توقيت القاهرة المحلي 21:31:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التوازن والردع مع إيران

  مصر اليوم -

التوازن والردع مع إيران

بقلم: عبد الرحمن الراشد

كنت مع كتيبة الإعلاميين التي غطَّت مؤتمر القمة العربية في بغداد في مايو (أيار) عام 1990. وأتذكَّر ما قاله صدام حسين، الرئيس العراقي آنذاك، وهو يمسك بقلمه كأنَّه يلقي محاضرة على الزعماء الجالسين. تحدَّث عن التبدلات في المنطقة وعمَّا سماه الفراغ الذي قال لا بد أن نملأه. لا أعتقد أن أحداً فهم ما كان يرمي إليه، خاصة أنَّ العراق خرج منذ نحو عامين فقط بصعوبة من حربه مع إيران التي بدأت عام 1980، نتيجة تقديره الخاطئ بأنَّ سقوط نظام الشاه أنتج فراغاً في القوة، وظنَّ صدام أنها فرصته للانقضاض على جارته، وكان الثمن غالياً على البلدين. تمرُّ 10 سنوات لاحقة ويظنُّ صدام أنَّ الانسحابات السوفياتية من مناطق نفوذها مع نهاية الحرب الباردة تعني أنَّ الولايات المتحدة لن تبالي بما يحدث، خاصة بين دول صديقة. وبعد خطابه عن «الفراغ» بشهرين عبرت الدبابات العراقية الحدود واستولت على العاصمة الكويت.
الفراغ، أو وهم الفراغ، محفز لنظام مثل الذي في طهران، لبسط نفوذه. وكما أوضحت في مقال أمس، أنَّ هناك بالفعل حقائقَ استجدَّت وأذنت بمرحلة تاريخية جديدة. فالنظام الإقليمي السابق ولد نتاج اتفاقات ما بعد الحرب العالمية الثانية التي ثبتت الحدود، وانقسام العالم إلى قطبين في الحرب الباردة، والثالث اعتبار واشنطن النفط في صلب مصالحها القومية العليا التي تستوجب الدفاع عنها بالقوة العسكرية، ما منح الخليج حماية دامت 70 عاماً. كلها انتهت صلاحيتها، فالولايات المتحدة اليوم هي أكبر منتج للنفط في العالم. لم تعد استراتيجية ضمان تدفق النفط مهمة لواشنطن، بل مواجهة الصين في الشرق الأوسط، الذي هو مصدرها الرئيسي للطاقة. سيبقى الأميركيون في المنطقة ضمن لعبة التوازن، ولكن نتوقع بالتزامات أقل.
طهران، مثل دول المنطقة، تقرأ المتغيرات وتقرّر بناءً عليها. لهذا نرى كيف أصبحت لديها الجسارة لتوسيع عملياتها العسكرية الخارجية. قبل 10 سنوات كانت تكتفي بإدارة الضاحية الجنوبية في بيروت. اليوم، نفوذها من لبنان وسوريا والعراق إلى صنعاء في اليمن. الإيرانيون لم يفعلوا شيئاً لبلدهم سوى تحسين قدراتها العسكرية الصاروخية والبحرية، ولا تضع في حسبانها خسائرها المحتملة في أي حرب مقبلة من الأصول الصناعية والاقتصادية، لأنَّها محدودة مقارنة بخصومها.
مقالي ليس مرتبطاً بما يجري من مفاوضات في بغداد وفيينا وغيرهما، وأرجو ألا يقرأ سوى رأيي الشخصي. هو تناول للمدى المتوسط والطويل للعلاقات بين إيران وجاراتها، ومنها دول الخليج. ورأيي أنه حتى لو نجحت المساعي الجديدة، وتبادلت السعودية وبقية دول الخليج السفراء مع إيران، ورأينا صور المصافحة والابتسامات، فإنَّ الخطر الإيراني باقٍ لوجود دوافعه وآلياته. ومن المستبعد أن تنجحَ مفاوضات فيينا في معالجة هذا الخلل، لأنَّ لدى المفاوضين الغربيين أولويات مختلفة. والاتفاق المحتمل في فيينا، بتجميد مشروع التسلح النووي الإيراني يظلُّ بالنسبة لنا، رغم قصوره، مكسباً لأنَّه يمنحنا مزيداً من الوقت، وربما يقود مستقبلاً إلى الحل الأكبر، حلّ سلمي شامل مع إيران.
الزمن وتطوراته تجاوز مفاهيم السياسات السابقة التي بنيت على توازنات الحرب الباردة، ومركزية النفط في السياسة الدفاعية الأميركية.
اليوم، لا مناصَ من إعادة النظر في مفهوم دور الردع وسياسات الدفاع الوطني والإقليمي مع التبدلات الجيوسياسية والتطورات التقنية. حياكة المشروع الدبلوماسي بالتحالفات وتطوير القوى الدفاعية سيجعل إيران أعرف أنه لا يوجد فراغ، أو أن تكون المواجهة سهلة.
أدرك وجهة نظر الذين يرفضون فكرة التوازن والردع، من منطلق أنَّها ستضع عبئاً اقتصادياً على دولنا، وقد ترفع مستوى التوتر والحروب مستقبلاً. لكنَّهم لا يملكون الإجابة عن؛ ما هو البديل؟ لا يمكننا أن نركنَ إلى حسن النوايا مع إيران. تحقيق التوازن هو ما سيدفع طهران للقبول بمشروع للسلام الإقليمي، تحترم كل دولة حدودَ جيرانها وسيادتها، وتضع قواعد تحول دون العدوان المسلح.
للحديث صلة، إيران من الداخل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوازن والردع مع إيران التوازن والردع مع إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon