توقيت القاهرة المحلي 06:10:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الأميركية: الطرف الثالث ليس وارداً

  مصر اليوم -

الانتخابات الأميركية الطرف الثالث ليس وارداً

بقلم : أمير طاهري

ما لم يقع «حدث» مفاجئ آخر، فمن المرجح أن تكون المواجهة الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة مبارزة بين الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس. سوف تتضمن هذا المبارزة، إذا وقعت، عدداً من الميزات الجديدة.

السيدة هاريس هي المرأة الثانية فقط التي تصل إلى الجولة الأخيرة في انتخابات الرئاسة الأميركية. وهي أيضاً المرأة الأولى «السوداء» من خلفية هندية وجامايكية تصل إلى الدرجة ما قبل الأخيرة من السلم الرئاسي.

هناك مستجدات أخرى من جانب ترمب كذلك. فهو ثاني رئيس سابق بعد ثيودور روزفلت يسعى للعودة إلى البيت الأبيض، في مواجهة معارضة النخبة التقليدية في حزبه. ولكن على النقيض من روزفلت الذي ترك الحزب الجمهوري لتأسيس حزبه التقدمي المنكوب، فإن ترمب لم يغادر الحزب الجمهوري، بل وحّد الحزب تحت رايته.

من بين المفارقات في هذه الانتخابات أن الجمهوريين يدخلون الجولة النهائية متحدين على نحو غير متوقع، في حين لا يزال الديمقراطيون، بمن في ذلك بعض الديمقراطيين من اليسار، مترددين بشأن هاريس باعتبارها حاملة لواء الحزب.

إن الانتخابات الرئاسية الأميركية كثيراً ما كانت تستند إلى الشخصية أكثر من تركيزها على السياسة. فمن بين الرؤساء الـ46، كان لدى الولايات المتحدة 31 رئيساً من ذوي الخلفية العسكرية حتى أعلى الرتب. وحده بيل كلينتون جعل رفضه للتجنيد خلال حرب فيتنام وساماً للشرف. وادعى باراك أوباما، الذي لم يكن له سجل في الخدمة العسكرية أيضاً، حيازة الشرف العسكري من طريق جده لأمه الذي خدم في الجيش. وقد زينت صورة الجد غلاف كتاب أوباما «جرأة الأمل».

لكن هذه المرة، لا يملك أي من المرشحين النهائيين سجلاً عسكرياً يفتخر به، حتى من خلال الأجداد.

لكن ماذا عن المكونات الأخرى في السرد الرئاسي الأميركي؟

تُقدم الحكاية الرمزية الشخصية الطامحة بأنها تتحدر من أسرة متواضعة، وفقيرة أحياناً، تعيش في كوخ خشبي، ولكنها تتحرك صعوداً على السلم الاجتماعي بفضل العمل الجاد والجدارة الشخصية. ركز بيل كلينتون كثيراً على ادعائه بأنه يتيم ربته أم إِيثارية متفانية، وهي تيمة ساعدت في تأمين أصوات الأمهات العازبات وقتذاك. مثل هذه التيمات لم تعد تفلح هذه المرة.

ربما لم يكن ترمب يعيش في الشقة العالية في برج ترمب منذ البداية، لكنه بالتأكيد لم ينشأ في كوخ خشبي أيضاً. تمكن والدا هاريس من الحصول على مكانة الطبقة المتوسطة العليا بفضل العمل الشاق وفرصة العيش في كاليفورنيا، حيث التمييز الإيجابي يكاد يكون عقيدة.

اختار المعسكران الهجمات الشخصية والمستوى الذي نادراً ما شهدناه من قبل. قائمة الاتهامات الموجهة ضد ترمب طويلة للغاية بالنسبة لهذا المقال. وحُكم عليه باعتباره مذنباً بكل خطيئة يمكن تصورها، بما فيها الخطيئة الأصلية.

أما بالنسبة لهاريس، فإنها قد صُورت في شخصية «إيزابيل: شخصية الكتاب المقدس الشريرة» الحاصلة على شهادة في القانون، وهي المُلامة على جميع الإخفاقات الحقيقية أو المتخيلة خلال الفترة المشتركة بين أوباما وبايدن التي استمرت 12 عاماً في البيت الأبيض.

بما أن أياً من الطرفين لم يسمح بعقد مؤتمر مفتوح، فإن القضايا السياسية الرئيسية لم تُناقش حتى على مستوى الحزب.

ما هي تلك القضايا؟

الأولى أن الولايات المتحدة كانت منخرطة في حرب أهلية ثقافية لأكثر من عقد من الزمان.

والرؤية التقليدية للولايات المتحدة باعتبارها بوتقة صهر للهويات الثقافية والدينية والعرقية تواجه تحدياً من قبل ما يقدمه تلاميذ صامويل هنتنغتون بوصفه منضدة للسلاطة (متعددة المذاقات) حيث تكون الهوية المزدوجة هي القاعدة. إن صراع الحضارات يحدث داخل الولايات المتحدة.

ففيه يدعي كل شخص أنه ضحية، وغالباً ما يشعرون بذلك بصدق. وعبارة «سوف نستعيد بلادنا» تعني ضمناً أن شخصاً ما قد سرقها. وشعار «حماية حقوقنا الاجتماعية» يعني أن شخصاً ما يحاول حرمان الأميركيين من الإعانات العامة، والتمييز الإيجابي، والمزايا التي يتلقاها نصف سكان البلاد تقريباً. وشعار «حياة السود مهمة» يعني ضمناً نظاماً من القيم القائمة على لون البشرة.

أحد المخاطر التي تواجهها الديمقراطيات هو تحول آلية الحكم إلى حزب سياسي بثقافته وتقاليده وأساليبه، وغني عن القول، مصالحه، وفي المقام الأول مصالح الاستدامة الذاتية. ومن ثم، فإن الولايات المتحدة لديها طرف ثالث غير مرئي، إلى جانب الجمهوريين والديمقراطيين.

تُوظف الحكومة الفيدرالية ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص. ومن بين هؤلاء، هناك ما بين 5000 و7000 شخص يتغيرون بتغير شاغل البيت الأبيض. فالوظائف الثابتة، التي تدوم في بعض الأحيان مدى الحياة، تساعد في إدامة نخبة من كبار الموظفين التي ترى أن مهمتها الأساسية تتلخص في الإبقاء على سفينة الدولة على المسار الذي رسمته. وتعتبر هذه النخبة راسخة بصفة خاصة في وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، ووزارة الخزانة، والأهم من ذلك، السلطة القضائية.

مع ذلك، فإن ما نتعامل معه ليس نتاج مؤامرة من قبل عصابة في غرفة مظلمة. إنها الناتج الأساسي لنظام تُختزل فيه. فالفوز في الانتخابات فن، والحكم فن مختلف تماماً. هناك قضية رئيسية أخرى تتلخص في إعادة توزيع السلطة على المستوى الفيدرالي وعلى مستوى الولايات. في العديد من الولايات، لا سيما في الجنوب، لا تزال المخاوف الكونفدرالية قائمة.

من زاوية أخرى، يُبشر الديمقراطيون النخبويون بالإنجيل الفيدرالي القديم للولايات القريبة من المياه، لا سيما المحيطين والبحيرات العظمى.

لهذا السبب، يُصور الديمقراطيون القرار الأخير الذي اتخذته المحكمة العليا بالسماح لبعض الولايات بوضع قواعد خاصة بها للإجهاض باعتباره هجوماً على الديمقراطية، وليس تحركاً نحو اللامركزية على النحو الذي قد يمتد إلى قضايا أخرى.

حالما يطلق المرشحان الرئاسيان مختلف الإساءات ضد بعضهما البعض، لا يعلم الناخب شيئاً عما يعتزمان فعله حقاً إزاء التصدعات في هياكل النظام العالمي، أو الحرب في أوكرانيا، أو الصين باعتبارها تهديداً أو منافساً، أو الزيادة المطردة في الأنشطة المعادية للسامية، أو تعميق المعاملات الفظة في الحياة العامة.

في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لن تكون فئة كبار الموظفين أو «الطرف الثالث» هم أصحاب الأفضلية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الأميركية الطرف الثالث ليس وارداً الانتخابات الأميركية الطرف الثالث ليس وارداً



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon