توقيت القاهرة المحلي 20:29:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوريا: يتيمة في عناوين الأخبار

  مصر اليوم -

سوريا يتيمة في عناوين الأخبار

بقلم - أمير طاهري

«هل أنت هناك؟»، أُلقي هذا السؤال في وجهي من أحد معارفي عبر موقع «تويتر» منذ بضعة أيام. وأعقب سؤاله بتذكير صارخ بقوله: «إنت! الحرب بسوريا لم تنتهِ بعد!».

على امتداد سنوات، حرص مرسل هذه الرسالة على إطلاعي، وغيره الكثيرون ممن لا حصر لهم بالتأكيد، على ما يدور على أرض وطنه الذي مزقته الحروب.

وبعد قيام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة عدد من العواصم، ادّعت وسائل الإعلام الرسمية داخل الجمهورية الإسلامية في طهران أنها بعد «إنقاذها سوريا» بفضل «حكمة وبطولة الجنرال قاسم سليماني»، تستعد إيران الآن «لأخذ زمام القيادة في إعادة بناء» هذه البلاد التي دمرتها الحرب.

وخلال اجتماع قريب مع وزير الخارجية فيصل المقداد، تحدث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، عن خلق «قوة عمل» لإعادة إعمار سوريا. من جانبه، تحدث الرئيس إبراهيم رئيسي عن بناء أكثر عن مليون مسكن لاستيعاب السوريين الذين شرّدتهم الحرب. ولم يكن من الواضح ما إذا كان هذا الوعد يخص المساحة التي تسيطر عليها إيران داخل سوريا تحديداً أم البلاد بوجه عام.

وتعهدت إيران كذلك بإحياء سياحة الحج إلى سوريا، مع وجود خطط لإرسال أكثر عن مليون حاج إيراني سنوياً.

ومع ذلك، فإن المجموعة الأولى المؤلفة من 500 حاج التي كان من المقرر أن يبدأ بها تنفيذ الخطة، الشهر الماضي، لم تغادر طهران بعد.

إعادة الإعمار كانت كذلك موضوع التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي تسيطر قواته على جزء من الأراضي السورية. ومع ذلك، يبدو أن مخطط إردوغان يقتصر على المنطقة التي يسيطر عليها، سياسة يمكن أن تؤدي، إذا بلغت نهايتها المنطقية، إلى إنشاء قطاع يتمتع بحكم شبه ذاتي في تلك الزاوية من سوريا.

من جهتها، تتحدث روسيا، لاعب كبير آخر في الحرب السورية، عن عملية «إعادة الإعمار»، مع تولي ميليشيا «فاغنر» زمام القيادة.

وكانت مسألة إعادة الإعمار كذلك موضوع الأوهام التي تدور حول الدول العربية الغنية التي تستثمر المليارات، إن لم يكن التريليونات، في إخراج سوريا من مقبرتها.

علاوة على ذلك، أثارت الولايات المتحدة، التي تسيطر هي الأخرى على جزء آخر من سوريا من خلال وكلائها الأكراد، ضجة حول إعادة الإعمار مع فريق من «الخبراء» من المنتظر أن يقدموا تقريراً عن «الإمكانات والعقبات» في غضون الأشهر القليلة القادمة.

في باريس، قال المبعوث الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون المعني بلبنان وسوريا، جان إيف لودريان، إن «إعطاء لبنان حكومة عاملة» خطوة رئيسية نحو إطلاق جهود عالمية لإعادة بناء سوريا.

ورغم ما سبق، فإن كل هذا الحديث عن إعادة الإعمار قد لا يعدو كونه مجرد ثرثرة فارغة، لأن المشاركين في المأساة السورية يتجاهلون جذورها الجيوسياسية. بدأت فصول المأساة السورية بجهود سلمية من جانب شريحة كبيرة من السكان لتأمين المزيد من الحريات الفردية، والحد من الفساد وتحسين الفرص الاقتصادية.

وانتهى الأمر بالانتفاضة قد حققت أهدافها أو لم تحققها، لتنتهي بنتائج سلبية كما حدث في بعض دول «الربيع العربي» الأخرى.

إلا أنه من دون التدخل الأجنبي، أولاً من جانب إيران، ثم روسيا، ثم تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، ما كانت الأزمة لتكتسب البعد الجيوسياسي الذي قاد سوريا إلى مأزق تاريخي.

وعليه، فإن كل الحديث الحالي عن إعادة الإعمار ما هو إلا حيلة لتجنب الجانب الجيوسياسي الأساسي لهذه المأساة التي خلقتها رؤى متضاربة للمستقبل، ليس لسوريا فحسب، بل لـ«الشرق الأوسط» ككل.

وتبدو هذه الشبكة المتداخلة أكثر تعقيداً عندما ندرك أن الرؤى المعنية هنا لا يمكن تلخيصها في فئتين، فمن المفترض أن تكون إيران وروسيا حليفتين في سوريا، لكن من الواضح أنهما في معسكرين متعارضين عندما يتعلق الأمر بمستقبل المنطقة.

من ناحيتها، ترغب روسيا في بناء شرق أوسط على غرار ما كان عليه الوضع في ذروة الحرب الباردة، عندما كان بمثابة ميدان للاتحاد السوفياتي. في المقابل، يحلم الملا الحاكم في إيران بإمبراطورية آيديولوجية يحكمها «المرشد الأعلى» في طهران.

وبالمثل نجد أن تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل حلفاء، بشكل أو بآخر، لكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل سوريا، ناهيك بالشرق الأوسط ككل، لا تتفق رؤى الحلفاء الثلاثة. بينما تأمل تركيا في إنشاء منطقة عازلة في سوريا لتجعل من المستحيل على الأكراد المتمردين تشكيل حزام متجاور من الأراضي على طول حدودها، وينصبّ اهتمام إسرائيل الرئيسي على الحيلولة دون تحول سوريا إلى قاعدة للتسلل إلى داخل مرتفعات الجولان، وشن هجمات في نهاية المطاف ضد بقية أراضيها.

أما الولايات المتحدة، على الأقل في ظل إدارة بايدن، فراضية بوجود رمزي إلى حد كبير. وحتى الآن على الأقل، لم تقدم رؤية متناغمة للمنطقة.

وفي خضم كل ذلك، فإن الحرب في سوريا لا تزال بعيدة عن خط النهاية.

كما أن العواقب الرهيبة للحرب لم تتم السيطرة عليها بعد. وفي الأسابيع الخمسة الماضية، أسفرت عشرات الاشتباكات بين جماعات متناحرة، بما في ذلك قوات موالية للنظام، عن سقوط مئات الضحايا. ونفّذت القوات الجوية الروسية 17 غارة جوية على أجزاء مختلفة من البلاد، لتواصل بذلك مهمتها المتمثلة في تحويل سوريا إلى أكوام من الأنقاض التي يتصاعد منها الدخان. وفي الآونة الأخيرة، بدأت في استخدام طائرات من دون طيار إيرانية الصنع في بعض الهجمات. وتبعاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فقد اختُطف 31 ألف صبي تبلغ أعمارهم 12 عاماً أو أكثر من معسكرات الاحتجاز التي يسيطر عليها الأكراد، لمنعهم من الانضمام لاحقاً إلى «الجماعات الإرهابية».

وفي تلك الأثناء، تواصل تركيا وإيران استغلال الموارد السورية من النفط والغاز والفوسفات عبر شبكات السوق السوداء.

من ناحية أخرى، صادف الأسبوع الماضي الذكرى السنوية للهجوم الكيميائي على ثلاث مناطق في الغوطة، الذي أسفر عام 2013 عن مقتل 1217 مدنياً، وإصابة كثيرين آخرين.

لا ينبغي للعالم أن ينسى أن الحرب في سوريا مستمرة، رغم أنها أصبحت يتيمة في عناوين الأخبار.

هل أنت هناك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا يتيمة في عناوين الأخبار سوريا يتيمة في عناوين الأخبار



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:20 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
  مصر اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon