توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا سيحدث في طهران؟

  مصر اليوم -

ماذا سيحدث في طهران

بقلم:عبد الرحمن الراشد

الاحتجاجات التي عمَّت - تقريباً - كل المدن الإيرانية، توحي بأنَّها أخطرُ ما عرفته البلادُ في أربعين عاماً. وعلى الرغم من أنَّها كذلك، فمن المستبعد أن تؤديَ إلى تقويض النظام، بخلاف احتجاجات عام 1979 التي أدَّت إلى سقوط الشاه. فالنظام الحالي أكثر عنفاً، إلا أنَّه وإن لم يسقط، فهو يتآكل وهو واقف. عودة الاحتجاجات تؤكِّد أنَّ الدولة في محنة، وقد أصبحت المظاهرات الشعبية ضدَّها حالةً مزمنةً. لم يمر عامٌ في عقدين، من دون أن يخرج الناسُ إلى الشارع ضد الحكومة رغم تبديل الوجوه: خاتمي، ونجاد، وروحاني، ورئيسي.
السبب الحقيقي يكمن في عجز القيادة الإيرانية عن التعامل مع الواقع المتغير في مجتمع الشباب، الذي يهدّد بقاءَ النظام في نهاية المطاف. طبعاً، ليس سهلاً على الأنظمة المؤدلجة أن تتراجعَ عن خطابها ومنهجها. ففي روسيا، تبنَّى الحزب الشيوعي الثورة من داخله، عام 1991، عندما أصبح على حافة الانهيار. وتبنت الصين، تدريجياً، منهجاً حديثاً مرناً في الإدارة، حيث أبقت على الحزب، وخلعت الممارسات الشيوعية. فقد كانت حتى الملابس موحدة، والدراجات هي المواصلات الرئيسية، ونصف نهار الناس يملأه وعاظُ الحكومة عن فضائل الشيوعية ضد المادية والرأسمالية. كل العالم تغيّر ولم يبقَ فيه سوى بلدين: إيران، وكوريا الشمالية.
وبدلاً من التغيير، وهروباً من المسؤولية، فإنَّ طهران تُروِّج لحكاية المؤامرة في تفسير ما يحدث للناس، ملقية اللومَ على الأميركان والجيران والإعلام، في حين أنَّ المشكلة داخلية، وستكبر مع الوقت ما لم تعترف طهران بأنَّ العلَّةَ والعلاج في داخلها. فالإعلام الذي تلومه طهران مجردُ صدى، بدليل أنَّ لديها نحوَ سلسلةٍ من الوسائل الإعلامية موجهة ضد خصومها باللغة العربية، لم تتسبَّب في ظهور مظاهرة واحدة في تلك البلدان.
وهذا لا يعني أنَّ إيران تستطيع أن تعيش في بيت زجاجي في منطقة مضطربة. وقيل قديماً: «من يزرع الريحَ يحصد العاصفة»، فالفوضى التي تعمُّ إيرانَ، من عدوى الفوضى التي زرعها نظام خامنئي في المنطقة.
منذ وصول رجال الدين إلى السلطة، وهم متمسكون بإدارة تفاصيل حياة سبعين مليونَ إنسانٍ تعسفاً.
الذي أشعل الانتفاضة الجديدة، مقتل فتاة كردية ضربها رجال شرطة الإرشاد الدينية حتى الموت، بحجَّة أنَّ حجابَها «لم يكن كافياً»، وكان الشرارة التي حرَّكت غضب الإيرانيين الذين طفح بهم الكيل. احتجاجهم على نظام فشل في تأمين معيشة كريمة، ولا يكفُّ عن البطش بهم.
التطور الملحوظ في المواجهات المصورة، أنَّ بعضَ المتظاهرين كانوا يقفون في وجه قوات الأمن ويهاجمونها. والتطور المضاد أنَّ النظام، فعلاً، لجأ، هذه المرة، إلى عزل الشعب الإيراني، بإغلاق وسائل التواصل وشبكات الإنترنت. ومن المستبعد أنْ يفعلَ النظام شيئاً حاسماً لتهدئة الشارع، سوى اتهام المتظاهرين بأنَّهم «دواعش» و«عملاء».
الرئيس إبراهيم رئيسي في البداية، خاطب الجمهور ساعياً لاسترضائه، قائلاً إن ما فعلته الشرطة الدينية كان خاطئاً، وسيتمُّ التحقيق فيه، وإنَّه يتعاطف مع أهل الفتاة القتيلة، كما لو أنَّها واحدة من بناته. ولو كانت احتجاجات الناس بسبب هذه الجريمة، فلربما تمكَّن النظامُ من تهدئة الخواطر بإعلانه التحقيق ومعاقبة المتورطين، إنَّما أزمة النظام وجودية، وليست فقط معيشية أو مخالفات وممارسات فردية. النظام الثيوقراطي لم يعد مقبولاً ولا فعالاً، فقد انتهى زمن تقديس المرشد ورجال الدين، وأصبحوا في نظر المتظاهرين رمزاً للفساد والتسلط. إيران اليوم بلدٌ فقير، يفاخر بإنجازاته العسكرية التي لا تطعم مواطنيه خبزاً.
والاحتجاجات الحالية سلسلةٌ مترابطة، من مظاهرات جامعية، إلى احتجاجات ضخمة في العاصمة، عام 2009، قادها رجال دين متمردون على نظامهم. ثم اندلعت بعنف في 2017 لأسباب معيشية. وعادت في 2019 واستمرت لأشهر طويلة في الأرياف والأقاليم البعيدة، والحالية اندلعت في كردستان ووصلت طهران. وستستمر المظاهرات ترهق النظام وستجبره في الأخير على تقديم التنازلات التي يرفض تقديمها اليوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا سيحدث في طهران ماذا سيحدث في طهران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon