توقيت القاهرة المحلي 06:00:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم دفعتم لإيقاف الكبتاغون؟

  مصر اليوم -

كم دفعتم لإيقاف الكبتاغون

بقلم:عبد الرحمن الراشد

نحن في موسم التهويلِ السوري، مسلسل قصير آخر. عن العلاقة بين الرياض ودمشق، نسمع حكاياتٍ عن المدفوعات المالية لوقف تهريب الكبتاغون، وتمويل لإعادة الإعمار، وتمويل لإرجاع سوريا إلى الجامعة العربية. الروايات الباطلة عادة تتبخر بنهاية موسمها. وكما قال ملك الحيرة قديماً:

قد قِيلَ ذلك إنْ حقاً وإن كذباً ... فما اعتذارُك من قولٍ إذا قيلَا

كم دفعتم لإعادة سوريا للجامعة العربية؟ لا أحدَ دفع، ولن يدفع أحدٌ، دولاراً مقابل عودةِ أي دولة للجامعة العربية ولا للدول المعارضة. في الأساس، العودة مطلبٌ سوري، دمشق تعتبره مقعدَها، ولا تزال تحتفظ بمقاعدِها في كل المنظمات الدولية، وأهمها الأمم المتحدة. ولو أنَّ المعارضة تسلَّمت الحكمَ كانت ستجلس على المقعد نفسه، كذلك، لكنَّها لم تنجح. أيضاً، عودة سوريا لن تغيّر في موازين قوى المنطقة؛ لأنَّها ليست عودة مرتبطة بتغيير المواقف والمحاور.

عودة المياه إلى مجاريها تؤدّي للمصالحات، التي بدورها تهدئ الأوضاع. كما فعلت مصالحات حكومة إردوغان مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر؛ إذ عادت السياحة، والتجارة البينية، وتوقف الإعلام عن التراشق. لم تتغيَّر المنطقة كثيراً بعدها، ولم تتوقَّف الحروب الأخرى. في عودة حكومةِ الأسد، كل الدول، باستثناء ثلاث، لها علاقةٌ مع دمشق، والثلاث ستعيد علاقتَها معها قريباً. والمأمول أن تُسهمَ المصالحات بين دول المنطقة في إعادة معظم السوريين إلى بيوتهم وأهلهم.

ماذا عن الثمن؟ من المستبعد أن تحصلَ دمشقُ على دولار واحد لقاء «منجزات» عودتِها للجامعة، وإعادة العلاقات، بما في ذلك التعاون في وقف عمليات تهريب الكبتاغون للسعودية؛ لأنَّ مكافأة كهذه ستحفز دولاً أخرى على التهاون مع مهربي المخدرات للمساومة عليها، وهكذا.

المكافأة المحتملة لقاء التعاون في محاربة المخدرات هي السماح بالتجارة، برفع الحظر، والتعاون الاقتصادي، الذي يعود بالنفع على الجانبين. الدول التي تتهاون في أن تصبحَ مصدراً أو ممراً للمحظورات، مثل المخدرات والسلاح، لاحقاً تدفع الثمنَ بالتضييق على الواردات منها، الزراعية والصناعية والخدمية. والعكس كذلك صحيح؛ إذ إنَّ غيابَ العلاقة والتبادل التجاري يسهل من تهاون هذه الدول، فلا يوجد لها مصالحُ تخشى عليها.

ويبقى أكثر الأسلحة فاعلية في يد الحكومات المزدهرة إقليمياً، هو العقوبات الاقتصادية، بإغلاق أسواقها في وجه دول التهريب ودول المرور. وتُبنى جدران عالية وطويلة، والاستعانة بالقوات المسلحة، وقوات الحدود، وقوات مكافحة المخدرات للتضييق على محاولات التهريب بالنسبة للدول التي سلطتها ضعيفة أو فاشلة.

التهريب يبدو سلعةً مربحة، لكنَّه سلاح ذو حدين. إيران كانت، ولا تزال، ترانزيت، ومعبراً كبيراً عالمياً للمخدرات من أفغانستان؛ الأفيون والهيروين والكوكايين والحشيش. التهريب، الذي منح نظام طهران شيئاً من المال وقت الضائقة، نفسه أصابها في مقتلين؛ فقد انتشرت المخدرات داخل بلادها حتى أصبحت وباءً خطيراً، وضيّقت معظم الدول، التي لها علاقة معها، على بضائعها من عبور حدودها.

ورغم ضخامة الأموال لا يكسب الاقتصاد، ولا غالبية المجتمع، من تجارة المخدرات عابرة الحدود، من مثل أفغانستان وسوريا ولبنان؛ إذ إن الكاسبَ هناك فئاتٌ محدودةٌ متورطة. وقد ألحقت تجارة المخدرات الضررَ بالتجارة المشروعة لهذه الدول، وصارت محرومة من معظم أسواق دول الخليج.

ولا تقتصر أخطار هذه التجارة على تدمير شباب المجتمع، وقوته الرئيسية، في الدول المستهدفة، بل تهدّد أمنَ الدولة؛ فهي وراء ظهور العصاباتِ المنظمة، وكذلك التنظيمات الإرهابية. كما أنَّ مهربي المخدرات يقومون بجمع المعلومات، وتهريب السلاح وحمله، وإضعاف السلطات المحلية.

وليس بيننا من يتوهَّم أن تهريب الكبتاغون سيتوقَّف سريعاً؛ فتجار المخدرات ومهربوها لن يعدموا الحيلة، ولن يتوقفوا عن المحاولة... هذه حرب مستمرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم دفعتم لإيقاف الكبتاغون كم دفعتم لإيقاف الكبتاغون



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:49 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف
  مصر اليوم - سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف

GMT 10:29 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
  مصر اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في وتقابل حبيب

GMT 01:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دعاء اليوم الثامن من رمضان

GMT 09:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 19:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش

GMT 02:52 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية تعلن ارتفاع استثماراتها في مصر 500%

GMT 22:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العثور على جثة مواطن مصري متعفن داخل شقته في الكويت

GMT 19:36 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اغتصاب وقتل طالبة إسرائيلية على يد مغني

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إيناس إسماعيل تُقدِّم طريقة بسيطة لتصميم ماكيت الكريسماس

GMT 06:31 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير محشي ورق العنب بلحم الغنم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon