توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترمب وعودة الجمهوريين

  مصر اليوم -

ترمب وعودة الجمهوريين

بقلم : أمير طاهري

الأسبوع الماضي، عاد الجمهوريون إلى دائرة الضوء أثناء مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي. هذه المرة، بدوا عاقدي العزم على إرسال دونالد جيه ترمب إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني)، مثلما كانت الحال لديهم عام 2016.

قبل 8 سنوات، بدا ترمب وكأنه صاعقة انفلتت من السماء، وإن كان تهديده صفاء الأجواء السياسية الأميركية بدا مصدر إزعاج عابر. والواضح أن ترمب لم يتناسب مع القالب الذي تشكل على امتداد نحو قرنين من تاريخ الأمة الأميركية، ويعدّ أول رجل أعمال يدخل الدائرة الضيقة للطامحين إلى الرئاسة.

وعلى عكس الرؤساء الـ44 السابقين، لم يكن لديه سجل بمجال الخدمة العامة، مدنية أو عسكرية، ولم يشغل أي منصب عام على الإطلاق. كما أنه لم يتخرج في جامعات النخبة، ولم يكن حائزاً على كثير من المنح الدراسية الأنيقة.

بكل المقاييس، كانت فترة ولاية ترمب التي دامت 4 سنوات بمثابة المشاركة في مغامرة تحبس الأنفاس، إن لم تكن مدمرة للأعصاب. وكانت المفاجأة التي عقدت ألسنة الجميع أنها لم تسفر عن أي من الكوارث التي تنبأ بها المتشائمون المحترفون. كان أداء الاقتصاد جيداً، مع انحسار للبطالة، بينما ظل التضخم تحت السيطرة. ولدى مغادرته البيت الأبيض بعد 4 سنوات، كان ترمب الرئيس الأميركي الوحيد منذ أكثر من قرن، الذي لم يورط الولايات المتحدة في حرب.

ومع أن ثورة «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، التي أطلقها ترمب لم تتمخض عن إعادة الإحياء التي وعدت بها، فإنها في الوقت ذاته لم تسفر عن الكوارث المدمرة التي حذّرت منها النخبة الحاكمة.

وهذه المرة، يقود ترمب، الذي يرتدي هالة الشخص الذي نجا من الموت، أنصاره المبتهجين نحو افتراض أنه في طريقه نحو النصر في نوفمبر المقبل.

وظل رافعاً شعار «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، لكن بعد محاولة الاغتيال، قدّم ترمب كذلك برنامجاً يتألف من 16 صفحة، مدعوماً بمشروع 2025، الذي يقع في 922 صفحة، وأعدّه أكثر عن 230 «مفكراً وخبيراً ومتخصصاً» من أكثر من 100 مركز فكري وجماعة ضغط.

ويمكن أن نضيف إلى هذه المستجدات التي لا تشبه عادة ترمب، وجود عشرات من الجمهوريين «العاديين»، الذين سبق أن أقسم كثيرون منهم أنهم لن ينضموا إلى معسكره أبداً، بل وقع اختيار ترمب على واحد منهم، السيناتور جي دي فانس، من ولاية أوهايو، ليشاركه الانتخابات على منصب نائب الرئيس.

وقد ترك ترمب النص «الاستثنائي» الذي أعدّه للمؤتمر الانتخابي، وخرج بخطاب كان رغم نبرته النارية، يحمل طابعاً هادئاً.

ويتكهن بعض النقاد بالفعل بإمكانية وجود نموذج آخر من ترمب، قد يخفف من حدة مواقفه وتصرفاته، ويتصرف بطريقة أكثر انضباطاً، ويقبل قدراً أكبر من العمل الجماعي، بل ربما يرشح عضواً بالحزب الديمقراطي في عضوية حكومته المفترضة، تماشياً مع تقليد احترمه كثير من الرؤساء منذ الستينات. باختصار، نموذج آخر من ترمب أقل «ترمبية».

والتساؤل هنا: هل سيعزز هذا التحول فرص ترمب في الوصول مجدداً إلى البيت الأبيض؟

إجابتي عن ذلك، لا. قبل 8 سنوات، صوّت ملايين الأميركيين لصالح ترمب، لأنه لم يكن يبدو أو يتحدث مثل السياسيين العاديين. ووصف كثيرون ذلك بأنه تصويت احتجاجي، وهو كان كذلك بالتأكيد إلى حد ما.

إلا أنه هذه المرة، أصبح ترمب قادراً على اجتذاب التصويت بالانضمام إلى أجندة، رغم فوضويتها، تشير إلى بعض الإصلاحات، على الأقل التي يحتاجها النظام السياسي الأميركي. ومن بين هذه الإصلاحات إعادة التوازن لسلطات الحكومة الفيدرالية والولايات وسلطة الرئيس، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، في سياق النقاش الذي بدأ مع ولادة الأمة الجديدة.

ويتحدث معسكر ترمب كذلك عن إصلاح النظام التعليمي، خاصة على المستوى الجامعي، حيث يُنظر إلى حركة «ووك» باعتبارها بمثابة غرغرينا متفاقمة.

أما الوعد بإنهاء الحرب في أوكرانيا، وتصنيف الصين كعدو محتمل، فإنه قد يحتل العناوين الرئيسية، لكنه لا يرقى إلى مستوى سياسة خارجية متماسكة.

جدير بالذكر هنا أنه رغم مساوئها الكثيرة، فإن فترة ولاية ترمب في البيت الأبيض لم تنتهِ بشكل سيئ، ويرجع ذلك لأسباب، منها أنه تصرف على أساس غريزي، بدلاً عن «التفكير الاستراتيجي» المعقد الزائف. لقد أدرك ترمب، رجل الأعمال، أن الوقت عنصر أساسي في السعي لتحقيق الهدف، إن وجد، وأن إنجاز نجاحات صغيرة أفضل من السعي وراء أهداف كبيرة، لكنها بعيدة المنال.

في الواقع، إن مجرد قراءة واستيعاب «مشروع 2025» الواقع في 922 صفحة، والبرنامج المؤلف من 16 صفحة، بحاجة إلى السنوات الأربع التي يقضيها الرئيس في البيت الأبيض. وتحويل، ولو جزءاً زهيداً من هذه الصفحات المثقلة بالأماني، إلى واقع، يتطلب السيطرة على الكونغرس ومجلس الشيوخ. وهو أمر لا يضمنه كثير ممن أقاموا بالبيت الأبيض.

عام 2016، اعتقد قليل من النقاد أن الجمهوريين بمقدورهم الاستحواذ على البيت الأبيض. لقد ثبت خطؤهم تلك المرة، لكنّ مزيداً ومزيداً من النقاد يتوقعون فوز ترمب هذه المرة، خاصة أن الرئيس جو بايدن ليس في أفضل حالاته، بجانب أن ائتلاف الأقليات الذي شكّل العمود الفقري للحزب الديمقراطي منذ الخمسينات لم يعد قوياً.

ويكشف أحدث استطلاعات الرأي أن ما لا يقل عن 40 في المائة من ذوي الأصول اللاتينية قد ينضمون إلى الجمهوريين للتصويت لصالح ترمب هذه المرة. وقد يحصد كذلك نسبة مذهلة تبلغ 30 في المائة من أصوات الأميركيين من أصل أفريقي، ناهيك عن أكثر عن ربع أصوات اليهود.

ومع ذلك، تبقى المعركة الانتخابية غير محسومة حتى تنتهي الانتخابات تماماً. الواضح أن محاولة اغتيال ترمب زادت من فرص فوزه في نوفمبر المقبل، لكن أحداثاً أخرى قد تفعل العكس.

وكما كان هارولد ماكميلان يحب أن يقول: «في السياسة، يا ولدي، انتبه إلى الأحداث! الأحداث!».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وعودة الجمهوريين ترمب وعودة الجمهوريين



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon