توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس فاجنر.. لا أمان مع الميليشيات

  مصر اليوم -

درس فاجنر لا أمان مع الميليشيات

بقلم - عماد الدين حسين

ما هو الدرس الذى يمكن استخلاصه من تمرد قوات وميليشيا فاجنر بزعامة يفجينى بريجوجين طوال يوم السبت الماضى على الدولة الروسية، قبل أن ينتهى هذا التمرد بصفقة غامضة تم بموجبها ترحيل قائد تمرد روسيا البيضاء وإسقاط التهم عن جنوده؟
أظن أن هناك العديد من الدروس، لكن أهمها على الإطلاق هو خطورة وجود كيانات وتنظيمات وجيوش وميليشيات خاصة بعيدا عن القوات المسلحة للدولة.
درس يوم السبت يقول لنا بوضوح إن خطورة هذه التنظيمات العسكرية الخاصة لا تقتصرعلى كون الدولة نامية أو متوسطة أو حتى عظمى عسكريا، فالخطر موجود طوال الوقت.
بدايات الميليشيات والتنظيمات العسكرية الخاصة غالبا ما تكون مثالية ونبيلة ومرتبطة بقضايا تحظى بإجماع وطنى واسع، بل وتلقى تأييدا شعبيا كاسحا فى البدايات، لكن وقتها يصعب تصور أن تكون النهايات مأساوية.
فى حالة قوات فاجنر فإن بداياتها كانت عام ٢٠١٤ حينما تكونت من ٤٠٠ شخص بزعامة ضابط سابق فى الجيش الروسى يدعى دييترى أوتكن، ولعبت دورا مهما فى السيطرة على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
فكرة «فاجنر» تشبه إلى حد كبير ما فعلته شركة «بلاك ووتر» الأمريكية فى غزو العراق عام ٢٠٠٣. حيث أرادت الولايات المتحدة تقليل عدد جنود جيشها الرسميين فى العراق حتى تقلل الخسائر، مقابل التعاقد مع جنود وضباط سابقين من كل الجنسيات يتلقون رواتب ضخمة، لكن لا تربطهم صلة مباشرة بالجيش الرسمى، وفى حالة مقتلهم فإن الدولة لا تتحمل أى أعباء مادية أو معنوية بخلاف ما هو مذكور فى العقد.
بعد هذه التجربة الأمريكية قامت بعض الدول باستنساخها فى حروب وصراعات مختلفة، خصوصا روسيا حينما أسست فاجنر، التى لعبت دورا مهما فى الحروب والأزمات السورية والليبية وفى الصراع فى مالى ويقال إن لها دورا مهما فى دعم «ميليشيا الدعم السريع» فى السودان فى حربها الدائرة حاليا ضد القوات المسلحة السودانية.
تركيا أيضا كررت نفس الفكرة حينما أرسلت مرتزقة إلى ليبيا للقتال إلى جانب الحكومات التى تؤيدها فى غرب ليبيا، وإيران كررت فعل الشىء نفسه حينما أسست الحرس الثورى داخلها والعديد من الكتائب والتنظيمات العسكرية فى سوريا تحت مسميات عقائدية مثل «فاطميون وزينبيون» لدعم الحكومة السورية ضد التنظيمات الإرهابية، وإن كانت التنظيمات المدعومة إيرانيا عقائدية أكثر منها مرتزقة وهو ما ينطبق على حزب الله اللبنانى مثلا أو جماعة الحوثيين.
الفكرة الأساسية من وراء هذه التنظيمات أنه يسهل على الدولة المؤسسة لها الزعم بأنه لا توجد علاقة رسمية بينهما وإن كان الجميع يعلم بطبيعة الحال الحقيقة الكاملة.
وإذا كنا نعلم البدايات المثالية لهذه الميليشيات المسلحة، فقد صرنا نعرف النهايات المأساوية لها. ويكفى إلقاء نظرة سريعة على ما حدث من وجود التنظيمات المسلحة فى لبنان، ومن تدفقها على سوريا ومن دور الحوثيين فى اليمن ودور الميليشيات المسلحة مع طرفى الصراع فى ليبيا، بل إن بعض الميليشيات الليبية انقلبت على مؤسسيها وداعميها وصارت تلعب لصالح نفسها أو لصالح بعض قادتها فقط.
ونعلم أين وصل الحال بالصومال بسبب التنظيمات والميليشيات، وكذلك ما حدث ويحدث الآن فى السودان، بعد أن تمرد محمد حمدان دقلو «حميدتى» على القوات المسلحة وأشعل حربا للسيطرة على البلد بأكملها ونعلم أيضا خطورة وجود «الحشد الشعبى» فى العراق الشقيق، خصوصا بعد أن انحاز إلى أجنحة محددة فى المشهد السياسى خصوصا أيام الانتفاضة الشعبية عام 2019.
لم يكن أحد يتخيل إطلاقا أن ينسحب بريجوجين من أوكرانيا من أجل السيطرة على القيادة الجنوبية فى مدينة روستوف الروسية، ويهدد بالزحف على موسكو، ويقول إنه على بعد ٢٠٠ كيلومتر منها، وينتقد ويهاجم رئيس الأركان ووزير الدفاع وقادة الجيش والرئيس فلاديمير بوتين نفسه، ويجعل العالم بأكمله يقف مشدوها خوفا من أى تهور فى بلد يحتل المرتبة الأولى عالميا مكررا فى عدد الأسلحة النووية.
مرة أخرى درس فاجنر فى روسيا يوم السبت الماضى يقول لنا إن نهايات الميليشيات والتنظيمات العسكرية الخاصة مأساوية دائما، لأسباب كثيرة أهمها أن أفرادها يحصلون على منافع ومميزات لا يريدون خسارتها، ويعتقدون أنها صارت حقا مكتسبا لهم، وقادتها يرون أنهم الأجدر بحكم البلد بأكمله بعد أن كانوا مجرد قادة فى الظل، وتلك سمة فى النفس البشرية يصعب تجاهلها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس فاجنر لا أمان مع الميليشيات درس فاجنر لا أمان مع الميليشيات



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon