توقيت القاهرة المحلي 09:22:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفغانستان وفشل المشروع السياسي

  مصر اليوم -

أفغانستان وفشل المشروع السياسي

بقلم - عبد الرحمن الراشد

السبب في محنة الولايات المتحدة في هجمات 11 سبتمبر عام 2001 التطرف الديني السياسي الذي ولد الإرهابيين من نفذوا الهجمات. وهذه جملة مشحونة لا تعني التدين بل تسييس الدين.
غزو واحتلال أفغانستان كان للتخلص ممن نفذ الهجوم. الهدف الأوسع وهو التخلص من الإرهابيين كان يتطلب استراتيجية لمحاربة الفكر المتطرف، المحرك الأساسي لـ«القاعدة» ثم «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرها.
أميركا انتصرت عسكرياً سريعاً في أسابيع، انهار نظام طالبان وفر قادة «القاعدة» الناجون إلى إيران وباكستان. لكن الفكر والتنظيم السري لهذه الجماعات لم يمت، بل أنجبت «القاعدة» تنظيمات مثل «داعش». ورجعت طالبان للحكم بالسلاح، رغم مرور عشرين عاماً من طردهم وملاحقتهم.
من التحديات التي واجهتها القوة الأميركية خلال العقدين في إدارة كابل مواجهة الفكر المتطرف الموروث عن حكم طالبان، ويصدر إليها عبر الحدود من إيران وغيرها الذي لا تنفع معه أحدث الأسلحة وأشرسها.
من يراجع ماذا فعلت إدارات بوش، وأوباما، وترمب هو اعتمادها على علاجين؛ القوة والمال. تخليص أفغانستان من طالبان وبناء دولة حديثة حليفة.
حاربت طالبان بالسلاح والدولارات. أنفقت أكثر من 180 مليار دولار على الجيش والأمن والمدارس والمستشفيات والطرق والحكومة والبرلمان وانتخابات محلية وقومية. كلها تبخرت حتى قبل الموعد المضروب للانسحاب.
عدا عن مشكلة الفساد المصاحب للمشاريع والذي خلق طبقة حاكمة غير وطنية، فإن 38 مليون أفغاني كونوا شعباً بلا رابطة، رغم أن واشنطن كانت تنفق 750 مليون دولار سنوياً كمرتبات على الموظفين الأفغان.
مشكلة «المشروع الأفغاني» أنه أميركي الهوية والفكرة، تريده واشنطن يشبهها سياسياً واجتماعياً، وهو أمر مقبول لو كانت التربة الأفغانية صالحة لهذه القفزة البعيدة، مثلما فعلت في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية ودحر النازية. أفغانستان، مثل معظم دول العالم الثالث، ليست مستعدة ولم تعش التجربة الغربية ذات القرون الثلاثة.
الجدل طويل وقديم حول أهلية المجتمعات النامية، الذي يغضب الحديث عنه البعض من المفكرين ويعتقدون فيه انتقاصاً من الإنسان في هذه الدول. نحن لا نناقش المبادئ والفلسفة بل التطبيقات والنتائج. ولو كان المشروع التحديثي المستنسخ صالحاً وناجحاً لما استولت طالبان بدون طلقة رصاص واحدة على بلد مساحته نحو ثلاث مرات مساحة بريطانيا. لم ينقص الأفغان السلاح، بل كان جيشهم أضخم من جيش فرنسا، 300 ألف مقاتل أفغاني ولم يقاتلوا. ولم تكن طالبان أقوى منهم، جيش الأفغان استسلم ولم يحارب حتى.
لماذا؟ لأنه لم تكن هناك رابطة تجمعهم. رغم عشرين عاماً لم ينجح الأميركي في خلق مشروع وطني حقيقي. التجربة البرلمانية لم تخلق العقد الاجتماعي الذي ستدافع فيه القبائل ومواطنوها عنه.
بالفعل، حصد ملايين الأفغان على مكتسبات كثيرة سيفقدونها تحت حكم طالبان، اجتماعية وسياسية واقتصادية. هذه المكتسبات تشبه الحياة في شركة ما.
في حين أن الجماعات التي قاتلت الأميركيين استخدمت الدين والقبيلة كرابطة تجمعهم تحتها وتمنحهم الجنة مكافأة لمن يُقتل دونها. وحتى المشروع الطالباني الديني محكوم عليه بالفشل، وسهل الطعن فيه من طوائف ومدارس وقيادات أكثر تطرفاً ما لم يلم كل الأفغان تحته، ويستوعبهم وهو أمر مستبعد.
كان هناك وطن ومشروع وطني في أفغانستان سقط مع الانقلاب العسكري عام 1973، وبعد العسكر بخمس سنوات جاء الشيوعيون، ثم الغزو السوفياتي لرفد حليفه، والزحف باتجاه إيران بعد سقوط الشاه. الأميركيون والمجاهدون العالميون أسقطوا النظام الأفغاني السوفياتي لكنهم فشلوا في إقامة دولة بديلة، فقد كان الاقتتال بينهم أسوأ مراحل التاريخ الأفغاني.
ما فعلته الولايات المتحدة في عقدين، حاولت تمدين أجهزة الدولة وتعميم رسائلها الخدماتية وخلق نظام سياسي برلماني يناسبها همش القوى التقليدية وزاد من الخلافات بين المكونات المختلفة. التوفيق بين الحكم الرشيد والإسلام المعتدل هو الغاية المعقولة.
هناك صراع طويل ومعقد داخل المجتمعات الإسلامية في العالم، وهذا حديث له بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفغانستان وفشل المشروع السياسي أفغانستان وفشل المشروع السياسي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon