توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلة إسرائيل الوجودية

  مصر اليوم -

معضلة إسرائيل الوجودية

بقلم - عماد الدين حسين

قد يعتقد البعض أنها المقاومة الفلسطينية، أو الإفراج عن الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، أو انقلاب الرأي العام العربي والدولي، خصوصاً الغربي، ضدها، أو الانقسامات الشديدة داخل المجتمع الإسرائيلي، أو ربما البرنامج النووي الإيراني.

قد يكون كل ما سبق تحديات وأزمات ومشاكل صعبة، منفردة أو مجتمعة تواجه إسرائيل، لكن ربما تكون المعضلة الأصعب على الإطلاق هي أن تختار إسرائيل بين خيارين لا ثالث لهما، الأول أن تكون جزءاً طبيعياً من المنطقة، والثاني أن تستمر في النهج نفسه الذي تتبعه منذ عدوانها الوحشي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.

إسرائيل تواجه مشكلة وجودية حقيقية ربما هي الأخطر منذ نكبة 1948.

صحيح أنها مرت بكثير من المنعطفات الصعبة مثل حرب أكتوبر 1973، والانتفاضات الفلسطينية المستمرة، بل والانقسامات الداخلية، وآخرها أزمة التعديلات القضائية، والصراع بين التيار العلماني والتيار الديني المتطرف.

ورغم كل ما سبق فإن الخيار المعروض الآن على إسرائيل هو الأصعب على الإطلاق، ويتعلق بتحديد مستقبلها، وهل تستمر في سياسة التوسع والتهويد والقتل والاغتيالات والتدمير، أم تعطي الفلسطينيين حقوقهم وتعيش كدولة عادية في المنطقة.

صعوبة الاختيار تكمن في كون المجتمع الإسرائيلي منقسماً بشدة أولاً، والعالم لم يعد قادراً على السكوت والصمت رغم التأييد الكبير الذي لا تزال إسرائيل تحظى به داخل الإدارة الأمريكية والعديد من الحكومات الدولية الكبرى.

التيار اليميني المتطرف هو الذي يسيطر فعلياً على معظم المشهد السياسي في إسرائيل، فهو الذي يحكم البلاد فعلياً منذ عام 1996، بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين على يد المتطرف إيغال عامير، عقب توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 مع السلطة الفلسطينية، واتفاق وادي عربة مع الأردن عام 1994، وباستثناء فترات قليلة فقد سيطر بنيامين نتانياهو وحلفاؤه على المشهد السياسي في إسرائيل، ورغم أن ذلك تم بأغلبية ضئيلة جداً، لكنهم هم من ظلوا في صدارة الصورة، وجعلوا الإسرائيليين عملياً يتجهون إلى أقصى اليمين، مقارنة بما كان عليه الحال في أوائل التسعينيات، حينما اعتقد كثيرون أن الصراع العربي الإسرائيلي يتجه للانتهاء.

الآن المعسكر اليميني صار قوياً جداً، وأي اتفاق سلام حقيقي مع الفلسطينيين وبقية العرب سيعني تراجع هذا التيار الذي يعتاش على التطرف ومعاداة العرب والفلسطينيين.

في المقابل فإنه يصعب تصور أن تستمر الحكومات الإسرائيلية في سياسة التهويد والتدمير والقتل والتوسع وعدم إعطاء الفلسطينيين أي بصيص أمل نحو حل حقيقي يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ثم تعيش في سلام وأمان وكأن شيئاً لم يكن.

أن تستمر إسرائيل في جنوحها نحو اليمين المتطرف فهذا يعني عملياً استمرار الصدامات والاشتباكات والحروب، بل إن ذلك سيمثل أفضل فرصة للمتطرفين العرب والمتاجرين بالدين الإسلامي الحنيف.

في المقابل فإن التيار المعتدل في إسرائيل، وهو في تراجع مستمر، يقول إن الحل السياسي القائم على حل الدولتين يعني اندماج إسرائيل فعلياً في المنطقة وإقامة علاقات طيبة ليس فقط مع الحكومات العربية، بل مع الشعوب أيضاً، وبالتالي تنتهي المشكلة، ويتفرغ الجميع للبناء والتنمية والتقدم والاشتباك مع قضايا العصر وتحديات المستقبل، خصوصاً التكنولوجيا.

حتى الآن صوت التطرف في إسرائيل هو الغالب، خصوصاً بعد أن أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 76 ألفاً، وتدمير معظم مباني ومنشآت قطاع غزة، وتحويل غالبية السكان إلى نازحين،

وبالتالي يظل السؤال قائماً: أي الطريقين ستختار إسرائيل السير فيه، طريق السلام أم طريق الحرب، أم تحاول أن تخترع طريقاً ثالثاً بحيث تعتمد على إعطاء إشارات للسلام، لكن من دون تحقيقه كما فعلت في السنوات الأخيرة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة إسرائيل الوجودية معضلة إسرائيل الوجودية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon