توقيت القاهرة المحلي 05:59:49 آخر تحديث
الخميس 17 نيسان / أبريل 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

انتصارُ أميركا على الحوثي لا يكفي

  مصر اليوم -

انتصارُ أميركا على الحوثي لا يكفي

بقلم: عبد الرحمن الراشد

منذ عشرينَ يوماً والقواتُ الأميركية تقصفُ بوتيرةٍ عاليةٍ أنظمةَ صواريخ الحوثي، وطائراتٍ مسيَّرةً، ودفاعات جوية، ومخازنَ سلاح، ومراكزَ قيادة، ومواقعَ تدريب، وبيوتاً لقادة الميليشيا في عددٍ من المحافظات إلى جانب صنعاء.

لو استمرّتِ العملياتُ بهذا التركيز، وقضتْ على ما تبقَّى من قدرات الحوثي العسكريةِ هل تنهي وجودَه، وماذا سيحدث لاحقاً؟

في سوريا، بعد إضعافِ قدرات الأسد، سارعت «هيئةُ تحرير الشام»، مستفيدةً من الوضع السوري والإقليمي، وزحفتْ من إدلب وحلب نحو أربعمائة كيلومتر إلى دمشق، وقضتْ على النظام.

في لبنان، دمَّرت إسرائيلُ قدراتٍ، وقضتْ على قياداتِ «حزب الله». الجيشُ اللبناني ملأ الفراغَ، وصار المسيطر على الطرق السريعة والمطار وكلَّ المنشآت الحيوية، وانتُخبَ رئيسٌ، وشُكّلت حكومة.

في اليمن يتمُّ تدميرُ قدرات الحوثي، وربَّما أصبح في حالةِ انهيار، لكن من دون أن نلحظَ ظهور البديل. الحملة العسكرية تبدو مؤثرةً، والحوثي سيسعى لعقد صفقة مع واشنطن لإنقاذ ما تبقَّى من وجوده. مع هذا، الهجماتُ من البحر والسماء لن تكفيَ للتَّخلص منه، فالجميع في انتظار فريقٍ يمني مسلح يستولي على العاصمةِ صنعاء. من دون ذلك، وبعد وقفِ المعارك، ستستطيع الميليشيا الإيرانيةُ إعادةَ تأهيل نفسها في العاصمة، والاحتفاظ بشمال اليمن ليبقَى تحت حكمِها.

«الحوثي» و«حزب الله» و«طالبان»، والميليشيا الدينية الإقليمية الأخرى، لا تنتهي بمجرد هزيمتها عسكرياً، إذْ بمقدورِها العودةُ وتجنيدُ الشباب وجمعُ الأموال وعقدُ التحالفات، مع اللعب على التناقضات الإقليمية والأجنبية.

أهمية العملِ العسكري الأميركي أنَّه جاءَ بعد توافق دولي على تجريم أفعال «الحوثي». لكن الأميركيين لا يريدون من الحرب سوى تحقيقِ هدفين، هما القضاء على قدراتِ الحوثي العسكرية التي تُهدّد الملاحة الدولية، والثاني إجبار الميليشيا على التَّعهد بالامتناع عن تهديدِ السفن العابرة. سينتهي «الحوثي» بوصفه مشكلة للعالم، ويبقَى مشكلةً للشعب اليمني والمنطقة.

عند محاصرةِ الحوثي عسكرياً، وحتى لا تضيع الفرصة هباءً، يأتي الحلُّ السياسيُّ المكملُ لوضع حدٍّ للنزاع اليمني ككل، وليس فقط إنهاء مشكلةِ الملاحة الدولية. وأي حلٍّ سياسي سيكون جديداً، لا يتضمن مطالبَ الحوثي السابقة، قبل تدمير قدراته. فقد كانَ يطمع في إدارة الحكومة ووزاراتها السيادية، بما فيها السيطرةُ على الأمن والقوات المسلحة. الشروط القديمة لم تعد تلائم الواقع الطارئ.

واشنطن مستمرةٌ عسكرياً منذ منتصف الشهر الماضي في انتظار أن يرفعَ الحوثيون الرايةَ البيضاء متعهدين بعدم تهديد السفن الأميركية وغيرها العابرة لمضيق باب المندب. وأعتقد أنَّنا لسنا بعيدين عن هذا التصور، وسيزعم «الحوثي» أنَّه أوقف هجماتِه منسجماً مع حلِّ أزمة غزة، والواقع هو نتيجة لتدمير قدراتِه في اليمن.

إن استمرَّ «الحوثي» يحكم صنعاءَ فهو انتصارٌ له لأنَّ نظام الأسد سقط، و«حزب الله» في شبه انهيار، و«حماس» تفاوض على نهاية حكمها في غزة.

للحملة العسكرية أنْ تسهم في تغيير الوضع إمَّا تغييراً كاملاً، بالقضاء على «الحوثي»، وإما دفعه للتنازل عن معظم السلطة، وهذا لن يتأتَّى من دون فريق عسكري على الأرض. فهل هناك قوةٌ مسلحة يمنية، مقبولة يمنياً ودولياً، تتحرَّك باتجاه المركز للاستفادة من ضعف «الحوثي» واستباق الفراغ المحتمل بما يجلبه من مخاطرَ جديدة.

البديل لـ«الحوثي» في هذه الحالة ليس انقلاباً عسكرياً أو سيطرة ميليشيا مكان ميليشيا، بل القوة التي تدحر «الحوثي» وتؤيد الحلَّ السياسيَّ في إطار ما سبق التفاوض عليه. وقد سار اليمنيون مسافة جيدة نحو التوافق، لولا أنَّ «الحوثي» اغتصب السلطةَ، وعطَّل العملية السياسية في أواخر 2014. سبق ذلك التاريخ جهدٌ يمني كبير؛ حيث تحاوروا وتوافقوا على خريطة طريق فيها دستورٌ ومؤسسات، واتفقوا على مرحلة انتقالية.

وحتى عقب استيلاء «الحوثي» تمَّ الحفاظ على الشرعية بصفتها كياناً، الأمر الذي حرمَ الميليشيا من اعتراف العالم بها. وهي إلى اليوم تحفظ لليمن وجودَه القانوني الدولي، ولها حكومتُها ووزاراتها وسفاراتُها والعملة الوطنية والبنك المركزي، ويمكن أن تبقى مظلةً للجميع تنهي حالة الحرب والفوضى، وحلّ القضايا تحتها.

ويُمثل الانقضاض العسكري الأميركي اليوم على ميليشيا الحوثي فرصةً للتغيير في اليمن، قد لا تتكرر لسنوات مقبلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتصارُ أميركا على الحوثي لا يكفي انتصارُ أميركا على الحوثي لا يكفي



GMT 05:59 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

بين الأنديز والأمازون

GMT 05:57 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

تعريفات ترمب هزّت العالم وأضرّت أميركا!

GMT 05:53 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

ترمب ودرس أدب في الجامعات الأميركية!

GMT 05:51 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قصة سوسن... ومآسي حرب السودان

GMT 05:49 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

حذار المماطلة... انتفى دور السلاح اللاشرعي!

GMT 05:47 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

التجارة في زمن الفراعنة

GMT 05:45 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

حول العولمة وأحاديث النهايات

GMT 05:43 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

ترمب صار خصماً للكثير من العواصم وليس عدواً

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 01:09 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

بولندا تهزم تونس بفارق هدفين في مونديال اليد 2021

GMT 08:14 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

حكم جديد بقضية "فتاة التيك توك" مودة الأدهم وصديقتها

GMT 21:19 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تصدم الجمهور قبل 4 اشهر من ذكرى زواجها الأولى

GMT 17:24 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

بيان جديد من مرتضى منصور للرد على لجنة إدارة الزمالك

GMT 11:32 2020 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعتزم طرح أذون خزانة بقيمة 690 مليون يورو

GMT 07:41 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار اللحوم في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 04:00 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة الأميركية تغلق على ارتفاع بعد جلسة متقلبة

GMT 20:32 2020 السبت ,12 أيلول / سبتمبر

تصاميم درابزين للسلالم الداخلية والخارجية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon