توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران وطريق «بريكس»

  مصر اليوم -

إيران وطريق «بريكس»

بقلم - أمير طاهري

اليوم، يواجه حكام إيران معضلة مختلفة، في خضم محاولاتهم الانضمام لأندية لن تقبل بهم أعضاء بها. على امتداد أسابيع، تركزت جهود الدعاية الإيرانية حول مسألة سفر رئيس الجمهورية الإسلامية، آية الله رئيسي إلى جنوب أفريقيا، للمشاركة بالقمة السنوية لمجموعة «بريكس».

جدير بالذكر أن الجمهورية الإسلامية تطلب الانضمام لهذه المجموعة منذ عام 2010، عندما أعلن «المرشد الأعلى» آية الله علي خامنئي، عزمه خلق «نظام عالمي جديد» من خلال بناء تحالف ثلاثي بين إيران والصين وروسيا.

وأفادت مصادر من داخل طهران بأن المطلب الإيراني، رغم دعمه من قبل جنوب أفريقيا والهند، قوبل بالرفض الهادئ من جانب روسيا، وبالتجاهل من قبل الصين.

وتكمن المفارقة هنا في أن كبير مستشاري خامنئي للسياسة الخارجية، علي أكبر ولايتي، أحد كبار داعمي روسيا، ادعى خلال مناسبات عدة أن روسيا ستدعم طلب إيران للانضمام إلى «بريكس».

هذا العام، اكتسب الأمر برمته جانباً كوميدياً عندما «نصحت» جنوب أفريقيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم حضور القمة المقررة يومي 23 و24 أغسطس (آب)، بسبب إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إنذاراً أحمر بحق بوتين، بخصوص اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومع أن روسيا لم توقع على المعاهدة التي أنشأت المحكمة بموجبها، فإن جنوب أفريقيا كان لزاماً عليها، بسبب الإنذار، اعتقال بوتين فور وصوله. ونتيجة لذلك، تقرر الآن مشاركة بوتين بالقمة من خلال تطبيق «زوم»، ما يعكس موقفاً ليس بالقوة التي تسمح بالتوصية بانضمام الجمهورية الإسلامية في التكتل مستقبلاً.

من الواضح أن روسيا حتى لو أرادت مساعدة إيران، وهو أمر لا ترغبه، على الانضمام إلى «بريكس»، فإنها غير قادرة على ذلك. ومع ذلك، يبقى بإمكانها معاونة الجمهورية الإسلامية على الانضمام إلى أندية أخرى تتعطش طهران للانضمام إليها. واحد من هذه الأندية، الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي أنشأته موسكو عام 2014، على أمل إحياء الاتحاد السوفياتي، على الأقل على الصعيد الاقتصادي. يتألف الاتحاد من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا، مع الصين ومولدوفا وأوزبكستان كأعضاء منتسبين. تقدمت طهران بطلب لنيل عضوية المنتسبين عام 2016، في وقت كان آية الله خامنئي يبشر باستراتيجية «التطلع نحو الشرق».

ومن جديد، أفادت مصادر من داخل النظام الإيراني بأن الفيتو الروسي، الذي لم يُعلن رسمياً قط، هو ما يبقي الجمهورية الإسلامية في العراء.

ومع ذلك، تخلت روسيا، العام الماضي، عن حق النقض (الفيتو) على التحاق إيران بعضوية نادٍ آخر، مجموعة شنغهاي، ربما بفضل نجاح الصين في «إقناعها». بعد أن قرر غزو وضم أوكرانيا، رأى بوتين أنه سيحتاج إلى دعم إيراني في شكل إمدادات طائرات من دون طيار، وتجنيد مرتزقة سوريين وغيرهم للقتال مع الجانب الروسي. وحتى في ذلك الوقت، اضطرت إيران للانتظار قبل السماح لها بالانضمام للنادي الذي لا تزال أهدافه الدقيقة غير واضحة.

وما زاد الطين بلة، وقعت الصين، من خلال رئيسها شي جينبينغ، وروسيا، ممثلة في وزير الخارجية سيرغي لافروف، بيانات تشكك بوضوح في وحدة أراضي إيران، لتصبحا بذلك العضوين الوحيدين اللذين يمتلكان حق النقض داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يقدمان على هذا الأمر.

وبذلك، أثبتت الأيام أن حلم خامنئي «نظام عالمي جديد» بقيادة إيران والصين وروسيا، ليس سوى وهم عاش في ذهن زعيم يعمل في عالم خيالي. وعبر سلسلة من الخطابات، ادعى «المرشد الأعلى» أن «الشيطان الأميركي الأكبر» حاول أن يجعل إيران مثل بقية بلدان الشرق الأوسط، بينما إيران هي من تجعل بقية الشرق الأوسط مثلها، على الطريق نحو إعادة تشكيل العالم ككل.

تهاوى جزء من هذا الوهم، الأسبوع الماضي، عندما قام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأول زيارة خارجية له بعد فوزه في الانتخابات، للسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، متجاهلاً إيران تماماً.

وبحسب مصادر في طهران، كان على الرئيس أن ينتظر ثلاثة أيام قبل أن يتمكن من ترتيب مكالمة هاتفية مع أنقرة، لتهنئة إردوغان على إعادة انتخابه.

في خضم ذلك، كانت طهران تعلن عن «انتصارات دبلوماسية مهمة» ليس في نطاق «التطلع نحو الشرق» لخامنئي، وإنما في الدول الأفريقية، تحديداً كينيا وأوغندا وزيمبابوي. وجاء على رأس هذه الانتصارات، قرار أوغندا رفع التأشيرات عن السياح الإيرانيين، بافتراض أنهم تمكنوا بطريقة ما من الوصول هناك.

ولأول مرة، أصبح وهم خامنئي الدائر حول «التطلع نحو الشرق»، موضع تساؤل علني من قبل مصادر مطلعة من داخل النظام، ومعلقين مقربين من «أصحاب القرار» في طهران. وشهد اجتماع لما يسمى مجلس استراتيجية السياسة الخارجية في وقت سابق من الأسبوع، وحضره خمسة وزراء خارجية سابقين والعديد من كبار الدبلوماسيين المتقاعدين أو شبه المتقاعدين، انتقادات شديدة للاعتماد على تحالف متخيل مع الصين وروسيا. وبحسب مصادر، عمد أحد المشاركين، والذي يُعتقد أنه وزير الخارجية السابق علي أكبر صالحي، إلى تذكير الحضور بأن «الإمام» الراحل روح الله الخميني قد دعا إلى سياسة خارجية «لا تميل شرقاً ولا غرباً».

علاوة على ذلك، اشتكى وزير الخارجية السابق جواد ظريف، من أن روسيا «طعنتنا في ظهرنا» في العديد من المناسبات على مدار سنوات.

كما حذر الرئيس السابق للجنة الأمن الوطني في المجلس الإسلامي (البرلمان)، حشمت الله فلاحات بيشه، من أن الصين وروسيا تعاملتا مع الجمهورية الإسلامية باعتبارها ليست سوى مصدر ربح لهما. ودعا برلماني آخر، مسعود بيزشكيان، إلى مراجعة شاملة لسياسة «التطلع نحو الشرق». بجانب ذلك، طالب تجمع سياسي جديد يُعرف باسم «شيريان»، يُعتقد أنه جرى تشكيله من قبل الحرس الثوري الإسلامي، في ضوء الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، علانية بإسقاط شعار «التطلع نحو الشرق»، والعودة إلى سياسة الخميني القائمة على فكرة «عدم الميل شرقاً ولا غرباً».

من جهته، حذر وزير النفط السابق بيجان زنكنه من أن روسيا، بعد أن طردت إيران من سوق النفط الأوروبية، تحاول الآن فعل الشيء نفسه في الأسواق الهندية والصينية من خلال تقديم خصومات كبيرة.

منذ مارس (آذار) الماضي، تراجعت واردات الصين النفطية من إيران بنحو 40 في المائة، طبقاً لتقديرات غير رسمية، مع استحواذ روسيا على الحصة التي فقدتها إيران.

في تلك الأثناء، جاء ما اعتبره بعض الإيرانيين هجوماً من قبل لافروف على وحدة الأراضي الإيرانية، شعر الكثيرون بالاستياء من رفض الرئيس أو عدم قدرته على الاعتراض على الروس. ويساور القلق الكثيرين من أن التزام طهران الصمت إزاء التحركات الروسية والصينية، قد يشجع دولاً أخرى على تبني موقف مماثل ضد إيران.

ويبدو من غير المحتمل أن يتخلى خامنئي، 84 عاماً، عما كان يأمل أن يكون «إرثاً تاريخياً» له أو، على حد قوله، «طرد الشيطان الأكبر وحلفائه من المنطقة». ربما لهذا السبب، طالما ظل خامنئي في السلطة، لا تشعر بكين ولا موسكو بالقلق من إثارة غضب إيران، مهما فعلتا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وطريق «بريكس» إيران وطريق «بريكس»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon