توقيت القاهرة المحلي 18:29:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يفسد أتباع إيرانَ الحج؟

  مصر اليوم -

هل يفسد أتباع إيرانَ الحج

بقلم - عبد الرحمن الراشد

قبلَ عامٍ، حذَّرَ السَّيد مقتدى الصدر في بيانٍ له، زوارَ العتباتِ المقدَّسة في العراق من عدمِ رفعِ شعاراتٍ سياسيةٍ معادية، أو استهدافِ السعوديينَ أو الإيرانيين، وقالَ الصدرُ إنَّها تهدفُ إلى بثِّ التفرقةِ ونشرِ الفتنةِ بادّعاء شعارِ الوطنيةِ الكاذب.

هذا ما تهدّدُ به اليومَ الجماعاتُ المواليةُ لإيرانَ من حوثيين وميليشياتٍ عراقيةٍ لإفساد مناسك الحج، وتحويلِ الموسم الديني إلى مناسبةٍ سياسية.

مثلُ هذه النشاطاتِ ليست عفويةً، حيث يتمُّ ترتيبُها مسبقاً سياسياً وأمنياً، ولا يستبعدُ أنَّ قوى في إيرانَ خلفَها، رغم الوعودِ التي قطعتْها الحكومةُ الإيرانيةُ بعدمِ إثارةِ المشاكلِ في موسمِ الحجِّ وفي المملكةِ بشكلٍ عام، والإيعازِ لوكلائها للقيام بذلك. وقد استبقوا ذلك بحملةِ تحريضٍ شاركَ فيها موالون لطهرانَ بمن فيهم شيوعيونَ عربٌ يحرّضون على تخريبِ موسمِ الحجِّ وتحدي السعودية.

اليوم، والأيامُ المتبقية، هي ذروةُ موسمِ الحج، ستبيّن مدى احترامِ الدُّولِ لالتزاماتِها بعدمِ استغلالِ شعيرةِ الحجّ وتحويلِها إلى مناسبةٍ سياسية.

ولو كانَ الحجُّ مسرحاً للسياسة لكانَ أولى بالسعودية، المقرِ والراعي، استخدامه ضد خصومِها في السابق، ضد الإيرانيينَ والحوثيين والقوى التي اختلفتْ معها في العقود الماضية. لنحوِ مائةِ عام حَيَّدت السعوديةُ موسمَ الحجّ والأماكنَ المقدسةَ بشكل عام، لم تنادِ للحربِ أو التظاهر أو إعلانِ مواقفِها السياسية فيها رغم خلافاتِها السياسيةِ السابقة مع دولٍ وأنظمة أخرى.

ولهذا أصبحتْ مكةُ المكرَّمةُ والمشاعرُ، المكانَ الإسلاميَّ المحايدَ في العالم.

تعلَّم العالمُ الإسلاميُّ من تاريخه هذا الأمر، عندما حاولتْ جماعاتٌ وقوى سياسيةٌ استخدامَ موسمِ الحج ومكةَ لأغراضها. لقد ولَّى الزمنُ الذي يُسمحَ فيه للفوضى بأن تسود، كما فعلَ القرامطةُ في موسمِ الحجّ وحوَّلوه إلى واحدةٍ من أبشعِ الكوارث. جاءوه حاجّين ودخلوا الحرمَ المكيَّ مُحرمين، ثم سلُّوا سيوفَهم وقاتلوا الحجاجَ الآخرين المخالفين لفكرهم، وعاثوا في المدينةِ المقدسةِ 18 يوماً. حوّلوا الحجَّ إلى ساحةِ تنازعٍ سياسي ونزاعٍ إقليمي دامَ عشرين عاماً.

لو أنَّ كلَّ من له رأيٌ يريد فرضَه واستعراضَه في مكةَ والحج تحديداً، لأصبحت المشاعرُ، ساحةَ صراعاتٍ لا تنتهي، بين المسلمين أنفسِهم من سنةٍ وشيعة، والجماعاتِ المتطرفة، من «قاعدة» و«داعش»، مثلما حاولَ جهيمان واستولَى على الحرمِ المكيّ ومنعَ الصلاةَ فيه أسبوعين وسفكَ الدماءَ داخلَ المسجدِ قبل أن يتمَّ اقتحامُه وإنهاءُ تلك الجريمة، التي ترافقتْ مع مرحلةِ توتراتِ اتفاقِ كامب ديفيد.

لو أرادتْ كلُّ جماعةٍ إسلاميةٍ فرضَ أجندتِها على الحجّ والحجاج، لرأينا مظاهراتٍ من آسيا الوسطى ضد روسيا، وحجاجاً ضد الصين، وآخرين يحرقون الأعلام الأميركية على جبلِ عرفة، وعشراتِ المظاهراتِ من المعارضين ضد الأنظمةِ الإسلامية نفسِها، وسنةً ضد شيعةِ وفلسطينيين ضد فلسطينيين.

هل يوافق السَّيد مقتدى أن يرفعَ زوارُ النجفِ وكربلاء شعاراتٍ سياسيةً مختلفةً عن شعاراتِه، وتحويل أربعينية الحسين مسرحاً للصراعات الإقليمية؟ فقد هاجمَ العامَ الماضي زوارُ عراقيون، حجاجاً إيرانيين لأسبابٍ فكريةِ وسياسية.

لقد غضبَ السيد مقتدى حينَها من محاولاتِ إفسادِ المناسبةِ الدينية، واتَّهم أنَّ وراءها إمَّا البعثيون أو «الثالوث المشؤوم» أي الإطار الشيعي التنسيقي.

علاوة على ذلك، فإنَّ فتح البابِ للنشاطاتِ السياسية في الحج سيؤدي إلى تأجيجِ العداواتِ والنفخ في الحروب، وما بين المسلمين من خلافاتٍ موروثة، أعظم خطراً من أحداث غزة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يفسد أتباع إيرانَ الحج هل يفسد أتباع إيرانَ الحج



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon