توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين وبينج.. والذكاء الاصطناعي المزيف

  مصر اليوم -

بوتين وبينج والذكاء الاصطناعي المزيف

بقلم - عماد الدين حسين

هل ركع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على ركبتيه وقبّل يد الرئيس الصينى شى جين بينج متوسلا إليه أن يساعد بلاده فى صراعها ضد الغرب فى الأزمة الأوكرانية؟!.

سبب هذا السؤال هو فيديو جرى تداوله فى الأسبوع الماضى بين أكثر من مليون شخص تظهر شخصا يشبه الرئيس الروسى وهو يجثو على إحدى ركبتيه وماسكا بيديه الاثنتين يد شخص يشبه الرئيس الصينى جين بينج ويقبّل يديه فى صورة المتوسل محاولا إقناعه بشىء ما. وبالطبع جرى نشر وتداول هذا الفيديو خلال الزيارة المهمة جدا التى قام بها الرئيس الصينى لموسكو قبل أيام، وأثارت الكثير من الجدل والتعليقات والتحليلات والاستنتاجات فى العديد من عواصم العالم خصوصا واشنطن وأوروبا.

لكن وبعد هذا التداول الواسع ــ وعلى عهدة قناة العربية ــ فإن خبراء ومختصين أجروا عملية بحث دقيقة لمعرفة أصل الفيديو الذى أثار هذا الجدل، حيث تبين أنه مزيف، وتم إنشاؤه بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعى المتقدمة.

الخبراء قالوا إن يد بوتين لمن يدقق سيكتشف أنها ظهرت مشوشة، ناهيك عن أنها تبدو غير واقعية بالمرة. الخبراء قالوا أيضا إن رأس بوتين المزيف ظهر فى الفيديو بحجم كبير جدا وبشكل غير طبيعى، مقارنة بجسده.

هذا ما كشفه الخبراء، لكن الأهم أن من يعرف شخصية فلاديمير بوتين ـ بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه ـ يدرك أنه شديد الاعتزاز والاعتداد بنفسه وكرامته، وكرامة بلده، بل إن كثيرين يقولون إنه يبدو وكأنه يتعالى على بعض المسئولين الدوليين، وهو ما ظهر مثلا حينما كان يتعمد أن يجلس بعيدا عن ضيوفه خصوصا خلال فترة انتشار كورونا. وبالطبع يمكن بسهولة تخمين وفهم من يقف وراء انتشار مثل هذا الفيديو، فالحرب بين روسيا والغرب منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية فى ٢٤ فبراير من العام الماضى، صارت محتدمة، وهى لا تدور فقط على مسارح الحرب فى المدن الأوكرانية المختلفة، بل هى تدور على عدة جبهات ومنها الجبهة الإعلامية الدعائية المعنوية.

ومن المنطقى أن ندرك أن كل طرف يحاول شيطنة الطرف الآخر، وتشويه صورته أمام العالم أجمع، حتى يؤثر على الروح المعنوية له، ويحسم المعركة فى هذا المجال بالتزامن مع محاولة حسمها عسكريا فوق ميادين المعارك المختلفة.

حينما اندلعت الحرب حاول كل طرف استخدام كل ما لديه من أسلحة إعلامية ودعائية للتأثير على الطرف الآخر، واكتشفنا مع هذه الحرب أن الإعلام لم يكن بريئا سواء فى هذا الجانب أو ذاك.

واكتشفنا أيضا أن معظم ما قيل عن الحيدة والموضوعية والدقة والمهنية، سقطت ليس مع اندلاع الأزمة، بل حتى قبل أن تندلع فعليا، وتتذكر أن الطرفين شنا حروبا سيرانية افتراضية ضد الطرف الآخر، فى محالة للتأثير عليه إعلاميا ودعائيا. واكتشفنا أيضا أن الغرب أكثر مهارة وخبرة واحترافية فى هذه الحروب مقارنة بالدعاية الروسية الفجة، لكن فى النهاية فإن الطرفين يمارسان التضليل والتزوير والتزييف والضحية الأولى هى الحقيقة.

فى هذه السطور لا أؤيد أو أعارض هذا الطرف أو ذاك، بل نحاول لفت الانتباه إلى أن الذكاء الاصطناعى، ورغم فوائده العديدة للبشرية، إلا أنه له سلبيات كثيرة جدا، خصوصا فى عمليات التزييف، فما حدث من ترويج لصورة بوتين وبينج يكشف لنا بوضوح أن هذا الأمر سيكون عنوانا فى الحروب الإعلامية المستقبلية بين الأمم والدول والشعوب والجماعات والأجهزة والأفراد.

المشكلة الحقيقية فى هذا الصدد أن كثيرا من الناس فى كل أنحاء العالم لن يتاح لهم التدقيق ليدركوا هل الصور والفيديوهات التى يتعرضون لها حقيقية أم مزيفة؟! وأغلب الظن أن كثيرين منهم، سوف يصدقون الصور والفيديوهات المزيفة، ومعظمهم قد لا يعرف لاحقا أن ما شاهده كان مزيفا ومزورا.

وبالتالى فإن الخطورة الحقيقية هى أن الأكثر قدرة على اللعب والتزوير والتزييف، والأكثر قدرة على امتلاك التقنيات التكنولوجية، سيكون قادرا على تضليل العدد الأكبر من الناس، بمن فيهم مواطنوه، وليس فقط خصومه.

بقدر الفوائد التى سوف نستفيد منها من الذكاء الاصطناعى، بقدر المصائب التى قد تجلبها هذه التكنولوجيا. فاحترسوا يا أولى الألباب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين وبينج والذكاء الاصطناعي المزيف بوتين وبينج والذكاء الاصطناعي المزيف



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon