توقيت القاهرة المحلي 19:43:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما الذي تريده إيران من واشنطن؟

  مصر اليوم -

ما الذي تريده إيران من واشنطن

بقلم - أمير طاهري

يقول مثل فارسي: «كان الحساء مالحاً جداً لدرجة أن الخان عبس»، بمعنى أن الوضع بات بالغ السوء لدرجة أن «الرئيس»، السجين في نسيج عنكبوت من صنع حاشية، أدرك مدى السوء الذي آلت إليه الأمور.
تَبادر هذا المثل إلى ذهني قبل أيام عندما اعترف الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بأنه كان مخطئاً في محاولته دعم الزمرة الخمينية من خلال رفضه حتى الدعم الشفهي للانتفاضة الإيرانية عام 2009.
في ذلك الوقت، جادل بعضنا بأن أوباما قد أخطأ وأن سياسته المتمثلة في «إدخال الجمهورية الإسلامية في الحظيرة» لن تنجح أبداً.
لا يعني هذا أننا تشاركنا الرواية القائلة بأن الولايات المتحدة قوية بما يكفي لإعادة تشكيل العالم، ناهيك بدولة نائية مشلولة بسبب مرض انفصام الشخصية.
كنا ندرك أنه لا توجد قوة بمفردها يمكنها تغيير مصير دولة أخرى من دون موافقة ودعم ضمنيين على الأقل من شعبها أو جزء كبير منه.
لقد انتصرت الولايات المتحدة في كلتا الحربين العالميتين اللتين انضمتا إليهما، بعد ثلاث سنوات من نشوب الحرب الأولى وسنتين من الثانية. وبحلول الوقت الذي وصل فيه الجنود الأميركيون، كان الملايين من الجنود الفرنسيين والبريطانيين قد ماتوا أو جُرحوا بينما قام الروس بدورهم أيضاً وبشكل كبير جداً، خصوصاً في الحرب العالمية الثانية.
ساعدت الولايات المتحدة في إنقاذ الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية من الحكم الاستبدادي لعصابة كيم. لكنَّ الكوريين أنفسهم جعلوا النصر ممكناً بقبولهم تضحيات لا تصدَّق.
كذلك ساعدت الولايات المتحدة في الإطاحة بنظام «طالبان» في أفغانستان عام 2001، لكن قوات التحرير التي شقت طريقها إلى كابل كانت من مقاتلي التحالف الشمالي الأفغاني.
في عام 2003 قدم العراق للولايات المتحدة انتصاراً آخر. فهناك أيضاً كان العراقيون هم من حرروا أنفسهم، إذ إنه باستثناء معركتين صغيرتين، رفض جيشهم المكون من 600 ألف رجل القتال من أجل صدام حسين.
نحن ندرك كليشيهات فوز الولايات المتحدة في الحرب الباردة. فهناك أيضاً نرى قوى أخرى تقاتل الطغيان البلشفي منذ اليوم الأول على الرغم من الإعدامات الجماعية وعمليات التطهير والنفي. وفي الحلقات الأخيرة رأينا سكان موسكو، بقيادة بوريس يلتسين يقفزون على الدبابات، وهزموا محاولة الانقلاب البلشفية بقيادة جينادي ياناييف لإنقاذ إمبراطورية محتضرة.
كما أن دول البلطيق، والبولنديين، والألمان الشرقيين، والتشيك، والسلوفاك، والرومان، والهنغاريين، والبلغاريين، والكازاخستانيين وجميع الدول الأسيرة الأخرى لإمبراطورية الشر قامت بدورها.
ومع ذلك، نعلم أيضاً أن هنري كيسنجر، بائع الوفاق، ساعد في إطالة أمد إمبراطورية الشر من خلال منحها ائتماناً سهلاً وهيبة غير مستحقة.
كل هذا لا يعني التقليل من أهمية الدور التاريخي للولايات المتحدة بوصفها القوة العظمى الوحيدة في التاريخ التي تقف دوماً على الجانب الصحيح في الصراع الدولي. فمع شخصيات مثل جورج الثالث، والقيصر، وهتلر، والشوغون اليابانيين، و«القياصرة الحمر» السوفيات، وكيم إيل سونغ، وآية الله الخميني، والملا عمر، وصدام حسين وغيرهم من «الأشرار» الذين أظلموا سماء شعوبهم، سيكون من الصعب عدم اختيار الولايات المتحدة.
في حالة إيران، ابتكر أوباما والوفد المرافق له خياراً خاطئاً بين «خلق عراق آخر»، وهو ما يعني غزواً واسع النطاق لن يؤيده غالبية الأميركيين، أو وضع نظام محتضَر على أجهزة الإنعاش على أمل أن يتوقف عن تمتمة عبارة «الموت لأميركا».
يقول الكثير من الإيرانيين إن أوباما «خان إيران». أنا لا أوافق. يمكن فقط أن يخونك صديق وأوباما لم يكن قط صديقاً لإيران. فباسم «معاداة الإمبريالية»، كان معجباً بالخمينيين وأتباعهم اليساريين.
هل خان أوباما أميركا؟ من الصعب أيضاً الإجابة عن هذا السؤال لأنني لست مقتنعاً بأن أوباما كان في يوم من الأيام صديقاً حقيقياً لأميركا. من الصعب عند قراءة كتب أوباما المختلفة ألا تلاحظ نشوة تتجاوز مجرد إحساسه بالظلم الذي عاشه في الماضي. قد أكون مخطئاً ولكني أعتقد أنه حاول إطالة عمر النظام الخميني لأنه يشاركه في موقفه المعادي لأميركا.
ربما كان ذلك لنفس السبب الذي دفع نعوم تشومسكي، معلم اليسار السطحي، إلى دعم الجمهورية الإسلامية بوصفها «نظاماً يستند إلى الشعب». أظهرت الانتفاضة الأخيرة في إيران كيف أن هذا النظام «يعتمد على الناس»، مما أجبر حتى تشومسكي على التغيير وفق اتجاه الريح.
حتى «المبعوث الخاص» روبرت مالي، المدافع منذ فترة طويلة عن الملالي، اهتز من الانتفاضة في إيران ويحاول تقليم أشرعته. كما فرضت الرياح التغيير على مُدافع آخر عن «إشراك الجمهورية الإسلامية» هو ريتشارد هاس، من مجلس العلاقات الخارجية، الذي أشاد به وزير الخارجية الإسلامي السابق محمد جواد ظريف قائلاً إنه «المفكر الاستراتيجي الأميركي الرائد». وكان هاس قد حوّل مجلس العلاقات الخارجية إلى منصة للدعاية لطهران. وهناك جرى الترحيب بظريف كما لو كان نجم موسيقى الروك.
اليوم، يدعو هاس إلى الانسحاب من المحادثات التي استمرت 20 عاماً مع الملالي، معترفاً ضمنياً بأن الانتفاضة الإيرانية ستغيِّر قواعد اللعبة.
المفارقة في كل هذا أن الإيرانيين هم على الأرجح أكثر دولة في العالم موالية لأميركا. فهم يرون الولايات المتحدة منارةً للحرية والحداثة والبراعة التكنولوجية وتتمتع بفرص لا نهاية لها لتحسين الذات. كما يعجبون بها لتحديها ألد أعداء إمبرياليين لإيران: إنجلترا وروسيا.
حتى المجموعات الخمينية الحاكمة تفضل الولايات المتحدة على حلفائها الروس والصينيين الجدد. فوفقاً لتقرير المجلس الإسلامي (البرلمان المصطنع) في عام 2019، كان نحو 3000 من أبناء النظام يدرسون في الولايات المتحدة بينما كان أكثر من 1500 من كبار المسؤولين يحملون «البطاقات الخضراء» الأميركية (تصريح الإقامة الدائمة). وأظهرت دراسة أجراها باحث سويسري إيراني أن أكثر من 400 مسؤول سابق في الجمهورية الإسلامية و«الحرس الثوري» الإسلامي يعملون في الجامعات الأميركية ووسائل الإعلام والمراكز البحثية.
ومن المفارقات أن الملالي، وبخاصة «المرشد الأعلى» علي خامنئي، وضعوا الولايات المتحدة في قلب الحياة الإيرانية، مما أعطى السياسة الأميركية تجاه إيران أهمية تتجاوز بكثير ما تستحقه.
في سبتمبر (أيلول) الماضي، أوضح خامنئي مبادئه الأربعة لما سماها «الحضارة الإسلامية الجديدة القائمة على روح عاشوراء» والتي يأمل أن يطرحها للبشرية جمعاء، أولها كان «محاربة أميركا» ثم «الوحدة الإسلامية» ثم «الأخلاق الصارمة» ثم «الاعتماد الاقتصادي على الذات».
لا يطلب الإيرانيون من الولايات المتحدة أي مساعدة مادية أو عسكرية في كفاحهم لبناء إيران مختلفة. كل ما يطلبونه هو أن تكون الولايات المتحدة وفيّة لمبدئها المعلن المتمثل في عدم الانحياز مطلقاً إلى الظالمين.
قال وزير خارجية أوباما، جون كيري، لصديقه ظريف ذات مرة إن الولايات المتحدة صادقة في رغبتها في إنقاذ القيادة الإسلامية من الغرق.
يبدو أن كيري لا يعرف مثلاً فارسياً آخر غير المثل القائل: «أولئك المقدَّر أن يُشنقوا لن يموتوا غرقاً».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تريده إيران من واشنطن ما الذي تريده إيران من واشنطن



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon