توقيت القاهرة المحلي 18:33:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين: عجز القوي وقوة الضعيف!

  مصر اليوم -

فلسطين عجز القوي وقوة الضعيف

بقلم - رضوان السيد


القرارات الدولية لم تتغير. أما وقائع قوة القوي وعجزه فمرت بأربع مراحل: في المرحلة الأولى كان الاعتقاد أن الصراع لا يستطيع الفلسطينيون أن يقودوه، وأن الدول العربية هي التي تقود الصراع؛ ولذلك يجب التركيز على إرغامها على السلام فتنتهي «القضية». وفي المرحلة الثانية، وقد بدا لهم النجاح قريباً، اعتقدوا بإمكان أن يكون الأردن هو الوطن الفلسطيني البديل من طريق نشر الاضطراب فيه، وتهجير الفلسطينيين إليه. إنما بعد الانتفاضة الأولى بدأ تفكير جديد مثَّله فريق إسحاق رابين، ويقوم على إرضاء الفلسطينيين بشبه دولة. لكن بعد تعاون الراديكاليين من الطرفين على إفشال «أوسلو»، ظهر الاتجاه الرابع أو دخلت القضية في المرحلة الرابعة، وهي تقوم على الحرب الدائمة وتعزيز الاستيطان، مع موقف متأرجح من السلطة الفلسطينية بين الإضعاف والإلغاء والتواصل غير المباشر مع «حماس» على أساس إقرار دويلة في غزة وحسْب.

ولا تزال هذه المرحلة مستمرة. لكنْ بعد عام 2007 ظهرت عوامل «مقلقة» لدى الفلسطينيين ولدى الإسرائيليين؛ فالغزاويون ما توقفوا عن الطموح في ساحة واحدة ضد إسرائيل، مع ميلٍ متزايد لمناكفة السلطة في رام الله. والإيرانيون و«حزب الله» صاروا عاملاً مهماً في الصراع مع إسرائيل عبر «حزب الله» وبشكل مباشر من خلال دعم «حماس» و«الجهاد الإسلامي». والعامل الثالث تراجُع ثم توقُّف الأميركيين فالدوليين عن دعم إعادة التفاوض. والعامل الرابع سيطرة اليمين وقيام حكومات المستوطنين والمتعصبين الدينيين في إسرائيل، وهذا هو المميز الرئيس للسياسات أيام حكومات نتنياهو وصولاً إلى عهد دونالد ترمب، حيث عادت الفكرة القديمة بإنهاء القضية الفلسطينية من خلال السلام مع العرب، كلّ العرب!

ما الذي يُظهر عجز القوي بحسب برتران بادي؟ العجز عن تحقيق الانتصار الكامل على «الضعفاء» بالقوة المتفوقة.

إن هذا هو ما قاله لهم أحد الكتاب في «نيويورك تايمز» بعد هجوم «حماس» الأخير في يوم الغفران الثاني على إسرائيل. لقد ظهر عجز القوي المتفوق من عدة نواحٍ، فرغم الاستخبارات والأسوار والقباب الحديدية والطائرات المقاتلة الجوالة، خرج آلاف المقاتلين الفلسطينيين دون أن يشعر بهم أحدٌ من أولي العيون الواسعة، سواء لجهة الاختراقات الكبيرة على مستوطنات غلاف غزة، أو لجهة آلاف الصواريخ التي غطت سماء الدولة العبرية وأرضها. وكانت المفاجأة الثانية سقوط آلاف القتلى والجرحى من الإسرائيليين، ووقوع المئات في الأسر. فللمرة الأولى بعد عام 1973 عادت إسرائيل تخسر، وما عاد صونُها من ذلك الفتك بالجيوش. فالمقاتلون هم مجموعات مسلحة تضرب وتنسحب، وخسائرها، إن خسرت، محدودة؛ لأن الميليشيات العقائدية تهاجم بأعدادٍ صغيرة فتكون خسائر الدولة المتفوقة كبيرة، ولا تُقارَن بها خسائر المهاجمين مجموعات ووحداناً؛ فقوة الضعيف هنا تبدو في إيمانه بالقضية التي يقاتل من أجلها، وفي النهاية الأرض أرضه وهو لم ينسَها، ويستعد دائماً للعودة إليها: ألم تروا كيف فعلت «طالبان» في أفغانستان مع الأعداد الهائلة للأميركيين والأطلسيين؟ لقد اضطُرت للانسحاب، ثم اضطَرت الأميركيين وحلفاءهم للانسحاب والهرب كما هرب الجنود والمستوطنون من مستعمرات قطاع غزة!

ماذا يقترح هذا الكاتب على الإسرائيليين وعلى الأميركيين؟ ليست أهمّ أخطائهم هي أنهم لا يفاوضون من أجل السلام بعد وقف النار في الحروب المتكاثرة. بل في أنهم طوال الوقت يريدون إخماد أنفاس السلطة الفلسطينية لسببين: أنها قائمة في أجزاء من الضفة الغربية، وهم يريدون الاستيلاء على ما بقي من الضفة تحت سلطتها. والسبب الثاني أن السلطة من آثار «أوسلو»، وشرعيتها قائمة عليها وعلى القرارات الدولية. فهم لا يريدون هذا ولا ذاك. أما مع «حماس» فقد تفاوضوا دائماً لنصرتها على السلطة، ولأنهم لا يهتمون بالاستيلاء على غزة من جديد.

ويخشى الكاتب أن تتحرك لدى القوة المغرورة أطماع الاستيلاء على غزة من جديد. وهذا يهدد بمذبحةٍ كبرى، والمزيد من القتلى لدى الطرفين، مع عدم انتهاء الحرب. فإن انكسرت شوكة «حماس» و«الجهاد» فهناك سبعة أو ثمانية ملايين فلسطيني على أرض فلسطين التاريخية، فضلاً عن اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان.

إن الأفضل الآن رغم تكاثر الصعوبات وتصلُّب الجبهات بالدم والدمار، إحياء أبو مازن إن أمكن. الإسرائيليون و«حماس» معاً هم الذين دمّروا السلطة الفلسطينية. الإسرائيليون من أجل الاستيلاء، و«حماس» من أجل الحلول محلّ السلطة. العودة إلى أبو مازن وإلى الوساطات العربية هي التي تستنقذ إمكانيات السلام حتى مع الدول العربية. فليس هناك عربي اليوم إلاّ وهو شديد الاعتزاز بما أنجزته «حماس». ثم إنّ معظم العرب لا يحبون الأدوار الإيرانية في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن! إنقاذ فلسطين أو الحلّ فيها لا يزال ممكناً وبمساعدة مصر والأردن وقطر، وهو مصلحة إسرائيلية وعربية!

هناك أُناس كثيرون في إسرائيل وأميركا يعدون أنّ الحروب في فلسطين وعليها ليست لها نهاية. وهذا يعني عذاباً لا ينتهي للشعب الفلسطيني الذي لا تزال أرضه محتلة وقد تحررت كل المناطق التي كان الاستعمار يحتلها. ثم إن استمرار العذاب على الفلسطينيين يعني عدم الطمأنينة والاستقرار في إسرائيل، والاتجاه للهجرة الثانية أو الثالثة. فلا ينبغي الرهان على الدعم الأميركي المطلق من أجل عدم العودة إلى عملية السلام.

الباحثة الاستراتيجية سهام الوكيل، والتي حاضرت في تشاتام هاوس، نبّهت إلى أهمية ما طرحه ولي العهد السعودي لسلام متكاملٍ مع إسرائيل رُكنه إيقاف الحروب من طريق حلّ الدولتين. والرؤساء الغربيون الذين أصدروا بياناً في دعم إسرائيل تحدثوا أيضاً عن الحرية والعدالة للإسرائيليين والفلسطينيين. والإسرائيليون يتمتعون بالأمرين، فأين حرية الشعب الفلسطيني والعدالة والإنصاف له؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين عجز القوي وقوة الضعيف فلسطين عجز القوي وقوة الضعيف



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon