توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدول العربية والخروج من الاضطراب

  مصر اليوم -

الدول العربية والخروج من الاضطراب

بقلم - رضوان السيد

ليس بالوسع المجيء بجديد في قراءة الأوضاع بدول الاضطراب الأربع: العراق ولبنان وليبيا واليمن. وفي الدول الثلاث الأولى فإنّ الاهتمامات منصبّة ظاهراً على إجراء الانتخابات بوصفها المَخرج السلمي الذي يستسهل الجميع اللجوء إليه، وإن كانوا ينقسمون على جدواها بعد حصولها وأحياناً قبل حصولها كما في حالة ليبيا.

في العراق كان الانقسام موجوداً قبل الانتخابات النيابية، لكنه تفاقم بعد حصولها لمفاجآت نتائجها. وقد حصل اختراقٌ ثانٍ لصالح مقتدى الصدر عندما نجح في تفويز حليفه لرئاسة مجلس النواب. بيد أنّ الانقسام يتصاعد على المنصبين الآخرين: رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وهذا كله معروفٌ ولا جديد فيه يمكن قوله. بيد أنّ الخلفيات واضحة؛ فالإيرانيون الذين لم ينجحوا (للمرة الأولى) في تقسيم السُنة، نجحوا في تقسيم الأكراد. إذ الواضح أنهم بعدما فشلوا في التأثير على الصدر والبارزاني، ضغطوا لكي يبقى برهم صالح رئيساً للجمهورية للمرة الثانية. وقد كان الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الحزب الذي ينتمي إليه برهم صالح في الأصل دائماً أقرب إلى إيران من حزب البارزاني. ولذلك فإنّ احتجاج هوشيار زيباري، مرشح البارزاني، لمنع المحكمة الاتحادية له من الترشح بحجة أمانته للدستور ولوحدة العراق، يثير الابتسام. وذلك لأن البارزاني هو الذي أجرى الاستفتاء على الانفصال وإعلان الدولة الكردية المستقلة 2016 – 2017، وما وقف الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران مع برهم صالح من أجل «أمانته» لوحدة العراق، بل للإرغام على التفاوض على الحكومة ورئيسها. فالعبرة بالمآلات، وهي الحكومة التي تتولى السلطة التنفيذية القوية، وليست رئاسة مجلس النواب أو رئاسة الجمهورية، وهما متروكتان للأقليتين السنية والكردية! فإلى ماذا يؤول النزاع؟ يؤول إلى العجز عن تشكيل حكومة الأغلبية الصدرية لصالح حكومة «التوافق» التي يطالب بها الإطار التنسيقي شأن الحكومات السابقة! إنما حتى لو حُلّت هذه المشكلة بأي شكل؛ فإنّ مشكلات العراق الأخرى الاقتصادية والأمنية تظل مستعصية على الحلّ، وإلاّ فما معنى أن تكون بغداد عضواً رئيسياً في محور الممانعة الذي تقوده إيران، ويستحيل لديها الاعتراف بسيادته واستقلالية قراره؟!
ولنمضِ مباشرةً إلى لبنان متجاوزين سوريا التي يتجمد فيها كل شيء. في لبنان كل القوى التغييرية، كما تُسمَّى، تأمُلُ أن يتحقق التغيير المنشود من طريق الانتخابات. وحتى «التيار الوطني الحر»، حزب رئيس الجمهورية والذي لا يريد الانتخابات بسبب انهيار شعبيته بين المسيحيين، يتظاهر علناً بالحرص على إجرائها، أما الحزب المسلَّح وهو بيضة القبان في النظام المتهالك فإنه يأخذ للأمر عُدّته، ويحشد ويُرشّح ويبحث عن الأنصار والحلفاء. ويبشر بأنّ الانتخابات لن تُغير كثيراً، وأنه سيكسب المزيد عند السنة والمسيحيين. وبخلاف العراق حيث لا تزال المؤسسات الدستورية تتمتع ببعض الاحترام؛ فإنّ الأكثرية النيابية في لبنان ولو جاءت لغير صالح الحزب والعونيين؛ فإنها لن تعني شيئاً ما دام سلاح الحزب موجوداً وكذلك هيمنته: فلماذا تجري الانتخابات إذن ولماذا هذا الحماس لها؟ العارفون يقولون إن الحزبيين هم المتحمسون، أما الجمهور فهو غير مبالٍ؛ بل هو منهمكٌ بتدبير أمور معيشته. وإلى ذلك يقال إن المهاجرين الذين سيصوّتون بكثافة، هم الذين سيؤثرون في التغيير، بينما يصرُّ كثيرون على أنّ الانتخابات لن تجري، من دون أن يستطيعوا ذكر الأسباب وهل هي أمنية أم سياسية أم الأمران معاً؟! هل ستخفّف الانتخابات من الانقسامات أو تغيِّر الأحوال الاقتصادية والنقدية؟ بالطبع لا، ولذا ما فائدة الانتخابات؟ الانتخابات تبقى ضرورية وإن لم تحقق أهدافها في تغيير الحكومة أو النظام لأنها الوسيلة السلمية الوحيدة لبعث الآمال في إمكان الخلاص من العصبة المسلحة! لكنّ الفضوليين يسارعون للقول: التغيير بالانتخابات ضروري، إنما كيف؟! وهكذا فلبنان عالق مثل العراق وأكثر، للافتقار إلى المؤسسات المسيطَر عليها والمفاوضات على حُسن النية، وهي غير متوافرة بالطبع!
بالذهاب إلى ليبيا نكون قد وصلنا إلى المحطة الثالثة في الدول العربية المضطربة التائقة للانتخابات. لقد تمّت عدة مؤتمرات وتفاهمات عربية ودولية لجعل الانتخابات نهايةً لعهود الفوضى والاضطراب، وجرى رسم المسار الدقيق الذي يؤدي إليها. وقد بلغ من تصديق الليبيين لموعد إجراء الانتخابات للبرلمان والرئاسة، أن ترشح من بينهم زُهاء المائة للرئاسة (!). حتى إذا دنا موعد الانتخابات صارت الأكثرية ضدها رغم الإصرار الدولي والجماهيري. وبالفعل لم تجرِ الانتخابات، وكان على الحكومة السعي من جديد للعودة إلى المسار الانتخابي، لكنّ البرلمان تدخّل بعد أن كان قد سحب الثقة من الحكومة، فولّى وزير الداخلية السابق رئيساً للحكومة الذي انصرف إلى تشكيل حكومته العتيدة، بينما ثار رئيس الحكومة الأولى ورفض الاعتراف بأفعال البرلمان، وقال إنه باقٍ لحين إجراء الانتخابات!
في كل واحدٍ من البلدان الثلاثة، يتهدد الاستقرار الأمني إذا وقعت العملية في أحد المطبّات. وفي البلدان الثلاثة أوضاع اقتصادية سيئة جداً، لا يحسّنها إجراء الانتخابات أو تأجيلها.
واليمن، وهو البلد الرابع المضطرب، هناك حرب دائرة لم تخمد منذ أكثر من سبعة أعوام. وقد ذهب ضحيتها مئات الآلاف، وتهجر الملايين، بحيث قيل إنّ اليمن هو سوريا الثانية. ويوشك اليمنيون الوطنيون المقاتلون أن يضطروا إلى تحرير بلدهم بالمتر من التنظيم الإيراني الذي سيطر سيطرة «حزب الله» في لبنان. ولا أمل في هدوءٍ قريب يمهّد لحلّ سياسي.
وتبقى سوريا وقد تجمد ملفها على التدخلات الإيرانية والتركية والروسية والأميركية، وتهجّر نصف شعبها دونما أملٍ في العودة حتى من الأردن المسالم للنظام الخالد. لقد تغير في سوريا كل شيء إلاّ رئيسها العصيّ على التغيير لأن خامنئي «يحبه» وهو سبب وجيه، لكنّ الرئيس بوتين ليس أقلّ حباً!
هل استحقّ الأمر مراجعة بالفعل؟ يستحق الأمر المراجعة دائماً لأنّ الموضوع موضوع شقاء مائة مليون عربي في البلدان الأريعة. ولأنّ الانقسامات ما كان لها مبرر لولا التدخلات الإقليمية والدولية التي لا تنتهي. وأخيراً لأنّ الجهات السياسية والأمنية في البلدان المذكورة تلعب مع المتدخلين الأجانب بحماس كأنما روسيا وإيران وتركيا وأميركا أطراف محلية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدول العربية والخروج من الاضطراب الدول العربية والخروج من الاضطراب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon