعة قبل العيد لكننا نعرف بالطبع أنها انهارت ولم تصمد طويلا. وإلى نص ما كتبه عمر العمر: «حتى لو صمدت الهدنة ــ وهى فرضية مسرفة فى الهشاشة ــ فلن تتعدى صيغة التقاط الأنفاس من أجل استئناف الصدام. هذه حرب لصوص افتتنوا على احتكار الغنيمة عوضا عن الاكتفاء باقتسامها. ففى الإمكان كذلك سرقة الزمن. فرصة تسوية الخلاف المستمر المستتر طويلا تم تجاوزها حينما انفجر الصدام خارج معسكر سوبا. كل فريق دخل المعركة بتقديرين خاطئين. أولهما نفى الآخر عن المشهد، حتى ولو استدعى الأمر التصفية الجسدية. الثانى فى الإمكان حسم المعركة بقليل من الخسارات فى حيز زمانى ضيّق. هذه العقلية الخاطئة لا تزال تتمكن من الطرفين كلما توغلا فى التكسير والتدمير. هما غير معنيين بكلفة فاتورة الدم والخراب. ذلك عبء يتحمله الشعب دوما.

*****

بهذه العقلية يبدو الرهان على حوار يعقب هدنة ضربا من الرغائبية. الطرفان تجاوزا هذه المرحلة إلى فرضية بلوغ عتبة إملاء الشروط. كل طرف يراهن على كسر كبرياء وهيبة الآخر حد الإذلال. من ثم القبول بإملاء الشروط دون تقديم تنازلات. حبذا لو ظفر طرف بكبد الطرف المغاير. لعل هذا ينعكس فى شراسة الاقتتال على مقر قيادة الجيش، المطارات، التلفزيون وقصر الرئاسة.

لا أظن ثمة فرصة لإنجاح أى ضغط خارجى من أجل دفعهما إلى طاولة حوار ما لم ينجح أيهما فى كسر عظم الآخر. وقتئذٍ يقبل أحدهما متأبطا شروطه ويذعن الآخر للحفاظ على ما تبقى من مكتسباته.
هذا ما جنته علينا زمرة الإنقاذ إذ تمكنت منها شهوة الاستئثار بالنفوذ حد الخلط بين الجيش الوطنى وميليشيا حماية ترفها فى السلطة والثروة.

انتهت كلمات عمر العمر وقد يختلف معها البعض وهى بالطبع قابلة للمناقشة والأخذ والرد لكنها أظن تعبر عن تفكير وموقف العديد من السودانيين بل ولا أتجاوز إذا قلت والعديد من المواطنين العرب.

وأظن أن عددا كبيرا من القوى المدنية التى أسقطت نظام عمر البشير فى عام ٢٠١٩ يشاركون عمر العمر موقفه من الصراع الدائر حاليا.

لكن ربما خلافى الوحيد أو لنقل ملاحظتى الشخصية هى أنه لا يمكن المساواة بين الجيش الوطنى السودانى مهما كانت أخطاؤه وبين ميليشيا الدعم السريع مهما كانت إيجابياتها إذا كان لها إيجابيات.

قد نتفهم أى انتقادات لبعض قادة الجيش السودانى طوال المرحلة الانتقالية الماضية منذ إسقاط البشير بل ربما منذ الاستقلال عام ١٩٥٦، لكن لا أظن أن أى سودانى وطنى عاقل لا يختلف على ضرورة وجود جيش وطنى قوى وموحد من دون أى قوى مسلحة تنافسه مهما كانت الشعارات التى تحملها. وبالتالى فإن الموقف الصحيح من وجهة نظرى حاليا هو ضرورة أن يحسم الجيش المعركة ويدمج قوات الدعم السريع داخله، وفى المقابل يتم البحث عن صيغة ملزمة تبعد الجيش عن السياسة الداخلية وتعقيداتها وكذلك الاقتصاد، وتحصر دوره فى حماية حدود البلاد فقط، لأن السنوات الماضية جعلت كثيرين يعتقدون أن كل ما يحدث هو صراع على السلطة والمناصب والامتيازات لمصلحة حفنة قليلة على حساب الشعب السودانى المغلوب على أمره دوما.

حفظ الله السودان وأهله من كل سوء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان ومرحلة إملاء الشروط السودان ومرحلة إملاء الشروط



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon