توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بناء الجدران يصل إلى إيران

  مصر اليوم -

بناء الجدران يصل إلى إيران

بقلم - أمير طاهري

من المفترض اليوم، أن ينتخب 68 مليون إيراني رئيساً جديداً للجمهورية الإيرانية من بين 6 مرشحين تمت الموافقة عليهم مسبقاً. قلنا إنه «من المفترض» أن يكون ذلك، لأنه ليس من الواضح عدد الأشخاص المؤهلين للتصويت، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المنفى، الذين سجّلوا أسماءهم لمباشرة ذلك.

فقد نجمت الانتخابات المبكرة الراهنة عن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيته، ولم تقدّم الحملة القصيرة فرصة تُذكر إلى الناخبين المحتملين لتقييم المرشحين. فجميع المرشحين هم موظفون حكوميون مهنيون يؤمنون بالآيديولوجية نفسها، ويلتزمون بـ«الطاعة التامة والمطلقة» للنظام الإيراني.

وتعهّد جميع المرشحين الإيرانيين الستة بـ«مواصلة السير على الطريق المشرق نفسه لرئيسي»، مع الوعود المتكررة مثل تقديم مساكن مجانية على غرار الراحل الخميني، قبل نصف قرن تقريباً، والوعود نفسها التي كرّرها جميع الرؤساء الإيرانيين الثمانية الذين عايشتهم إيران منذ ذلك الحين، وحتى الآن.

مع ذلك، فقد ألقت الحملة بقنبلة مدوية على الحياة السياسية الإيرانية من خلال تقديم الهجرة، على حد تعبير الجنرال محمد باقر قاليباف، أحد المرشحين المحتملين للرئاسة، بوصفها «السبب الجذري لجميع المشكلات الكبرى التي تواجهها الأمة». إذ أضاف أن «المهاجرين الأفغان يضرون إيران بطرق كثيرة، لا سيما تهريب المخدرات، وسحب الوظائف من المواطنين، والضلوع في مختلف أشكال الجريمة». كما تعهّد قاليباف بأنه، في حال انتخابه، سوف يبني جداراً لإغلاق الحدود الإيرانية مع أفغانستان وباكستان، أي بطول إجمالي يصل إلى 1831 كيلومتراً. ولم يقدّم قاليباف أي دليل يؤيّد مزاعمه. كما أن الحكومة، التي كان جزءاً منها طيلة 40 عاماً، لم تصدر تقريراً جدياً واحداً بشأن المهاجرين الأفغان في إيران.

كما تحدّث مسعود بزشكيان، وهو مرشح رئاسي آخر، عن إغلاق الحدود الشرقية تماماً، «لمنع الأفغان من الوصول إلى إيران». واقترح أن تتبنّى إيران نسخة السياسة التركية في ابتزاز الاتحاد الأوروبي لتسديد تكاليف اللاجئين السوريين، وأن تطلب من الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مماثل مع إيران بشأن اللاجئين الأفغان.

بطبيعة الحال، شرعت تركيا بالفعل في بناء جدار يبلغ طوله 310 كيلومترات لإغلاق حدودها مع إيران، في الظاهر لمنع الأكراد من دخول أراضيها، ولكن أيضاً لمنع تدفق الأفغانيين المطرودين من إيران.

ويصف مرشح آخر، هو مصطفى بور محمدي، الأفغان بأنهم يشكّلون تهديداً، لكنه يقترح أن أولئك الذين ينتمون إلى مجتمع الهزارة، كونهم من الشيعة والناطقين بالفارسية، يحصلون على معاملة أفضل إلى جانب الأفغان الذين جنّدهم الجنرال الراحل قاسم سليماني، لإبقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة في دمشق. كما وعد سليماني بمنح هؤلاء الأفغان الجنسية الإيرانية ومساحات من الأراضي «لبناء حياة جديدة» في إيران.

أما المرشحون الثلاثة الآخرون، بمن فيهم سعيد جليلي، زعيم جماعة «الكوريين الشماليين الإسلاميين»، فقد عدّوا المهاجرين الأفغان تهديداً أمنياً، لأنهم قد ينجذبون إلى جماعات مثل تنظيم «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى ذات الصلة. لكن الحقيقة هي أنه لم يتورّط أي أفغاني في أي من الهجمات الإرهابية الـ22 التي نسبتها طهران إلى تنظيم «داعش» منذ عام 2019. وتتراوح الأرقام المتعلقة بعدد اللاجئين الأفغان بين 800 ألف لاجئ، حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونحو 5.2 مليون لاجئ، حسب مزاعم وزارة الداخلية الإيرانية.

ووصلت أولى موجات اللاجئين الأفغان، وكانوا بضع مئات، في عام 1973، بعد أن خطّط محمد داود خان لانقلاب للإطاحة بالملك محمد ظاهر شاه. واستمر تدفق اللاجئين، خلال الحرب الأهلية الأفغانية، بدرجات متفاوتة الكثافة. وفي غضون الوقت الذي خرجت فيه حركة طالبان من كابل، كان أكثر من 3.5 مليون لاجئ أفغاني قد دخلوا إيران، إذ كان كثير منهم يستخدمونها بوصفها نقطة توقف في طريقهم إلى مقاصد أخرى.

دعّمت طهران كثيراً من الجماعات المسلحة المناهضة لـ«طالبان»، وبمجرد إقامة النظام المدعوم من الولايات المتحدة في كابل، صارت طهران ثالث أكبر جهة مانحة للمساعدات إلى نظام «كرزاي- غني». وانخفض، طوال عقد من الزمان تقريباً، تدفق اللاجئين الأفغان إلى حد كبير. ثم اشتدت كثافة التدفق مجدداً بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021. ومن المدهش، أنه منذ ذلك الحين بدأت التجارة بين الجارتين الانتعاش. وفي العام الماضي، كانت أفغانستان ثاني أكبر شريك تجاري ومستثمر أجنبي لإيران. مع ذلك، اشتدت الضغوط على اللاجئين الأفغان في إيران.

تعني حالة الفراغ المستمرة أن كثيراً من الأفغان لا يستطيعون امتلاك شركات أعمال بصورة كاملة، أو امتلاك حسابات مصرفية، أو حتى شراء بطاقات الهواتف الجوالة. إن الطريقة التي يُعامل بها أغلب المهاجرين الأفغان تنتهك القوانين الإيرانية. إذ يستند قانون الجنسية والتجنيس الإيراني لعام 1934 إلى منح الجنسية الإيرانية بناء على مبدأ «الدم والأرض»، الذي يمكن بموجبه لأي شخص مولود من أصل إيراني وأي شخص مولود على الأراضي الإيرانية أن يطالب بالتجنيس بصفته مواطناً إيرانياً. وتتحول النساء الأجنبيات المتزوجات برجال إيرانيين تلقائياً إلى مواطنات إيرانيات مع أطفالهن.

مع ذلك، ووفقاً لاستطلاعات رسمية، فإن نحو 100 ألف امرأة أفغانية متزوجات بإيرانيين، مع أكثر من 300 ألف من أطفالهن، يُصنّفن بأنهن عديمات الجنسية.

ومن المحزن، أن المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية يتجاهلون قوانين بلادهم وتقاليدها وقيمها الثقافية. وهم يقلدون الولايات المتحدة، وتركيا، والمجر، وبولندا، وتايلاند ببناء الجدران، في حين يرددون النغمة المناهضة للمهاجرين التي سمّمت الخطاب السياسي في فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بناء الجدران يصل إلى إيران بناء الجدران يصل إلى إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon