توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران الخامنئية ووجهة الصراع

  مصر اليوم -

إيران الخامنئية ووجهة الصراع

بقلم - رضوان السيد

اشتهر كتاب روي متحدة: بُردة النبي، الدين والسياسة في إيران (1986) باعتباره أعمق ما كُتب عن شخصية رجل الدين الإيراني وجذور سلطته وسلطانه، وعلائق ذلك بروح إيران العميقة. لكنه عندما كتب مقدمةً لترجمتي العربية للكتاب عام 2002 كان شديد التشكك في استنتاجاته الأولى بشأن الوجهة التي ستتخذها إيران بعد الثورة. ظهر الكتاب في خضمّ الحرب العراقية - الإيرانية، ومع ذلك فقد كان تقدير متحدة - الإيراني الأصل والأميركي الولادة - أنّ الحلفاء الطبيعيين لإيران الخمينية سيكونون العرب في الجوار والأميركيين في المجال الدولي. بعد قرابة العقدين على صدور الكتاب يستظهر متحدة أنّ سياسات النظام الإسلامي تجعل من عرب الجوار ومن الأميركيين خصوماً رئيسيين؛ من دون أن يعني ذلك اقتراباً حقيقياً من روسيا الاتحادية. والأمر الآخر الذي لم يفهمه متحدة وراح يطرح فرضياتٍ بشأنه: هذه النزاعات العدائية بين إيران وإسرائيل. فهل يكون سبب ذلك أن إيران تريد الاستئثار بالملف الفلسطيني أم أنّ ذلك يأتي في دواخل الصراع على الإسلام بين إيران والعرب باعتبار القضية الفلسطينية عنواناً رئيسياً أو العنوان الرئيسي في قضايا الإسلام المعاصر، أو بمعنىً آخر: كيف تفهم إيران الإسلامية المجال الاستراتيجي الجديد بعد الحرب الباردة؟

ارتاع روي متحدة من اغتيال قاسم سليماني بضربة أميركية، كما ارتاع الآن باغتيالات إسرائيل لقادةٍ كبارٍ آخرين في «الحرس الثوري» ومن ضمنهم محمد رُضي زاهدي قبل يومين. فقد كان يرى أنّ الإيرانيين شديدو الكبرياء، وأنهم لن ينسوا جراح الكرامة هذه ولو بعد حين. ولذلك في آخر اتصالٍ له أظهر تشاؤماً شديداً وتنبأ بصراعٍ طويل الأمد ستتضرر منه المنطقة كلها!

منذ مطلع عام 2023 كنا نتجادل أو نتحاور. أنا أرى أن العلاقات الأميركية – الإيرانية تتتحسن، وكذلك العلاقات الإيرانية - العربية. إنما من جهةٍ أخرى ورغم تبادل الأسرى وحصول إيران على بعض أموالها المحتجزة؛ فإنها تمضي من خلال ميليشياتها اللبنانية والفلسطينية باتجاه الحرب مع إسرائيل، هم يجتمعون عند «حزب الله» في بيروت، من لبنانيين وفلسطينيين ومسؤولين إيرانيين، ويتحدثون عن وحدة الساحات وعن تصعيد الصراع وإلى عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وما بعدها. وروي متحدة يقول: لكنّ إسرائيل - ومن ورائها الولايات المتحدة - أخذت بزمام المبادرة، وتريد إخماد قوى الساحات جميعاً أو على الأقل تأجيل الأخطار والتهديد لأعوامٍ مقبلة. بيد أن روي متحدة والإيرانيين الآخرين بأميركا لا يزالون يتساءلون: لماذا اتخذ الصراع هذه الوجهة، وأي طرفٍ هو الذي يدفع بشدة باتجاه الحرب ولماذا؟!

الأميركيون والإيرانيون على حدٍ سواء يصرحون بأنهم لا يريدون توسيع الصراع، لكنّ الحرب تمضي على قدمٍ وساق كأنما تملك آلياتٍ مستقلةً عن إرادة المتصارعين! وهناك من يقول إنّ نتنياهو وحكومته المتطرفة هم الذين يتابعون الحرب خشية عواقب ومآلات السلام على مصائرهم السياسية. لكنّ ذلك يبدو غير مقنع، وإلاّ لماذا ترسل الولايات المتحدة أخيراً هذه الكميات الضخمة من الطائرات والأسلحة المتطورة إلى إسرائيل؟

وإلى روي متحدة مرةً أخرى. فقد قيل إنّ من أسباب الحرب أو دوافعها أن إيران تريد منع تقدم العلاقات بين العرب وإسرائيل. ومتحدة يرى أنّ العرب جادوا أخيراً ومرةً واحدةً من الواجهة وحسّنوا علاقاتهم مع إيران، ولا غبار على علاقاتهم مع الأميركيين حالياً، بل ورفضوا المشاركة في الحرب البحرية الرامية إلى إخماد ضربات الحوثيين في البحر الأحمر وبحر العرب مع أنهم متضررون من ذلك. وهكذا، هناك جبهتان مباشرتان يقابل فيهما الإيرانيون أميركا وإسرائيل: أميركا في البحر الأحمر وسورية، وإسرائيل في غزة وسورية وجنوب لبنان. وفي الهجوم الإسرائيلي الأخير على دمشق: ضرب الإسرائيليون على أرضٍ معتبرة إيرانية. وهدد الإيرانيون بالرد، لكنهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن.

إنّ هذه التساؤلات على حدّتها وتشابكها ما غيرت وجهة الصراع الجاري منذ عقود عدة وقد قررت إيران وجهته العربية بل والإسرائيلية، ويتطور الرد على ذلك أخيراً من جانب إسرائيل... وأميركا!

هل هناك محيدٌ عن تطور الصراع؟ «حزب الله» يقول: لن يتطور الصراع إذا توقفت الحرب على غزة. أما الأميركيون والعرب الذين يحاولون التهدئة فيعتبرون أنّ الهدنة الطويلة هي رهن المضي في ترتيبات الدولة الفلسطينية والتي يعارض الإسرائيليون حتى الآن فكرتها وممارساتها ويشيرون إلى فشل «أوسلو»، وإلى عدم وجود شريك حقيقي في عملية السلام، وعلى أي حال وقبل كل تفكير بالبدائل عن الحرب ما هي حقائق قدرة الولايات المتحدة على فرض فكرة الدولة، وصنع عملية السلام. ثم هل يكون ممكناً بالفعل القضاء على «حماس» للبدء بإقناع إسرائيل بالاطمئنان إلى وجود الشريك المسالم، وإلى قدرة الولايات المتحدة على ضمان أمن إسرائيل من دون حرب!

هناك ملفٌ جديدٌ نسبياً وسيلعب دوراً بارزاً في تطورات الصراع. لقد عاد الكلام الخفي والحثيث عن تحديات الاعتدال العربي بعد صعود موجة التضامن مع «حماس» بسبب الفظائع الإسرائيلية. ففي مقابل اليمين الإسرائيلي الصاعد، يتبلور الإسلام الراديكالي من جديد، وتدعمه هذه المرة إيران الإسلامية. وليس من مصلحة إيران بعد الضربات التي تلقّتها أن تدعو للسلم والتجاوز وهي ما عادت آمنة. لقد كان «حزب الله» يتحدث دائماً بعد عام 2000 عن أهمية سلاحه في الردع كما ثبت عام 2006. لكنّ الأسابيع الأخيرة في الحرب على الجبهتين، أظهرت القدرات المحدودة للردع، وجرّأت إسرائيل على الإمعان في التخريب والقتل. ووسط هذا الموقف المتفجر ماذا يبقى للاعتدال عند الجمهور، وما هي مصلحة إيران بعد التطورات الأخيرة في التهدئة أو وقف القتال؟!

يرى الأوروبيون وبخاصةٍ مفوضهم جوزيب بوريل إلى جانب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أنّ أصحاب المصلحة الرئيسية في التهدئة هم العرب. فهم مهتمون باستعادة الملف الفلسطيني، وفي وقف تنامي الراديكاليات في الجمهور، وربما تغيير وجهة الصراع. لقد تحسنت علاقاتهم بإيران، وعلاقاتهم بالولايات المتحدة الآن على ما يُرام والإسرائيليون في حاجةٍ إلى طرفٍ بالمنطقة للخروج من العزلة. ولذلك؛ وقد اندمج الإسرائيليون والأميركيون والإيرانيون في الصراع، ما بقي إلاّ الطرف العربي الذي ينبغي أن تدفعه مصالحه الاستراتيجية ومنها الأمن البحري، والاستقرار في دول المحيط إلى البناء على كل الأفكار والمبادرات من أجل تطوير مخرجٍ يعد بأمنٍ مشتركٍ تأسيساً على الأمن الفلسطيني والعربي.

قد لا يكون مفيداً الآن العودة لتفحص الروح الإيرانية، وروح الملالي الحاكمين. لكنّ الإسرائيليين يتصرفون تصرف الأقلية المذعورة التي تريد قتل كل من حولها لتأمَن. والمعاناة العربية خلال عقدين وأكثر تدفع باتجاه الخروج من أسر الرهانات المتصارعة. فلا بد من حضور العرب قبل فوات الأوان على الجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الخامنئية ووجهة الصراع إيران الخامنئية ووجهة الصراع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon