توقيت القاهرة المحلي 09:22:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مراهنات خطيرة في السودان

  مصر اليوم -

مراهنات خطيرة في السودان

بقلم : عبد الرحمن الراشد

«لقد كتب البرهان نهايته بيده.. وسلطة الجماهير ستقتلع البرهان ومجلسه كعصف مأكول».
الجملة أعلاه منسوبة لتجمع المهنيين الذي يقود عملية المواجهة، وهي تعكس حالة الاحتقان في الخرطوم بين الجانبين في الصراع على الصلاحيات والنفوذ بين العسكر والمدنيين، وكذلك بين القوى والأحزاب المدنية نفسها.
السودان بين طريقين،؛ نفق الدم ودرب النجاة. ولو كانت الاحتمالات ستنتهي سلمياً في أي اتجاه كان وبما يرضي غالبية السودانيين فإنها أزمة طبيعية في ظل الانتقال من حكم البشير والجماعة القومية الإسلامية المتطرفة التي قادت السودان إلى الخراب والعزلة الدولية وتسببت في تقسيم البلاد.
من الطبيعي، نتيجة الإرث السيئ الطويل، أن يختلف السودانيون بين بعضهم حول مَن وكيف وإلى أين، لكن نظرة إلى الفترة القصيرة التي تلت إقصاء البشير ونظامه يمكن أن نرى أن ما تم تحقيقه داخلياً وخارجياً يفوق كل التوقعات؛ تقدم سريع في التعامل مع العقوبات الدولية، والديون الضخمة والحروب الموروثة.
إلا أن العملية السياسية الانتقالية لم تسر بنفس النجاح نتيجة لتعدد المراكز والقوى الداخلية، والتدخلات الخارجية، ونظراً لتوقعات القوى المدنية التي لا تلبيها القيادة العسكرية المتشككة في هوية وتبعية بعض هذه القوى السياسية الغامضة.
بين الدربين، فإن فرض حل سياسي بالقوة من الشارع قد يقود السودان إلى الفوضى. وانتكاسة الأيام المقبلة ستتسبب في سنوات طويلة من الحكم العسكري وليس العكس.
الأسباب التي ستؤدي إلى تشديد القبضة وتأجيل الانتقال إلى الحكم المدني أن المؤسسة العسكرية السودانية القوية تكاد تكون موحدة خلف قيادتها وتملك القدرة على فرض وجودها بالقوة.
القوى الإقليمية ستقبل بالتعامل مع الفريق الأقوى في الخرطوم، والذي يحقق الاستقرار، بغض النظر عن الجدل السياسي في العاصمة. فالمنطقة العربية في حالة اضطراب خطيرة، وانزلاق السودان نحو الفوضى سيهدد دول الجوار ومصالح الدول الكبرى.
مراهنة المعارضة على أن بقية القوى المدنية ستسير خلفها قد لا يكون صحيحاً، وفي هذا الحال انقسام المجتمع المدني على نفسه سيعطي القيادة العسكرية، الشرعية التي تحتاجها مع تهميش القوى المعارضة.
المراهنة الثالثة على اعتبار القوى الاحتجاجية أنها تمثل حاجات الشارع السوداني ومطالبه، أيضاً، قد لا تدوم طويلاً، في حال نجحت القيادة العسكرية، تحت أي إدارة مدنية بديلة، في تحسين الوضع المعيشي والأمني، كما حدث في مصر. بإقصاء الحكومة الإخوانية هناك استتب الأمن وتحسنت الأوضاع الاقتصادية المصرية، حتى مع حالة الاستنفار الأمني.
المراهنة الرابعة على التدخل الخارجي، وهو الأكثر وضوحاً مع التصريحات المكثفة من واشنطن ومن عواصم أوروبية ومن الأمم المتحدة.
دم أفغانستان لم يجف بعد وهي مثال حي على سوء الالتزامات الدولية وفقدانها للمصداقية. واليمن مثال حي آخر على الفشل الدولي. فرضت الضغوط الدولية على تنحي الرئيس علي عبد الله صالح وتشكيل حكومة مدنية انتقالية ثم كتابة الدستور بالتعاون مع الأمم المتحدة، وعندما استولى المسلحون من ميليشيات الحوثي على صنعاء تراجع الموقف الدولي عن كل وعوده. اليمن منذ ذلك اليوم يعيش في حالة احتراب وفوضى وبؤس. على السودانيين أن يبحثوا عن حل وسط يحفظ للجميع الاستقرار وسلطة قوية وحكماً مدنياً مقبولاً من غالبية السودانيين.
هناك قوى خارجية إقليمية ودولية مستعدة لخلق فوضى في السودان امتداداً لما يحدث في ليبيا واليمن. ويمكننا أن نرى عملية تضخيم الأزمة والدعوى للعصيان والفوضى ليست كلها دعوات بريئة كما تبدو، وهذا لا يعني أبداً إلغاء حق القوى المدنية وتهميش مطالبها في إطار لا يتسبب في دفع البلاد نحو الفوضى والاقتتال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مراهنات خطيرة في السودان مراهنات خطيرة في السودان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon