توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هاريس التي لا نعرفها

  مصر اليوم -

هاريس التي لا نعرفها

بقلم: عبد الرحمن الراشد

لو تعثَّر ترمب على سلَّمِ الطائرةِ قد يكون ذلك كافياً ليعيدَ حساباتِ الربحِ والخسارة، وقد بَقِيَ أكثرُ من ثلاثة أشهر - ستكونُ حافلةً - على الاقتراعِ الرئاسي في الولايات المتحدة.

شجاعة ترمب غير المسبوقةِ على المنصة، بعد أن أصابتِ الرصاصةُ أذنَه، كانتْ لحظةً فارقةً في حياتِه منحته تعاطفاً وثقةً كبيرة بين المتشكّكين والمتردّدين في الاختيارِ بينَه وبين المرشحِ المنسحبِ بايدن.

لكنَّ حادثةَ المنصةِ أصبحت تاريخاً حيث تأكل الأحداثُ السريعةُ من رصيدِ المرشح، ما لم يكنْ له قاعدةٌ شعبيةٌ عريضةٌ ثابتة. القاعدةُ الجماهيريةُ عادة هم الناخبون الذين قلَّما يغيرون رأيهم، وأصحاب القضايا، وكذلك الملتزمون حزبياً. ولكل من المرشحين قاعدتُه، ولكلّ حزبٍ أتباعُه الخُلّص. التنافس الانتخابي عادةً على المتشكّكين والمتردّدين، وهم جمهورُ المِنطقةِ الوسطى.

المرشحةُ الرئاسيةُ الديمقراطيةُ المنتظرة كامالا هاريس لا نعرفُ لها شعبيةً كبيرةً ولا حضوراً إعلامياً كافياً ولا أفكاراً ارتبطت بها. وهذا لا يقلّل من أهمّيتِها. هاريس جاءتْ من خلفيةٍ قانونية، في حين أنَّ ترمب مطوّرٌ عقاري، و26 رئيساً من 46 حكموا الولاياتِ المتحدة جاءوا من خلفيةٍ قانونيةٍ كدارسي قانون ومحامين. هاريس كانت مدعيةً عامةً لولاية كاليفورنيا وقبلَها مدينة سان فرنسيسكو لنحو 13 عاماً. جيء بهَا من المجال الطبيعي للعاملين في الحقلِ السياسي، ويُضاف لسجلّها أربعُ سنوات أخرى وأكثر أهمية، عندما وصلتْ إلى مجلسِ الشيوخ؛ البرلمان الأهم في الكونغرس.

خرجَ جو بايدن من السّباق، بعد أن قضَى عليه ترمب بشعبيّته والحملةِ الإعلامية من ماكينة الحزب الجمهوري بعد انكشاف عجزِه الصحي، وتمَّ ترشيحُ هاريس لتحلَّ محلَّه، وقطعاً ستحظى باختيار الحزب، لكن هل يُعقل أن تصبحَ هذه السيدةُ شبهُ المجهولةِ في عالم الكبار نجمةً ساطعةً بجوار شخصيةٍ عملاقة مثل ترمب؟ لكن إذا انتصرت في السباق ستكون حدثاً مهماً، وهناك من لا يستبعد فوزَها لاعتبارات أبرزُها ليس حبّاً في هاريس، ولكن بسببِ الانقسام الحاد بين الأميركيين.

الانتخابات الأميركية كمتابعةٍ واهتمام شأنٌ عالميٌّ وليست مسألةً محلية، بحكمِ نفوذِ القوة الكبرى وعلوّها. عكس ما يعتقده البعض، فالقضايا الخارجية ليست حاسمةً في الصوت الأميركي عند الاقتراع، بما في ذلك الصراع مع الصين، والحرب في أوكرانيا، والعداء مع إيران، وملفات إسرائيل وفلسطين، والإرهاب، و«الناتو»، وغيرها. أولوية الناخب الأميركي هي قضايا محلية، وغالباً تلك التي تهيمن على البرامج الانتخابية، وهذا لا ينفِي أهميةَ القوى الداخليةِ ذاتِ الامتدادات الخارجية مثل اللوبي اليهودي والأرمني والتركي واللاتيني، إلا أنَّها ليست في مقام القضايا الاقتصادية مثل الوظائفِ وغلاءِ المعيشة، ولا القضايا المجتمعية مثل المرأةِ وحملِ السلاح والتعليم. فالإجهاض أهمُّ من الصّراعِ مع الصين أو حرب غزة.

السَّعي للتعرف على العملية الانتخابية الأميركية وقضاياها وشخوصها من ضروراتِ الثقافة السياسية التي نلحظ أنَّها أصبحت جاذبةً أكثر حتى بين صغارِ الشَّباب. ومن الطبيعي أن نركّز أكثر على التَّعرف على البرامج السياسية للمرشحين والأحزاب التي تهمُّنا: الطاقة، ومواجهةُ التَّغوُّلِ الإيراني ووكلائها، والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والقرن الأفريقي، والتحالفات العسكرية، والعلاقات الثنائية والتوازنات الدولية، وغيرها. لكن هناك القليل بشأنِها.

نعرف الكثيرَ عن ترمب في رئاسته الأولى، الذي اكتشفَ معظمُنا أنَّه أفضلُ من سابقيه، ولا نعرف الكثيرَ عن برامجه وقياداتِه التي ستنتقل معه للبيت الأبيض إن كسبَ الانتخابات. قد لا يكون ترمب الثاني هو ترمبَ الأول، إلا إذا رأينا الوجوهَ المألوفةَ والفاعلة سابقاً مثل جاريد كوشنر. ونعرف القليلَ جداً بشأن قضايا منطقتِنا عن المرشحةِ المحتملة هاريس، لكن يمكن أن نستدلَّ عليها من برنامج الحزب الديمقراطي.

في رأيي، أيُّ مرشحٍ يصل إلى الرئاسة، غالباً يعتمد السياسة الخارجية العليا للولايات المتحدة، ويختلف الرؤساء في التفاصيل، والتفاصيلُ قد تكون مهمة. فالتأييد الأميركي للمملكة العربية السعودية مثلاً في مواجهة إيران سيتبنَّاه الفائزُ سواء ترمب أو هاريس، لاعتبارات تهمُّ المصالحَ العليا للولايات المتحدة. إنَّما هل يدعم ترمب أو هاريس الاتفاقيةَ العسكريةَ التي فاوضها ويورثها بايدن؟ أمرٌ متروكٌ لحينه. هل سيضغط أيٌّ منهما لمشروع دولة فلسطينية أو حل نهائي مع لبنان؟ وكذلك مصيرُ القوات الأميركية في سوريا والعراق، والتعامل مع التهديد الإيراني الحوثي للملاحة في البحر الأحمر... كلها قضايا لا توجد فيها التزامات واضحة في هذه المرحلة وليست ضمن برامج المرشحين الانتخابية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاريس التي لا نعرفها هاريس التي لا نعرفها



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon