توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرئيس المثالي

  مصر اليوم -

الرئيس المثالي

بقلم - أمير طاهري

كان إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة، الأحد الماضي، رئيساً مثالياً تماماً من وجهة نظر «المرشد الأعلى» للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي.

لقد أدرك رئيسي الطبيعة الحقيقية لنظام الخميني، ودعمها من دون تردد. وأدرك أن التناقض الكامن في قلب النظام المصمم ليكون استبدادياً في حقيقته، مع التظاهر بالديمقراطية على السطح، من المتعذر تخفيف حدته، ناهيك عن تسويته، من دون خضوع الرئيس لـ«المرشد الأعلى»، فالنسر ذو الرأسين لا يمكنه الطيران. واللافت، أن أياً من أسلاف رئيسي لم يدرك هذا الأمر، أو يرغب في الاعتراف به.

جدير بالذكر، أن الرئيس الأول، أبو الحسن بني صدر، كان يدين بمنصبه لـ«الإمام». ومع ذلك، بدأ يشكك فيه بعد أسابيع من توليه منصبه. وعليه، عزله «الإمام» الخميني، بفتوى لم يتجاوز نصها 9 كلمات، ليظهر للجميع مَن الرئيس الحقيقي. وبعد هذه الصفعة لغروره المتضخم، فرّ بني صدر إلى المنفى.

أما الرئيس الثاني محمد علي رجائي، فتناثرت أشلاؤه جراء هجوم إرهابي نفذته مجموعة إسلامية - ماركسية.

وكان علي خامنئي الرئيس الثالث. وقد حاول هو الآخر، لكن بحذر شديد، أن يتبع مساراً مستقلاً، لكن سرعان ما أعيد إلى مكانه. أراد خامنئي إلغاء منصب رئيس الوزراء، لكنه تلقى لطمة حادة من «الإمام».

وتولى الرئيس الثالث علي أكبر هاشمي رفسنجاني، منصبه عندما تولى خامنئي منصب «المرشد الأعلى». واتسمت فترة ولايته، التي امتدت لثماني سنوات، بتوتر شبه دائم بينه وبين خامنئي. واقترف رفسنجاني خطأ تكريس طاقته للسعي إلى كسب النفوذ عبر الثروة، في سياق رعاية النخب الثرية الجديدة.

في المقابل، أظهر خامنئي شخصية زاهدة زائفة، بينما انهمك في حشد الدعم لنفسه داخل الأجهزة العسكرية والأمنية. وفاز خامنئي، مع اندماج نخب الأثرياء الجدد تدريجياً مع المجموعات العسكرية والأمنية التي تغلغلت في جميع قطاعات الاقتصاد. ومع اقتراب نهاية ولاية رفسنجاني، أصبح الأثرياء الجدد ومسؤولو الأجهزة العسكرية والأمنية توأمين سياميين متصلين من الرأس - وكان خامنئي هو الرأس.

من جانبه، أدرك محمد خاتمي، خليفة رفسنجاني، حقيقة موقفه وتقبّلها باعتبارها أمراً واقعاً. ومع ذلك، فقد حاول أن يبني صورته باعتباره بائعاً متجولاً يروّج لـ«الإسلام الجديد» الذي، على حد تعبيره، يطرح نموذجاً جديداً، وهو الديمقراطية الإسلامية، لتصحيح خطأ الفصل بين الدين والدولة الذي ارتكبه عصر التنوير.

وجاء فوز محمود أحمدي نجاد، خليفة خاتمي، بالرئاسة بفضل نظرة خامنئي الخاطئة له باعتباره «شخصاً قريباً من طريقة تفكيري». وسرعان ما ارتكب أحمدي نجاد الخطأ نفسه الذي ارتكبه أسلافه، عندما تصرف باعتباره أكثر من مجرد دمية بيد آخر. وادعى أن الإمام الغائب حضر خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبالتالي تم اختياره.

والأسوأ من ذلك، أنه أقال وزير الأمن من دون إبلاغ خامنئي الذي أعاد تعيين الوزير على الفور.

وكان الرجل التالي الذي ارتكب الخطأ ذاته حجة الإسلام حسن روحاني، الذي حاول هو الآخر أن يصبح ذا شخصية مستقلة، بمساعدة المهنئين البريطانيين والأميركيين الذين رأوا فيه رجلاً يمكنهم العمل معه.

وقد اتصل به الرئيس الأميركي باراك أوباما هاتفياً، وأشاد به وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ووصفه بأنه رجل دولة. وروج وزير الخارجية محمد جواد ظريف، صديق روحاني، لصورته وهو يسير إلى جانب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، على ضفاف بحيرة ليمان في جنيف، كما لو كانت مسيرة انتصار لإمبراطور روماني.

وأخيراً، جاء رئيسي وحرص على تجنب مثل هذه الأخطاء. وبالفعل، لم يفعل شيئاً من دون أن يعلن أنه ينفذ تعليمات القائد الأعلى. وتقبل رئيسي مسألة إلغاء شخصيته واستقلاله دونما تذمر.

في الواقع، على مدى أربعة عقود، شهدت الجمهورية الإسلامية خلافات بين فرق وفصائل مختلفة. وجاءت هذه الخلافات مدفوعة بإغراءات ومخاوف. وتمثل الإغراء الأكبر في عقد صفقة مع «القوى الكبرى»، بخاصة الولايات المتحدة، ليضمن المرء وضعه في الداخل.

وكان لدى رفسنجاني كرئيس، ومير حسين موسوي كرئيس للوزراء قنوات سرية منفصلة مع واشنطن من دون أن يبلغا خامنئي بذلك، والذي أراد طوال الوقت تحقيق التطبيع تحت سيطرته الحصرية.

وفتح تهميش الفصائل المتنافسة وتعيين رئيسي رئيساً، آفاقاً جديدة لقبول طهران العرض الذي قدمه أوباما قبل عقد من الزمن. وفي عهد رئيسي، خففت طهران حدة معاداتها لأميركا، وبدأت حواراً منتظماً مع واشنطن.

وبالفعل، تولت إيران تطبيع العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، ورغم خطابها المناهض لإسرائيل، قبلت بشن هجمات رمزية إلى حد كبير من قِبل عملائها على «العدو الصهيوني».

ومع سيطرة فصيل خامنئي بشكل كامل للمرة الأولى، بدا أن فكرة أوباما المتمثلة في «ضم إيران إلى الزمرة» قد حظيت بفرصة. وواصل الرئيس جو بايدن سياسة أوباما من خلال تخفيف العقوبات على إيران، وبالتالي مساعدة رئيسي على تجنب الانهيار الاقتصادي، في خضم تصاعد الغضب الشعبي ضد النظام. والآن، يحاول خامنئي العثور على «رئيس مثالي» آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس المثالي الرئيس المثالي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon