توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجيش الإيراني... الحسابات والأخطاء التقديرية

  مصر اليوم -

الجيش الإيراني الحسابات والأخطاء التقديرية

بقلم : أمير طاهري

تفاخر الجنرال حسين سلامي، قائد «الحرس الثوري»، بدور قواته في إيران، قائلاً: «إننا اليوم حاضرون؛ بنشاط ونكران للذات، في جميع مجالات الحياة الوطنية، في خدمة قائدنا العظيم، وشعبنا المتلهف للشهادة». وبغض النظر عن «نكران الذات» و«في خدمة...»، فإن الجنرال مُحِقّ.

يذكر أن «الحرس الثوري» وملحقاته، مثل «قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين (الباسيج)» و«فيلق القدس» وأربعة أجهزة أمنية واستخباراتية على الأقل، لا يشكلون سوى أقل من 5 في المائة من سكان إيران. ومع ذلك، فإنهم يستحوذون على الحصة الكبرى من الوظائف المرموقة في القطاع العام بجميع مؤسساته، باستثناء المجال الذي من المفترض أن يعملوا فيه: الدفاع الوطني.

الملاحظ أنه خلال الفترة ما بين السنوات الثلاث والأربع الماضية، تعمد «الحرس الثوري» الإيراني الابتعاد عن دائرة الضوء في ما يخص الاضطلاع بمهمته الأولى: سحق الانتفاضات الشعبية المناهضة للنظام. واليوم، تنفَّذ هذه المهمة من قبل قطاعات من «الباسيج» والمجندين غير الإيرانيين.

يذكر أن قوات «الحرس الثوري» أُنشئت بوصفها جيشاً آيديولوجياً، وكان الهدف منها العمل بصفتها ثقلاً موازناً للجيش النظامي، الذي عدّه الخميني الراحل مصدر تهديد. وصُمم «الحرس الثوري» على أنه قوة من مجموعات اجتماعية وإقليمية متنوعة، على أساس ما سماها ابن خلدون «العصبية». ولم ينجح قط «الحرس»، الذي ينقسم إلى اثنتي عشرة قيادة إقليمية؛ يُطلب منها، أحياناً، جمع الأموال التي تحتاجها محلياً، في تنمية روح الجماعة داخله. أما خبرته العسكرية، فتقوم على محاربة جماعات انفصالية بالمحافظات الحدودية، وفي وقت لاحق، سحق المتظاهرين العزل.

يذكر أن المرشد علي خامنئي قاد حركتَي تطهير ضخمتين في «الحرس» عامي 2009 و2019، لتعزيز جيل جديد من القادة الذين يدينون له شخصياً بالولاء. وبإيعاز من قادة مثل هادي كجباف ومحمد حجازي وغايب برور، حاول خامنئي إعادة تسليح «الحرس»، وصياغة عقيدة دفاعية متماسكة. وبموجب هذه العقيدة، كان من المفترض أن تكتسب إيران قدرات ثلاثية في شكل: جيش مكون من عشرين مليون جندي، وترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف، والوسائل اللازمة لتطوير الرؤوس الحربية النووية.

رغم الجهود الكبيرة والاستثمارات الضخمة، التي تقدر بأكثر من ضعف ما يخصَّص للجيش النظامي، فإن «الحرس الثوري» لم يتحول قط إلى قوة عسكرية بالمعنى الكلاسيكي. وبدلاً من أن يصبح «جيشاً لدولة قومية»، فقد تحول إلى «قوة مسلحة تستحوذ على دولة قومية».

على أرض الواقع، تطور «الحرس الثوري» إلى مصنع ينتج أعداداً كبيرة من الجنرالات ذوي النجمة الواحدة، الذين يتقاعدون في سن الستين، لكنهم يظلون على قيد الحياة حتى سن الثمانين أو التسعين. وبالتالي؛ فأنت بحاجة إلى إيجاد وظائف لهم لضمان ابتعادهم عن إثارة المشكلات.

ووفرت الحرب السورية، التي بدأت قبل أكثر من عقد، منفذاً مع «تطوع» مئات المتقاعدين والشباب للذهاب إلى هناك، للإشراف على قتل السوريين، والعودة إلى ديارهم بميدالية وحزمة من النقود. ومع ذلك، فإنه عندما بدأت إسرائيل في قتلهم بضربات جوية، جفت تدفقات «المتطوعين للشهادة».

ويقدر ستيفان دودوينيون، الخبير الفرنسي المختص في شؤون «الحرس الثوري»، أن أكثر من 100 جنرال منه قُتلوا على يد الإسرائيليين.

الشهر الماضي، عندما بدا لفترة وجيزة أن المرشد قد يضطر إلى المخاطرة بالدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل، عاد السؤال الذي يطارد كثيراً من الإيرانيين إلى الظهور: هل «الحرس الثوري» قادر على خوض حرب حقيقية؟

أعتقد أن إجابة خامنئي كانت «لا». ولهذا السبب، بعد إجراء مشاورات لأيام عدة، قرر اختيار «الانسحاب التكتيكي»، كما سماه، والابتعاد عن حافة الهاوية. وربما كان لدى المرشد سبب آخر يدعوه إلى البقاء بعيداً عن الأذى.

اليوم أصبح واضحاً أن العقيدة الدفاعية، التي طُوّرت قبل أكثر من ثلاثين عاماً، قد عَفَّى عليها الزمن. ومع اتجاه السكان في إيران نحو الانحسار، فإن الجيش الذي لطالما حلم به الخميني، ويبلغ تعداده عشرين مليون رجل، سيتطلب تجنيد الجن والشياطين.

عام 1977، كان متوسط عدد الأطفال الذين ينجبهم الزوجان الإيرانيان 5.6 طفل. اليوم، تراجع هذا الرقم إلى 1.3 طفل، مما يؤدي إلى عجز ديموغرافي كبير، خصوصاً إذا ما أخذنا في الحسبان الهجرة الجماعية للشباب الإيرانيين.

أما الركيزة الثانية لعقيدة «الحرس الثوري»، فهي ترسانة من الصواريخ والقذائف، وقد جرى اختبارها ضد إسرائيل، لكنها لم تخلف سوى تأثير ضئيل. وربما كان من المقصود عدم إحداث أي تأثير؛ لأن المرشد يعي جيداً أن إيران ليست مستعدة للحرب.

والتساؤل القائم اليوم: كيف يمكن للإسرائيليين، من دون مساعدة محلية ضخمة ومنظمة تنظيماً جيداً، أن يحصلوا على شاحنات عدة محملة بوثائق «سرية للغاية» من طهران، جرى نقلها عبر مسافة تزيد على 800 كيلومتر من الأراضي الإيرانية لتصل إلى القوقاز بطريقة عسكرية منظمة؟ وكيف يمكن لإسرائيل أن تغتال هذا العدد الكبير من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، من دون مساعدة من جماعات محلية تحمل، لأي سبب من الأسباب، ضغينة ضد القيادة الحالية؟

ربما تكون المعاملة المميزة لـ«الحرس الثوري»، من حيث الرواتب والأسلحة الحديثة، السبب وراء السخط في صفوف الجيش النظامي، كما عبر عن ذلك بشجاعة قائده السابق الجنرال صالحي.

أما استياء «الحرس الثوري»، فربما يكون متجذراً في موجة جديدة من إجراءات التطهير، التي خطط لها خامنئي، بينما يستمر الجنرالات الطاعنون في السن والمقربون منه في مناصبهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش الإيراني الحسابات والأخطاء التقديرية الجيش الإيراني الحسابات والأخطاء التقديرية



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon