توقيت القاهرة المحلي 11:08:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمة العربية ــ الإسلامية والنهج الجديد

  مصر اليوم -

القمة العربية ــ الإسلامية والنهج الجديد

بقلم - رضوان السيد

 

كان يوم السبت في 11/11/2023 لدى العرب والمسلمين يوماً خالصاً لغزة وفلسطين. ويعكس بيان القمة للسبع والخمسين دولةً خمس أولويات: استنكار الحرب على غزة ووقائع الغزو الوحشي، والمطالبة بإيقافها فوراً ورفض التهجير القسري والحصار والاحتلال - وإدخال المساعدات من كل نوع إلى القطاع غذاءً ودواءً ووقوداً وماءً - وإدانة صمت المؤسسات الدولية وعجزها وفي طليعتها مجلس الأمن، والمطالبة بمحاكمة مسؤولي دولة العدوان من جانب المحكمة الجنائية الدولية - والعودة إلى مفاوضات الحلّ السياسي للوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية وعلى أساس القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية عام 2002.

خلال خطابات القمة خاطب المفوض العام لـ«الأونروا» المجتمعين عما جرى ارتكابه بغزة ضد مدارس «الأونروا» ومؤسساتها الأخرى والتي تؤوي مئات الآلاف من الأطفال والنازحين من جميع بقاع غزة. وفي اليوم التالي للمؤتمر أصدرت المؤسسات الإنسانية الدولية العاملة في القطاع بياناً شديد الأسى والغضب ركّزت فيه على المستشفيات وما أصابها من هدمٍ وقصفٍ وقتل للنزلاء وفقدٍ للكهرباء والتجهيزات الطبية أدى إلى إيقاف معظمها عن العمل.

وفي اليوم نفسه، أي الأحد في 12/11 غصّت شوارع المدن الأوروبية (وبخاصةٍ في لندن) والأميركية بالمتظاهرين ضد أفاعيل إسرائيل، وضد دعم الحكومات الغربية للعدوان والعقاب الجماعي.

ما بقي عاقلٌ أو سياسي غربي بارز أو صحافي شهير إلاّ اعتبر القمة العربية – الإسلامية ضغطاً هائلاً على الولايات المتحدة، وعلى بعض المواقف الأوروبية (وبخاصةٍ المستشار الألماني الذي يعارض وقف القتال! وترد عليه منظمة الصحة العالمية بضرورة وقف النار فوراً!)، وشبّه البعض المظاهرات الحاشدة بالمظاهرات أواخر الستينات من القرن الماضي بأميركا وأوروبا ضد حرب فيتنام. وفي حين قلّل البعض من شأن القمة، وإدانات المؤسسات الإنسانية، اعتبر بعضٌ آخر بيانات المؤسسات الإنسانية إنقاذاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وبخلاف مواقف المسؤولين الأوروبيين والأميركيين؛ اعتبر إعلاميون القمة العربية - الإسلامية قمة العقل وقمة السلام وقمة إنسانية الإنسان. فماذا يفيد لو أنّ القادة المجتمعين صبّوا الزيت على النار ودعوا للحرب، واستندوا في ذلك (وبحق) إلى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني منذ خمسةٍ وسبعين عاماً؛ فأعطوا بذلك الذريعة للميليشيات المسلَّحة ليس لتحرير فلسطين الذي لن يحصل، بل وأيضاً الذريعة للاستيلاء على السلطة من أجل التحرير كما حصل مع الجيوش قديماً ومع «حماس» في غزة وميليشيات في العراق وسورية ولبنان واليمن والسودان... إلخ.

لقد تعهدت الدول العربية والإسلامية بالعمل بشكلٍ جماعي مع الفلسطينيين لاستيفاء الحقوق الأساسية وإقامة الدولة، وإنهاء عذابات الشعب الفلسطيني. وفعلت ذلك وهي تعلن الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني، وتأخذ على الأميركان والأوروبيين أنهم تجاوزها مع أن أسلافهم هم الذين وضعوها فلم يلتزموا بمبادئها وقواعدها. سيقول قائلون: لكنّ هذا «التعيير» لن يفيد شيئاً. نعم، إنما السياسات في النهاية مصالح، ومؤتمر التضامن مع فلسطين يمثّل قرابة الملياري نسمة في سبع وخمسين دولةً، وبهذا المعنى فإنّ العنتريات لا تفيد، وإذا كانت الحروب السابقة عادلة فإنها ما نجحت في النهاية لأن الغرب الذي زرع إسرائيل في المنطقة لن يتخلّى عنها. والإجماع العربي - الإسلامي الجاد تذكرةٌ للغرب أنّ الشرق الأوسط لن يستقر من دون الدولة للفلسطينيين الذين يعدّون سبعة ملايين في الضفة والقدس وغزة، ومثلهم في الخارج: أما كفى الاحتلال والابتزاز والتهجير والانتفاضات المتوالية للاقتناع بضرورة الدولة؟! هذه هي دروس الجدية والسلم والعدالة والحقوق التي أعطاها اجتماع القمة في بلاد الحرمين منزلة القيمة والمثال. فيا أيها الغربيون إذا كنتم حريصين على سلامة إسرائيل وسلامها، فاحموها بالإرغام على التخلي عن احتلال أرض الفلسطينيين!

إنّ الذي أراه أنّ هذا منطق جديد لدى العرب والمسلمين، وهو يحفظ الحقوق أكثر مما تحفظها الحروب. فإذا نظرنا إلى مطالب التنظيمات الفلسطينية المسلَّحة بعد هذه الحرب الضروس فسنجدها تتمثل في إطلاق سراح ستة أو سبعة آلاف فلسطيني في سجون إسرائيل(!)، وفي مقابل ماذا؟ في مقابل قرابة الخمسة عشر ألف قتيل وخمسين ألف جريح، وخراب ديار مليوني نسمة ونيف! ويستطيع المسلحون القول: إنه لولا التضحيات الكبرى (من جانب الشعب الفلسطيني الأعزل!) لما التفت العالم إلى ضرورة حلّ المشكلة الفلسطينية التي يتقادم عليها الزمن! وهذه وجهة نظرٍ تبدو في ظاهرها وجيهة. لكنها في الحقيقة ليست كذلك. فالدول العربية (وحتى الإسلامية) ما تراجعت هممها في مسألة فلسطين إلاّ لثلاثة أسباب: الخراب الحادث في مجتمعاتها ومع العالم نتيجة أفاعيل «القاعدة» و«داعش» والهجوم على الولايات المتحدة وتخريب سورية والعراق فما بقي عربي أو مسلم إلاّ ونالت منه شواظات حروب الولايات المتحدة (مكافحة الإرهاب الإسلامي) - والسبب الثاني، أنه على وقع تخريب الأصوليات والولايات المتحدة دخل الإيراني على خط الدول العربية المستضعفة أو المغزوّة، وأنشأ تنظيمات طائفية أو جهادية في العراق وسورية ولبنان وفلسطين واليمن، قسمت البلدان بقصد السيطرة عليها أو شرذمة مجتمعاتها - والسبب الثالث، وقد انصرفت الدول العربية لحفظ استقرارها، ومنع الاستيلاء الأصولي أو الإيراني أو الاثنين عليها؛ فإنّ الإسرائيليين والأميركيين استعلوا وما عادوا يشعرون بالحاجة إلى حل معقول للقضية الفلسطينية ما دام العرب جميعاً «متطرفين»، ويمكن الاتفاق ولو على دَخن مع الإيرانيين، الذين صاروا مسيطرين على الدول من حول فلسطين المحتلة.

عندما تريد إيران أمراً من الولايات المتحدة تشنّ عبر أحد تنظيماتها حرباً على إسرائيل. وحرب غزة هي إحدى تلك الحروب، مثل حرب «حزب الله» عام 2006. في مؤتمر القمة كان هناك إجماع باستثناء كلام للإيرانيين. وكأنما اعتبر الإيرانيون كلام رئيسي ليس واضحاً، فصرّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بأنهم لا يوافقون على حلّ الدولتين، ويريدون تحرير فلسطين كلها. كما أنهم لا يؤيدون التفاوض والاعتراف ولو من خلال صفقةٍ شاملة، ولا يعتبرون منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد. إسماعيل هنية زعم قبل أسبوع أنهم يقبلون بحلّ الدولتين وإن عُرف عنه التقلب!

إيران تريد حروباً مستمرةً في الدول العربية وكلها باسم حقوق التحرير وواجباته. أما الدول العربية والإسلامية بقيادة المملكة وريادتها فتريد أن تصنع سلاماً وعدالةً وازدهاراً في المنطقة، وعلاقات ندية وتعاون مع العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة العربية ــ الإسلامية والنهج الجديد القمة العربية ــ الإسلامية والنهج الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon