توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وهم ثلاثي خطير

  مصر اليوم -

وهم ثلاثي خطير

بقلم - أمير طاهري

في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في طهران، أشاد «المرشد الأعلى» للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بما سماه «مبادرة سعادتكم الاستباقية» بشن «عمليات خاصة» ضد أوكرانيا. وادّعى أنه إذا كان بوتين قد اجتاح أوكرانيا، فإن منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) كانت ستشن حرباً ضد روسيا لاستعادة السيطرة على شبه جزيرة القرم.
ورغم حذف هذه التعليقات لاحقاً من وسائل الإعلام الرسمية في إيران، أثارت هذه التصريحات جدلاً في دوائر صنع القرار داخل طهران حول تبني الجمهورية الإسلامية استراتيجية مماثلة من خلال شن هجوم ضد «أعدائها». وقد شعر مؤيدو هذا الرأي بمزيد من التشجيع نتيجة مظاهر استعراض القوة العسكرية الصينية ضد تايوان. ومن جهتها، زعمت وكالة «فارس نيوز»، الخاضعة لسيطرة «الحرس الثوري» الإيراني، أن المواجهة الأخيرة في تايوان، تمخضت عن «مذلة تامة» للولايات المتحدة.
وأكدت الوكالة أن «الصين أظهرت لواشنطن ما ينبغي أن تتوقعه إذا أقدمت على خطوة خاطئة أخرى».
بجانب ذلك، دعا أولئك الذين يعتقدون أن على إيران تقليد بوتين و«نقل الحرب إلى العدو قبل أن يهاجم»، كذلك إلى شن «عمليات خاصة» ضد إسرائيل.
في يونيو (حزيران) الماضي، تحدث خامنئي بنفسه عن «ضرورة فتح جبهة جديدة داخل الضفة الغربية ضد العدو الصهيوني».
أما سبب محاولة فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، فيكمن في الصعوبات التي يواجهها «فيلق القدس» المسؤول عن «تصفية الدولة الصهيونية» على الجبهتين الأخريين اللتين يستخدمهما منذ عقود، غزة ولبنان.
في غزة، استثمرت الجمهورية الإسلامية بشكل كبير في الترويج لـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي». ومع ذلك، حاولت «حماس» دوماً تجنب الاعتماد الكامل على طهران والتحول إلى مجرد عميل لـ«فيلق القدس» مثلما الحال مع فرع «حزب الله» اللبناني.
وبصفتها الفرع الفلسطيني لـ«الإخوان المسلمين»، تؤكد «حماس» هي الأخرى على اختلافاتها العقائدية مع النسخة الخمينية من الشيعة الاثني عشرية.
رغم تسميتها الإسلامية، فإن جماعة «الجهاد الإسلامي»، من ناحية أخرى، كانت حريصة دوماً على تقليد «حزب الله» اللبناني من خلال الإقدام على كل خطوة يتمناها سادة الدمى في طهران. فإن «الجهاد الإسلامي» يشكل أقلية في غزة، ومن هنا جاءت محاولة طهران مساعدتها على إنشاء قاعدة لها في الضفة الغربية.
وأفادت مصادر موثوقة في بغداد بأن «فيلق القدس» كان «ينقل» كميات كبيرة من الأسلحة والنقود عبر العراق إلى الأردن لتهريبها إلى الضفة الغربية. وصرحت السلطات الأردنية بأنها على علم بهذه «الأنشطة العدائية». وقد دعا الملك عبد الله الثاني نفسه إيران علانية إلى «وقف الأنشطة المزعزعة للاستقرار».
ومن غير المحتمل أن تقف السلطة الفلسطينية، أي حركة «فتح»، تجاه جهود تحويل الضفة الغربية إلى قاعدة عمليات ضد إسرائيل. من ناحيتها، تنظر الجمهورية الإسلامية إلى «فتح» باعتبارها «عدواً» منذ 1980 عندما أيّد الراحل ياسر عرفات غزو صدام حسين لإيران. ويفسر هذا السبب منح كل من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» «سفارات» في طهران، بينما تظل السلطة الفلسطينية كياناً غير مرغوب فيه.
في الوقت الراهن، تقف طهران عاجزة عن إعادة تنشيط الجبهة اللبنانية لسببين...
يتمثل الأول في الوضع الاقتصادي المتردي للبنان، الذي دفعه إلى حافة المجاعة. كانت إيران قد وعدت بـ«إطعام شعب لبنان»، لكنها هي نفسها تواجه نقصاً في الغذاء جراء فقدان واردات الحبوب من أوكرانيا، ما جعلها تخفق في الالتزام بتعهدها. وبدلاً عن ذلك، تتجه الأنظار الآن نحو تركيا، بإيماءة من موسكو، للمساعدة في جلب الحبوب الأوكرانية إلى لبنان.
النكسة التي مني بها «حزب الله» وحلفاؤه في الانتخابات اللبنانية الأخيرة تمثل السبب الثاني وراء الصعوبات التي يواجهها «فيلق القدس» في فتح جبهة أخرى معادية لإسرائيل هناك. وما يزال خامنئي ومستشاروه يتحدثون عن «الحاجة لإلقاء الصواريخ» على إسرائيل من لبنان وغزة والضفة الغربية. وتزعم صحيفة «كيهان» اليومية، التي يعتقد أنها تعبر عن آراء خامنئي، أنه يمكن «القضاء» على إسرائيل بـ1500 هجوم صاروخي، في الوقت الذي من المفترض فيه أن يكون لـ«حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» 100 ضعف هذا الرقم. ومع ذلك، ثمة مؤشرات على أن العميد إسماعيل قاآني، القائد الجديد لـ«فيلق القدس»، لم يتمكن من تحقيق نفس الدرجة من السلطة والنفوذ لدى «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» التي تمتع بها سلفه الجنرال قاسم سليماني.
خلال الصدام القصير هذا الأسبوع مع إسرائيل، حاولت «الجهاد الإسلامي» تعديل موقفها مع طهران، مقارنة بـ«حماس» و«حزب الله». ومع ذلك، فإن ادعاءها بـ«النصر الكامل» لم يقنع دعاة «المبادرة الاستباقية» في طهران.
ويتحدث أنصار «المبادرة الاستباقية» عن تحالف ثلاثي، تتشارك فيه الجمهورية الإسلامية وجمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي معاً لطرد الولايات المتحدة وحلفائها من أورآسيا وأوروبا الشرقية وغرب المحيط الهادئ، بما يضع نهاية لما يقرب من قرن من «الهيمنة الأميركية» حتى نهايته.
من ناحيتها، أشارت وكالة «فارس نيوز» إلى تقارير تفيد بأن مثل هذا التحالف يجري النظر إليه بالفعل باعتباره «السيناريو الأشد خطورة» بالنسبة للولايات المتحدة من جانب زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الرئيس جيمي كارتر (تصفه وكالة «فارس نيوز» خطأ بأنه وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق).
في كتابه «لوحة الشطرنج الكبرى» (ذا غراند تسيشبورد) الذي نشر عام 2016 يقترح بريجنسكي أن الصين وروسيا والجمهورية الإسلامية قد تشكل تحالفاً لا يعتمد على الآيديولوجيا، وإنما على «العداء» للغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص.
وجرى شرح فكرة مماثلة في سلسلة من الأوراق من قبل خبراء عسكريين فرنسيين بقيادة توماس فليشي، ونشرت تحت عنوان «الصين وإيران وروسيا... إمبراطورية مغولية جديدة» عام 2014. في مثل هذه الإمبراطورية، ستتولى الصين القيادة، بينما سيسمح لإيران وروسيا بالسيطرة على المناطق القريبة من كل منهما في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية. وسيبلغ عدد سكان «إمبراطورية المغول الجديدة» 1.7 مليار نسمة، ويمثلون ما يقرب من خمس الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وستشكل هذه الإمبراطورية ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم.
في مثل هذا السيناريو، يجب ألا تبقى تايوان وأوكرانيا وإسرائيل قواعد للولايات المتحدة «صاحبة الهيمنة» وحلفائها الأوروبيين والإقليميين. ويشكل الثلاثة، كل على طريقته الخاصة، كذلك تهديدات للصين وروسيا ونظام إيران الاستبدادي من خلال تقديم نماذج للديمقراطية التعددية والرأسمالية الليبرالية.
الشهر الماضي، أشاد خامنئي ببوتين لاجتياحه أوكرانيا. وفي الأسبوع الماضي، أشاد سفير الصين لدى إيران، تشانغ هوا، بالجمهورية الإسلامية لدعمها الصين في «تأكيد سيادتها» على تايوان.
من الواضح أن بعض الحالمين الخطرين في بكين وموسكو وطهران وقعوا في حب الرؤية الخيالية المتمثلة في «القوى الثلاث العظمى» التي تتحد معاً وبمساعدة من «البقية»، أي ما يسمى العالم الثالث، كما تقول «كيهان»، لتدمير نظام عالمي أنشأه «فاسد ومنحل».
هل هذا الوهم نتاج تعاطي مواد ممنوعة؟ ربما. ومع ذلك، فإن الحصافة تتطلب الاستعداد حتى لما هو بعيد الاحتمال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم ثلاثي خطير وهم ثلاثي خطير



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب

GMT 09:56 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon