توقيت القاهرة المحلي 21:41:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران والجبهة الداخلية

  مصر اليوم -

إيران والجبهة الداخلية

بقلم: عبد الرحمن الراشد

رغم سنين العداء، لا توجد رغبة عند دول المنطقة في تغيير النظام الإيراني. أولاً، ربما لأنها لا تستطيع، ولو حاولت ستبقى الكلفة عالية على الجميع. وثانياً، لأن التدخل الخارجي يفتح باب الحروب والفوضى، والجميع في غنى عنها. إنما هذا التفكير العقلاني ليس من خصائص السياسة الإيرانية. فمنذ أول يوم اعتلى الحكم مؤسس إيران الاسلامية، آية الله الخميني، عام 1979، جاهر بنيته تصدير الثورة إلى دول المنطقة، أي تغيير أنظمتها بالحروب والفتن، ولا تزال تمارس وعودها الثورية.
وعلى الرغم من هذا، نستطيع التعايش مع جارنا صاحب النظام السيئ المتربص بنا، شرط أن ننام بعين واحدة مفتوحة، متطلعين للأفضل، ومستعدين للأسوأ. وفي العالم حالات مشابهة لنا. كوريا الجنوبية، دولة مسالمة مزدهرة وناجحة تجاور كوريا الشمالية، دولة شريرة وبائسة ومغلقة. لنحو سبعين عاماً تعايش البلدان في حالة من اللاحرب واللاسلم. تفصل بينهما منطقة منزوعة السلاح، وخلفها يتواجه جيشان مدججان بكل أنواع الأسلحة وأصابعهم على الزناد. سيول تعيش حالة تأهب مستمرة، بالملاجئ والخدمة العسكرية، ومستعدة لقطع الجسور من على النهر. ولم يمنع ذلك أن يعيش سكانها حياتهم في استقرار وازدهار. كوريا الجنوبية تشبه دول الخليج معظم اهتماماتها تنموية. وكوريا الشمالية مثل إيران، نظام عسكري مؤدلج بعبادة الفرد ينفق كل مقدّراته على تغذية حاجاته العسكرية، وعينه على جارته الناجحة والثرية.
نظام طهران الذي يخيف دول المنطقة يخاف من مواطنيه. الداخل هو كعب أخيل. أصبح النظام متهالكاً، يعيش في صندوق قديم عاجز عن الخروج منه. وقد يلقى مصير دول انهارت مثل الاتحاد السوفياتي، الذي لم تقضِ عليه الصواريخ النووية الأميركية بل انهار من وراء سوء الإدارة الحكومية وضعف اقتصاده.
في طهران، يقود الدولة رجال الدين من مفاصلها إلى تفاصيلها، من الاقتصاد إلى الخدمات إلى السياسة والجيش والمخابرات، ولهذا الوضع الداخلي في تراجع لم ينقطع. ولا تخطئ العين اتساع دائرة الرفض التي كانت محصورة في الماضي بالمعارضة الوطنية الخارجية والأقليات الانفصالية. فالاحتجاجات الخضراء في عام 2009 أوقد نيرانَها رجال دين إصلاحيون من داخل النظام، وعمت الاحتجاجات كل القطاعات، التعليم والصحة والنقل. وامتدت من الحواضر إلى الأرياف التي كانت تعتبر الأكثر ولاءً. وحديثاً، انضم إلى المحتجين أقرب الفئات إلى النظام، القضاة ومسؤولو السجون. احتجاجاتهم معيشية ومادية وسياسية.
فشلت الحكومات المتعاقبة في إدارة موارد البلاد، وفشلها هذا يحفزها على العدوان والحروب طمعاً في الموارد الخارجية. فالنظام في حالة جوع مستمرة لمزيد من المصادر، وطموحاته لن تكفيها موارده النفطية حتى لو عاد الإنتاج إلى أقصى طاقته. في يوليو (تموز) 2018، قال خامنئي إنه يتطلع لأن يبلغ عدد السكان 150 مليون نسمة! كان سكان البلاد عند وصول الخميني للحكم 38 مليون نسمة وفي عام 2030 سيبلغون 84 مليوناً. ويقول خامنئي، قرأت في مكان ما يقولون، «سيدي، لا حرج في شيخوخة السكان».. كيف لا توجد مشكلة؟ إن أحد أكثر الأصول المربحة للبلد هم الشباب. وإنه «لا يتم الإنجاب بالأقوال فقط». خامنئي الذي لا يفهم أبجديات الحساب والاقتصاد لا يستطيع اليوم توفير ما يكفي من الخبز للناس وخمسة وخمسون في المائة من سكانه تحت خط الفقر.
حتى لو رفعت العقوبات لن تفلح في إصلاح الوضع، لأن النظام ديني عسكري يعادي فكرة الانفتاح الاجتماعي الاقتصادي. وبسبب فشله في الداخل ستستمر أزماته. ومثل بقية الأنظمة الشمولية العاجزة استثماره في الحروب الخارجية لتمويل ميزانيته. وسبق أن وعد المسؤولون أنهم سيستردون كل تومان أنفقوه في سوريا بعشرة. وسواء كانت استثماراتهم العسكرية مربحة أم لا فإن السيطرة وتهديد الجيران سيزداد مع الوقت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والجبهة الداخلية إيران والجبهة الداخلية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon