حينما يقول سلطان بن سليم إنه لا خطر على قناة السويس من الطريق أو الممر التجاري المزمع تشييده من الهند إلى أوروبا مروراً بالخليج العربي وفلسطين، علينا أن نتعامل مع كلامه بجدية.
لماذا علينا أن نتعامل بجدية مع هذا الكلام؟! لأن قائله يرأس مجلس إدارة وكذلك الرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية.
هذه المجموعة التي بدأت العمل خارج دولة الإمارات في نهاية التسعينيات بادئة بميناء جدة السعودي بعد تجربتها الناجحة في ميناء جبل علي ـ تبلغ محفظتها الحالية حوالي 137 محطة في 60 دولة منها 94 ميناء بحرياً طبقاً لبن سليم، ويعمل بها أكثر من 106 آلاف موظف، وهي من أكبر المشغلين الآن في الهند وبريطانيا وأستراليا وبيرو وكندا، وتوزع بضائع في 20 دولة إفريقية، وأنفقت الشركة 6 مليارات دولار من 2016 حتى 2021 من أجل التطوير لتصبح لاعباً شاملاً في سلسلة التوريد العالمية.
ذكرت المعلومات السابقة حتى أبين الحجم الكبير للمجموعة، وبالتالي فعندما يقول رئيسها إن الممر الجديد المزمع تنفيذه، لن يؤثر على قناة السويس، فهو كلام شديد الأهمية. بن سليم قال هذا الكلام أكثر من مرة وسمعته بنفسي مباشرة حينما كان يتحدث في ندوة مهمة في منتدى الإعلام العربي بدبي.
بن سليم قال كلاماً واضحاً رداً على سؤال صريح من الإعلامي عماد الدين أديب: هل سيؤثر الممر الجديد على قناة السويس؟!
هو أجاب بأن خط القطار الواصل بين روسيا والصين مثلاً وهو الأقدم والأكبر ينقل 300 ألف حاوية سنوياً مقابل 16 مليون حاوية تنقلها قناة السويس، وبالتالي فهذا مثال واحد على استحالة استبدال الملاحة في قناة السويس بأي مشروع آخر.
هو شرح وجهة نظره أكثر بقوله إن 80% من البضائع تنقل عبر البحر، وبالتالي فالنقل بحراً هو الوسيلة الأسرع والأرخص والأكبر، ونتذكر أنه حينما تعطلت الملاحة في قناة السويس العام الماضي بسبب شحوط السفينة إيفر كيفن لمدة أربعين دقيقة فقط فإن الملاحة البحرية تعطلت وتضررت لحوالي ثلاثة أشهر.
فالقطارات لن تكون بديلاً أبداً للنقل البحري، وهو ضرب مثلاً بأن موانئ دبي العالمية أرسلت شحنة براً من جدة إلى برلين عبر العراق وتركيا وشرق أوروبا فوصلت في 8 أيام.
هو يلخص الفكرة بقوله إن النقل البحري هو رقم واحد يليه الشاحنات براً، ثم القطارات، والأعلى تكلفة هو النقل الجوي لأنه الأسرع. وبالتالي فإن الخط التجاري الجديد بين الهند وأوروبا عبر الخليج العربي لن يشكل أي خطر على قناة السويس.
إذاً كلام سلطان بن سليم يعد من أهم التعليقات على الخط المزمع تشييده، خصوصاً أن موانئ دبي العالمية صارت من أسرع الشركات في تحميل وشحن وتنزيل البضائع وترفع شعار «من المصنع إلى المستهلك» وبالتالي فهي تدرك أهمية قناة السويس للنقل البحري بصورة واقعية وملموسة، ولا تتحدث بلغة الإنشاء والعواطف، كما أنها تدير العديد من موانئ العالم ومنها ميناء العين السخنة.
السؤال: لماذا لجأت لكلام سلطان بن سليم للتدليل على عدم تضرر قناة السويس من المشروع؟
نعلم تماماً الجدل الدائر في المنطقة العربية والإقليم والشرق الأوسط منذ أن تبنت مجموعة من الدول تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لفكرة تدشين خطين أو ممرين تجاريين بين الهند وأوروبا عبر الخليج وإسرائيل وهو ما تم إطلاقه على هامش قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في العاصمة الهندية نيودلهي في سبتمبر الماضي. وليس خافياً على كثيرين أن هذه المبادرة التي تمت بمبادرة ورعاية أمريكية موجهة بالأساس للمبادرة الصينية «الحزام والطريق».
ومرة أخرى هناك دول سوف تستفيد من المبادرة. وليس في نواياها بالمرة استبعاد الصين، خصوصاً أن بعضها صاروا أعضاء في مجموعة البريكس التي تقودها الصين ويعتبرها البعض موجهة ضد الولايات المتحدة والنظام العالمي الذي تقوده واشنطن، سواء في السياسة أو الاقتصاد.
ومن الواضح أن المبادرة الأمريكية لا تشمل مصر، وبالتالي أصيب الكثيرون بالقلق خوفاً من أن تكون في سياق محاولات كثيرين لإضعاف وتهميش مصر.. لكن مرة أخرى فإن البعض يسأل الآن عن مدى تأثير الانفجار الكبير في غزة على هذا المشروع وغيره من كل المشروعات المطروحة في المنطقة.